على مدار التاريخ، صنع "الكيف" تاريخ البشرية، فرغم الصورة النمطية على أنه مجرد حالة مزاجية خاصة بمجموعة من الأفراد، إلا أنه أكثر من ذلك وأنه عبر التاريخ أشعل حروبًا وأقام إمبراطوريات وأسقط أخرى، فكان الكيف على مدار عصور سببًا في اشتعال حروب وثورات.. وفي السطور التالية نرصد عدد من الحروب التي اشتعلت بسبب "الكيف"
حرب الشاي
شهد القرن التاسع عشر قطيعة دبلوماسية بين الصين والإمبراطورية البريطانية، ما دفع بريطانيا للبحث عن مصدر بديل للشاي. ولجأت شركة الهند الشرقية، المتحكمة فى التجارة العالمية آنذاك، لعالم النباتات الاسكتلندي، روبرت فورتشن، المعروف باهتمامه بجمع أنواع البهارات النادرة وبيعها للطبقة الأرستقراطية. وكُلف فورتشن بالذهاب متخفيا إلى الصين، وتهريب نبات الشاى للهند، لتكوين صناعة موازية.
ونجح بالفعل فى تهريب 20 ألف من النباتات والبذور من الصين إلى دارجيلينج، لكنه فوجئ بالشاى ينمو بشكل برى هناك، ويرجع الفضل لهذه العملية السرية فى تحول الهند إلى معقل لانتاج الشاى لاحقا.
كذلك كان للشاى دور كبير فى استقلال أمريكا عن بريطانيا فعندما أقدمت فئة أمريكية مُعتَرِضة على النظام الضريبي الذي فرضته الحكومة البريطانية بإتلاف شحنة كاملة من الشاي المستورد عام 1773، زادت حدّة التشنجات وأدى إلى اشتعال حرب الاستقلال الأمريكي.
حرب الأفيون الأولى والثانية
هى حرب دارت بين الصين الإمبراطورية المحكومة آنذاك من قبل سلالة تشينج وبريطانيا، وفى الثانية انضمت فرنسا إلى جانب بريطانيا، وكان السبب هو محاولة الصين الحد من زراعة الأفيون واستيراده، ما حدا ببريطانيا أن تقف فى وجهها بسبب الأرباح الكبيرة التى كانت تجنيها بريطانيا من تجارة الأفيون فى الصين.
استمرت حرب الأفيون الأولى عامين من عام1840 الى عام1842 واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين احتلال مدينة "دينج هاى" فى مقاطعة شين جيانج واقترب الأسطول البريطانى من البوابة البحرية لبكين، ودفع ذلك الإمبراطور الصينى للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية "نان جنج" فى أغسطس 1842. وفي الحرب الثانية استطاعت فيها القوات البريطانية والفرنسية دخول ميناء "جوانج شو"، والاتجاه نحو ميناء تيان القريب من بكين.
وبسبب هذه الحرب اضطر الإمبراطور للرضوخ للمطالب ووقع اتفاقيات "تيان جن" مع كل من فرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا والولايات المتحدة التى منحت امتيازات أكثر أهمها فتح المزيد من الموانئ، وارتفع عدد المدمنين فى الصين من مليونى مدمن عام 1850م ليصل إلى 120 مليونًا سنة 1878م، لكن حروب الأفيون لم تنته نهائياً إلا باتفاقية 8 مايو 1911.
حروب القهوة
شهدت بعض دول أمريكا الوسطى تحولات سياسية نحو الاشتراكية، سعى من خلالها بعض رؤساء تلك الدول لإنهاء هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات والرأسمالية على اقتصاد بلدانها، ففي سنة 1954، ساندت الولايات المتحدة الانقلاب العسكري الذي أطاح برئيس دولة غواتيمالا، جاكوبو أربينز غوزمان، الذي تم انتخابه ديمقراطياً، وذلك بعدما بدأ في منح أكثر من 100 مزرعة كبيرة لزراعة البُنِّ لتعاونيات فلاحية، وقد نصب الانقلابيون كارلوس كاستيلو أرماس رئيساً جديداً للبلاد، فقام بإلغاء الإصلاح الزراعي وطرد الفلاحين من تلك التعاونيات التي كانت قد مُنحت لهم، ما زاد من الغضب الشعبي تجاهه.
كما نشبت حروب أهلية مشابهة في دول مجاورة لغواتيمالا، وكنيكاراغوا والسلفادور، في سنوات 1970 و1980.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة