تثير نتائج الدراسات الاعلامية وأراء الخبراء الإهتمام نحو ضرورة دراسة الاعلام المصري ودوره في تقديم نموذج صورة مصر في الداخل والخارج بالطريقة الصحيحة بالاضافة إلي الإرتقاء بثقافة الحوار بدلا من تزايد نسبة الإرتباك المجتمعي والاستقطاب وتصدير صورة مغلوطة عن الإنجاز المصري والواقع المصري .
والعديد من المؤشرات التي يتزايد معها الدعوة الي أطلاق إستراتيجية وطنية للإعلام المصري ،فهناك أولوية الآن في أن يساعد الإعلام المصري المواطن في ترتيب أولوياته بطريقة تسمح بالاصطفاف حول مشروع بناء الدولة من جهة بالإضافة الي نقل صورة مصرية إيجابية في الخارج .بدلا من التركيز علي تقديم قضايا سطحية وهامشية بعيدا عن إبراز عناصر النموذج المصري المتكامل في دوائره المتعددة عربيا وافريقيا ودوليا ،
كذلك تظهر الحاجة ماسة الي تجسيد قيم المواطنة وإحترام المرأة والأقليات وغيرها،فمعظم ما يقدم من تناول إعلامي في هذا الإتجاه هو عبارة عن خطابات وقتية ترتبط برد انفعالي إزاء أزمة طارئة أو حدث ما ، بينما لا ينطوي علي إلتزام حقيقي بتوجه إستراتيجي متكامل في تناوله لقضايا ومكونات الهوية الوطنية المصرية أو دعم مشروع الدولة المصرية .
ومن هنا تأتي الدعوة الي ضرورة الإنشغال و العمل علي تقديم إستراتيجية وطنية متكاملة للإعلام المصري من أجل تصحيح صورة الإنجاز المصري دعما للقيادة السياسية وفخامة السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في تحقيق مشروع بناء الجمهورية الجديدة والرد علي كل الإدعاءات الباطلة التي تلحق بمصر ورئيسها وشعبها في الخارج والداخل من خلال الحضور الإعلامي القوي والمؤثر والمحترم في كافة المجالات.
والمنطلقات الأساسية التي تبني عليها هذه الإستراتيجية المقترحة هي :
-أهمية تقديم صورة إيجابية للدولة من أجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية العليا للوطن.
-أهمية ومصداقية الإعلام المهني في القيام بتصحيح صورة الدولة ودعم خطط التنمية والبناء .
-أهمية إستثمار مفردات القوي الناعمة المصرية من إعلام وثقافة ومفكرين واقتصاديين من أجل نقل صورة إيجابية مشرفة لمصر وتطوير مستوي الأداء الإعلامي في الداخل .
-تعزيز قدرة الإعلام الوطني علي التشبيك داخليا وخارجيا بين قطاعات الدولة المختلفة الحكومية وغير الحكومية من أجل تحقيق أهداف الدولة ونقل صورة إيجابية عنها بالخارج وتطوير أداء الإعلام بالداخل والخارج .
-التكامل بين دوائر الحوار الثلاثة (الحوار الداخلي المصري- العربي والاقليمي والدولي ) من أجل تصدير صورة مصرية مشرفة أمام العالم الخارجي .
-مواجهة هذه الحالة من التخبط الإعلامي التي أفرزتها سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي والتي يفتقر معظمها الي المهنية وعدم التمسك بالاخلاقيات الإعلامية مما يؤدي الي عدم وضوح الرؤية في التناول الاعلامي و عدم الالتزام بنموذج الهوية المصرية في وقت أحوج ما تكون فيه البلاد إلي الإصطفاف حول المصلحة الوطنية والحفاظ علي الأمن القومي للبلاد .
