عندما يكون الواعظ الناصح قاتلا مجرما، كل فتواه التحريض على القتل ذبحا وتفجيرا وحرقا وردما، فكيف للناس أن تصدقه وتنصت إلى مواعظه وفتواه، وما يبديه من آراء حيال القضايا العامة، والقرارات المصيرية؟ كيف لشخص يهدد بحرق البلاد والعباد إذا لم يفز فى انتخابات ما، أو يحصل على غنيمة بعينها، أو يُرفض له طلب، أن يكون مصدرا ملهما لمعلومة، أو ناصحا أمينا فى قضية عامة، سياسية كانت أو اقتصادية واجتماعية وغيرها من المجالات!
كيف أسلم عقلى لأعضاء وقيادات ومتعاطفين مع جماعة إرهابية، الاختلاف معها كفر، ومعارضتها، قتل ذبحا وقطع رقاب، وعدم الرضوخ لقراراتها لعنة فى الدنيا، وجحيم فى الآخرة كونها تنصب نفسها المالكة الحصرية لمفاتيح الجنة والنار، وصكوك التوبة والغفران، ثم أصدق أن هؤلاء هم أنفسهم يريدون لنا الخير، وأن نواياهم صافية، وأنهم مسخرون لتقديم المن والسلوى للناس، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أنه وطوال ما يقرب من مائة سنة، أى قرن من الزمان، لم نضبطها متورطة فى تقديم عمل خيرى واحد لا يخدم مصالحها الباحثة عن السلطة والجاه وحكم العالم!
جماعة الإخوان، ومنذ تأسيسها فى يوم أسود من سنة السواد 1928 وقد سخرت نفسها للتنكيل والانتقام من المصريين، واعتبارهم مجرد وقود لنار معاركها الوهمية لتأسيس كيانها الوهمى «أستاذية العالم» وارتكبت من الموبقات قتل وتفجير وتنكيل وخيانة وتآمر بالارتماء فى أحضان كل الأعداء، وأن حصر جرائمها من الصعوبة بمكان أن تستوعبه هذه المساحة، بل يحتاج الأمر إلى مئات المجلدات، لكن نذكر بعضا منها لتوضيح عقيد الإخوان، ومنهجهم وأدبياتهم الفاسدة القائمة على الحرق والخراب والدمار.
نبدأها بارتكاب جريمة حريق القاهرة فى 1952، ورغم محاولات الجماعة المستميتة فى إزاحة هذا الاتهام الواضح الجلى من فوق أكتافها، إلا أن كثيرا من المؤرخين الموثوق فى تعاطيهم مع التاريخ وأحداثه، والحيادية الشديدة فى التناول، والانتصار للعلم عند التأريخ، استقر يقينهم بأنهم شاركوا فى حريق القاهرة 1952، وذلك لخدمة الإنجليز، حيث كانت المواجهات على أشدها بالقنال فى تلك الفترة، والمصريون يكبدون المحتل خسائر فادحة، فقرروا إحراق القاهرة، وأناطوا التكليف لجماعة الإخوان، صنيعتهم، وأن حريق سينما ديانا فى القاهرة، أثبت تورطهم علنيا فى الحريق، وأخرجوا شرائط الأفلام من السينما وحطموا المقاعد. ثم هاجموا كازينو «احكى يا شهر زاد» فى الجهة المقابلة، وهو ما جاء على ألسنة شهود عيان من العاملين بالسينما والكازينو، والذين أكدوا أن سيارات تابعة لحزب مصر الفتاة الذى كان مقربا من جماعة الإخوان، كانت تتجول فى العاصمة، وتوزع المولوتوف لإشعال الحرائق.
والتأكيد جاء على لسان القيادى الإخوانى المنشق ثروت الخرباوى، عن مشاركة الجماعة فى حريق القاهرة، كاشفا أن الأوامر جاءت إلى جماعة الإخوان لتنفيذ الجريمة النكراء.
أيضا التحقيقات الشرطية والقضائية التى جرت عقب الحادث البشع، مع إبراهيم شكرى رئيس حزب مصر الفتاة حينذاك ثم حزب العمل فيما بعد، والمعلوم عنه تحالفه التاريخى مع الجماعة، قد ألمح كثيرا عن اضطلاع الإخوان فى حريق القاهرة وكان لهم دور واضح فى إشعال الحرائق، وهى الشهادة المتفقة مع أكده بعد ذلك عبدالمحسن حمودة وكيل الطليعة الوفدية خلال حقبة الأربعينيات من القرن الماضى.
حريق القاهرة 1952 هو حادث تورطت فيه جماعة الإخوان، بجرائم مركبة، جريمة حريق وطن ومقدراته، وجريمة تنفيذ تعليمات المحتل الإنجليزى، وتمكين الإنجليز من البلاد ووأد حراك المصريين لطرد المحتلين!
وإذا كان البعض من المتعاطفين مع الجماعة، يشكك فى مشاركة الإخوان فى حريق القاهرة 1952 باعتباره وقع فى زمن بعيد، تجاوز نصف قرن، وقرائن الصورة حينها كانت قليلة، فنسوق لهم بالأدلة تدبيرهم جرائم الحرق والقتل والتدمير، حديثا، خلال العشر سنوات الماضية، وإن زادت قليلا، مع توافر القرائن من صوت وصورة.
الدليل الأول: أحداث شارع محمد محمود ومحاولة اقتحام وزارة الداخلية، حيث شاهدنا مشاركة الجماعة صوتا وصورة على مدار أيام وهى تشعل النار وتلقى بالمولوتوف على المؤسسات العامة، ومنها وزارة الداخلية، وتطلق الرصاص والخرطوش على الشباب، ما أسفر عن سقوط ضحايا.
الدليل الثانى: أحداث مجلس الوزراء وحريق المجمع العلمى، وهو الجريمة الموجعة لقلب الوطن.
الدليل الثالث: أحداث العباسية ومحاولة اقتحام وزارة الدفاع، عمود خيمة الوطن، وما أعقبها من أحداث الكر والفر ومحاولة القتل وإشعال النار.
الدليل الرابع: وهو سيد الأدلة، عندما هددت جماعة الإخوان علنيا وأمام الشاشات، شاهدها الجميع فى الداخل والخارج، بحرق مصر لو سقط محمد مرسى العياط فى الانتخابات الرئاسية 2012 أمام منافسه أحمد شفيق، والتأكيد أن لديهم 100 ألف مقاتل سيتحركون فورا لإشعال النار لتقضى على الأخضر واليابس فى هذا الوطن.
الدليل الخامس: الحرائق والتفجيرات التى أعقبت فض اعتصام رابعة فى منتصف أغسطس 2013 ومحاولة الإرهابيين تدمير البلاد، وإحداث فوضى عارمة.
هذا غيض من فيض عقيدة ودستور وأدبيات الإخوان، القائم على القتل والحرق والدمار، فكيف لمثل هؤلاء أن يدلوا بدلوهم فى قضايا وطنية، تحت زعم الخوف على مصلحة الوطن والمواطنين؟!
أصحاب العقول، والذين يتمتعون بمنسوب الوعى المرتفع، لا يمكن أن تنطلى عليهم آراء هؤلاء مهما كانت مغلفة بورق السوليفان الشيك!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة