هناك الكثير من المبررات التى يسوقها «عمقاء الدونية» ممن يستهلكون الشائعات، وأحيانا يتعمدون ترويجها ونشرها، مثل السفينة المزعومة، بالذات وربما حولها ما تردد حول بحيرة البردويل أو الأورمان أو غيرها من الشائعات التى انطلقت واتضح أنها محض كذب، وهنا أنواع ممن يروجون هذا، أدوات وتابعو الجماعة، ثم العقماء مدعو المعرفة ممن ثبت كذبهم وتفاهتهم منذ ما بعد يناير ويونيو، ثم الضائعون الدونيون الذين يختفون خلف مواقف ملتبسة.
من بين المبررات أن هناك دائما تأخيرا فى تحرك الجهات المسؤولة لإعلان الحقيقة وإصدار بيانات، وهو أمر وارد لكنه لا يبرر الوقوع كل مرة فى ترويج وإعادة نشر أخبار مغلوطة وأكاذيب، لكن أغرب تبرير هو أن هناك فقدان ثقة فى الجهات المسؤولة، وهو عذر أقبح من ذنب، لأن نفس هؤلاء المدعين فى الواقع يروجون شائعات وأخبارا يطلقها الاحتلال الإسرائيلى، حدث هذا مرات حول إغلاق المعبر أو فتحه، وهنا لا علاقة بوجود اختلاف أو خلاف فى التوجه أو حتى غضب على الجهات المسؤولة وبين ترويج شائعة تمثل نوعا من الادعاءات الضارة بالشخص نفسه الذى يدعى، لكن من يبررون الترويج أنهم يكرهون الحكومة أو غيرها هم فى الواقع يكرهون الدولة والشعب ويكرهون أنفسهم ويعجزون عن فهم أو تفهم الحرب التى يتساقط فيها الأبرياء بلا أى عائد غير بيانات بائسة وصور وفيديوهات مشكوك فيها.
هناك الكثير من الأخبار الكاذبة تنطلق وتجد لنفسها مكانا فى حسابات مواطنين يقدمون أنفسهم على أنهم بالغون عاقلون، بل وبعضهم يزعم أن لديه رأيا وأفكارا وعقلا كبيرا، لكنهم فى الغالب يقصدون بالعقل الكبير الوزن وليس التفكير، بل إنهم وهو يتبنون نظرية المؤامرة يرفضون تصديق أن هناك حربا تدور على جبهات متعددة، وأن حفاظ الدولة على استقرارها ووجودها، هو أمر يتم بصعوبة وبناء على جهود وتحركات وليس بطريقة نشر وكتابة بوستات تافهة على مواقع التواصل، والدليل على سوء تقديم مروجى ومستهلكى الشائعات أنهم لا يعتذرون عن ترويج الكذب، بل وربما يفرحون ويتمنون صحة هذا، وهو شعور لأعداد من تابعى وأدوات منصات الكذب، وهو من كانوا يروجون أكاذيب التنظيمات الإرهابية، وهم من يصدقون قنوات ومنصات تنفخ وتكذب وتروج وتستضيف خبراء من جهة الاحتلال.
والواقع أن الحملات التى تنطلق من زوايا ومنصات مجهولة ، لها أهداف وبالرغم من فشلها على مدى سنوات فإنهم يكررون العملية، رهانا على عدد من كارهى أنفسهم ومدعى النضال الزائف، ممن فقدوا أهميتهم ويريدون البحث عن أى تلميع، هم من روجوا أكاذيب إسرائيل من قبل، ويتبنون كلاما خشبيا سطحيا، وهم أنفسهم الذين سبق وروجوا شائعات عن الوضع الصحى فى أسوان قبل مدة بسيطة وتصدى لهم أهالى أسوان أنفسهم وكشفوا أن الهدف هو ضرب موسم سياحى، وانتبهوا إلى أن هناك حملة خبيثة لخلط الأوراق وإشاعة الرعب لتخويف السائحين القادمين، وخرجوا فى فيديوهات من مناطق مختلفة ليؤكدوا سلامة المياه، وسوء نية كل من روج هذا، ونفس الأمر فى كثير من الحالات.
ولا يمكن إنكار أن هناك بعض التفاصيل والقرارات التى تجد اختلافا حولها، وهو أمر مشروع حتى لو وصل إلى حد الهجوم، وأيضا مطالبة الحكومة والجهات المسؤولة بسرعة الرد والتفاعل ببيانات ومعلومات تقتل الشائعات، لكن كل هذا لا يبرر سقوط نفس الأشخاص فى نفس «البلاعة» فى كل مرة.
ومعروف أننا فى عصر المنصات والنشر الكثيف، تتداخل الحقائق والأكاذيب، والمعلومات بالشائعات، مشكلاتنا واضحة ومعروفة، وهناك الكثير من القضايا الحقيقية تستحق الكلام والنقاش والاختلاف حولها بشكل يومى، وهى قضايا تستحق ولا يمكن لوم من يطرحها، لكن الشائعات والأخبار المغلوطة أو المغسولة وتحمل عنوانا وتفاصيل كاذبة، فهى التى تنطلق من كارهين ومنصات كاذبة، ومن يروجها بسوء نية معروف، أما حسنو النية فهم يشاركون فى الإضرار بأنفسهم أولا.
مقال أكرم القصاص