مثل كل الأشياء التي يحكمها الطبع الأصيل، يظل الطعام جيدًا حينما يعبر مظهره عن جوهره دون إسراف، فلماذا يشعر الواحد منا اليوم بالقلق من مشاهد الأكل الباذخة التي انفجرت في وجوهنا على هيئة صوانٍ عجيبة وكأنها إحدى ولائم الجاهلية؟!.. قديما قالوا إن "العين تأكل قبل الفم أحيانًا" في دلالة على أهمية ملاءمة الجوهر للمظهر حتى لو كانت قطعة جبن وثمرة طماطم، واليوم أصبح المظهر مسرفًا في جذب الاشتهاء دون جوهر يذكر، وكأنه دليل على حالة الميوعة التي تتجه لها الأذواق بحثًا عن مطاردة الموضة وإرضاء النهم، فطوبى لهؤلاء الذين يفضلون الأكلات البسيطة الواضحة وسط كل الدعايات الصارخة لبيوت المندى وواحات المشاوى المتناثرة في ربوع البلاد.