إن هناك مسئولية مجتمعية حاكمة وضرورية للإعلام الوطني في أي دولة تواجه الأخطار داخليا وخارجيا مثلما هو الأمر في الحالة المصرية الأن ، حيث تزداد أهمية الإعلام الداخلي والدولي علي حد سواء كأداة هامة في تشكيل وعي ووجدان وسلوكيات أفراد المجتمع مع حدة الأزمات والصراعات الداخلية والخارجية التي يواجهها المجتمع المصري من جهة وتقديم صورة مصرية مشرفة من جهة أخري للرد علي الإدعاءات المغرضة المضللة التي تلحق بمصر.
ويأتي الإعلام كواحد من أهم أدوات المواجهة الفكرية في معركة بناء الأمة إضافة إلي دوره الهائل الأن في تشكيل وصناعة الرأي العام المصري والدولي، فالي أي مدي يكون هناك دور للإعلام المصري في تعزيز قيمة هذه الهوية الوطنية الجامعة التي تسعي إلي خلق اصطفاف وطني خلف مشروع الوطن ؟ فالإجابة واضحة في مدي الإهتمام الإعلامي الكافي بترسيخ مكونات هذه الهوية الوطنية في المجتمع ، وهو يحتاج الي تدعيم إما لعدم وجود الوعي بمفردات المشروع الوطني لهوية الدولة ، أو أن الأداء الإعلامي في معظمه يخضع لمتغيرات سريعة تكنولوجية ورقمية وقيمية صعب السيطرة عليها مما قد يعرقل دور الإعلام ومهنيته في دعم مشروع الدولة والهوية الوطنية في المجتمع المصري .
هذا المشهد يفرض تحديا حقيقيا لإثبات مدي وطنية وجدية الإعلام المصري في السعي إلي تقديم خطاب جديد خلال فترات الأزمات والمواقف الإجتماعية الصعبة لتقليل الإختلافات بين أعضاء المجتمع المصري وتعزيز معدلات الإصطفاف الوطني وراء مشروع الدولة.
فمصر الآن أحوج ما تكون إلي إطلاق إستراتيجيّة وطنية إعلامية تتبني فكرة تعزيز الهوية الوطنية والاصطفاف حول المشروع الوطني للدولة ، ومقاومة اي أدوات ذاتية المصالح ولو كان الأمر بحسن النوايا .
وهنا تأتي المبادرة في اطلاق مشروع إستراتيجية إعلامية وطنية تسعي الي إعادة بناء أبعاد ومكونات الهوية في المجتمع المصري ونشر قيمها داخل المجتمع المصري من أجل تحقيق هذا الإصطفاف الوطني.
وتسعي هذه الإستراتيجية المقترحة إلي تعزيز آليات تدعيم مشروع الدولة المصرية وتقديم رؤية واضحة والإبتعاد عن التوجهات المتباينة للسياسيات الإعلامية التي من شأنها تقديم تفسيرات مختلفة لا تدعم الهوية الوطنية.
والأمانة تقتضي القول بأن مسئولية إطلاق إستراتيجية بهذا الطرح ليست مسئولية الجماعة الإعلامية بمفردها وانما هي مسئولية مشتركة للجميع يتقدمهم صانع القرار السياسي في الدولة من أجل رسم ملامح هذه الإستراتيجية بشكل علمي ومدروس ومعلن للجميع قابل للتطبيق كل في مجال تخصصه .
إننا في حاجة ماسة الي إبراز المشروع المصري الحالي في وسائل الإعلام المصرية والعربية والدولية بطريقة مهنية وموضوعية تظهر المشروع التطويري المصري وهو ما قد يتطلب معه توظيف كافة آليات زيادة الإنتماء للوطن والعمل علي النهوض به وإبراز القواسم المشتركة التي من شأنها إحداث حراك مجتمعي متجانس مكمل لدعم ترسيخ صور ذهنية قومية إيجابية في تقديم صورة مصر أمام العالم من خلال خطابات الإعلام الموجهة للداخل أو الإعلام الدولي علي صعيد الدوائر الخارجية والداخلية .
وهو أمر لن يمكن ان يتحقق من خلال جهود متناثرة وإنما من خلال إستراتيجية إعلامية وطنية روحها في المقام الاول هو بناء الانسان المصري من أجل بناء الجمهورية الجديدة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة