على الرغم من كثرة القوانين والأعراف الدولية، التي تحمى الصحفيين لدى أدائهم مهامهم في نقل الحقيقة، والتغطية الصحفية في أوقات النزاعات والحروب، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي ضرب بكل القواعد والقوانين والأعراف الدولية، عرض الحائط، ويواصل استهدافه للصحفيين، والتي كان أخرها، قتله لـ3 صحفيين في لبنان، في غارة جوية نهاية أكتوبر المنصرم.
ويستهدف الاحتلال الإسرائيلي بشكل خاص الصحفيين، ويحرص كل الحرص على عدم تمكنهم من أداء مهامهم، ونقل الحقيقة، على الرغم من أن الصحفيون بحكم وضعهم كمدنيين، يتمتعون بحماية القانون الدولي الإنساني من الهجمات المباشرة شريطة ألا يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية، ويصنف القانون الدولي الاعتداء على الصحفيين بأنه "جريمة حرب".
فالمادة 79 من البروتوكول الإضافي الملحق باتفاقية جنيف 1949 لحماية المدنيين بالنزاعات العسكرية نصت على أن الصحفيين المدنيين الذين يؤدون مهماتهم في مناطق النزاعات المسلحة يجب احترامهم ومعاملتهم كمدنيين، وحمايتهم من كل شكل من أشكال الهجوم المتعمد، شريطة ألا يقوموا بأعمال تخالف وضعهم كمدنيين.
استهداف الصحفيين في لبنان
إلا أن الاحتلال الاسرائيلي، يواصل نشاطه المتعمد والمستمر، في خرق كافة القوانين والأعراف الدولية، في كلا من قطاع غزة، ولبنان على حد سواء، ففي 25 أكتوبر الماضي، استهدفت غارة إسرائيلية، منزلا يقع خارج منطقة عمليات بعثة حفظ السلام التابعة لليونيفيل في لبنان، وأدت الغارة لاستشهاد 3 صحفيين، في حاصيبا في النبطية، وإصابة آخرين.
السيارات التي تحمل علامة "صحافة" التي كانت تقف أمام مقر إقامة الصحفيين الذين يمثلون عدة وسائل إعلام محلية وعالمية، لم تثنى الاحتلال الإسرائيلي، عن ارتكاب جريمته واستهداف مقر سكنهم بلبنان.
الغارة الإسرائيلية، أسفرت عن استشهاد 3 صحفيين، وإصابة 3 آخرين، وفقا لما أعلنته وزارة الصحة اللبنانية وقتها، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة، من الاستهداف الاسرائيلي للصحفيين، إذ أعرب مسئولون في الأمم المتحدة في لبنان عن قلقهم من استهداف الصحفيين، وأكدت الأمم المتحدة أن مثل هذه الوقائع تعنى هجوم على الحقوق الأساسية في حرية التعبير والإعلام.
الأمم المتحدة تدين الواقعة
وتعليقا على الواقعة، قال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، :"استهداف الصحفيين المحميين بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن حقوقنا الأساسية في حرية المعلومات والتعبير يتم استهدافها أيضا، ويجب على جميع أطراف النزاع الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي".
وندد زياد المكاري، وزير الإعلام، بمقتل الصحفيين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان، واصفا ذلك بـ"جريمة حرب".
وكتب مكاري على منصة إكس: "انتظر العدو الإسرائيلي استراحة الصحفيين الليلية، لكي يغدر بهم في منامهم، هذا اغتيال، بعد رصد وتعقب، عن سابق تصور وتصميم، كان في المكان 18 صحفيا يمثلون 7 مؤسسات إعلامية، هذه جريمة حرب".
وكانت مجموعة الصحفيين، ضحايا الغارة الإسرائيلية، تستخدم بلدة حاصبيا كقاعدة طيلة شهر أكتوبر الماضي، حيث كانوا ينامون فيها ثم يتجهون جنوباً خلال النهار لتغطية الحرب، ولا تتبع بلدة حاصبيا لحزب الله، وقد نجت إلى حد كبير من الضربات الإسرائيلية خلال العام الماضي، وانتقل الصحفيون إلى هناك بعد أن أصبح مكان إقامتهم السابق في الجنوب غير آمن بسبب تكثيف القصف الإسرائيلي، وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية.
85 % من جرائم قتل الصحفيين تمر دون عقاب
كشف تقرير جديد من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، أنه خلال الفترة ما بين 2006 و2024، قُتل أكثر من 1700 صحفي حول العالم، ولم تصل حوالي 85% من الحالات إلى المحكمة.
وسلطت اليونسكو، الضوء على المخاطر التي يواجهها الصحفيون، بما في ذلك المخاطر التي تهدد حياتهم، في اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، الذي يوافق الثاني من نوفمبر.
وسجل التقرير زيادة بنسبة 38% في عدد جرائم قتل الصحفيين، عام 2024، مقارنة بالدراسة السابقة.
وفي رسالته بمناسبة اليوم العالمي للصحفيين لعام 2024، أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى أن غزة شهدت أعلى عدد من عمليات قتل الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام في أي حرب منذ عقود، ودعا الحكومات إلى اتخاذ خطوات عاجلة لحماية الصحفيين والتحقيق في الجرائم المرتكبة ضدهم ومقاضاة الجناة.
وأشار جوتيريش، إلى أن الصحفيين في غزة قُتلوا على مستوى لم نشهده في أي صراع في العصر الحديث، مضيفًا أن الحظر المستمر الذي يمنع الصحفيين الدوليين من دخول غزة "يخنق الحقيقة أكثر".
وكشفت اليونسكو، أنه خلال الأيام الـ 380 الماضية، قُتل أكثر من 130 صحفيًا فلسطينيًا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية في غزة، وتابع بيان اليونسكو، المنشور عبر موقع المنظمة الرسمي،:" كانت هذه الأصوات تتحدث عن جرائم حرب محتملة، وتم إسكاتها قبل أن يتمكنوا من سرد قصصهم بالكامل".