تتسارع الأحداث من حولنا في المنطقة يوماً تلو الآخر وسط متغيرات وتطورات كبيرة وخطيرة لم يتخيل أحد أن تصل الأمور إلى ذلك في هذا الوقت القصير، فرأينا على مدار الأيام الماضية ما تتعرض له دولة سوريا الشقيقة من ظروف دقيقة وتاريخية صعبة للغاية، جعلتها معرضة لخطر التفكك والتقسيم لتواصل سوريا الشقيقة السقوط والانهيار المتواصل على مدار الثلاثة عشر عاماً الماضية بعد أن أصبحت مسرحاً للقتال والعمليات ودخول عناصر أجنبية وميليشيات وهجرة الملايين من أبنائها للخارج.
واليوم أصبحت سوريا الشقيقة مهددة بالمخاطر الشديدة أكثر من أي وقت مضى، في ظل استغلال الاحتلال الإسرائيلي للأحداث والاستيلاء على بعض المناطق السورية وهى المنطقة العازلة مع الجمهورية العربية السورية والمواقع القيادية المجاورة لها، بما يمثل احتلالا لأراض سورية، ويعد انتهاكا صارخا لسيادتها ومخالفة صريحة لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974، فدولة الاحتلال الإسرائيلي تواصل مخالفة وانتهاك القانون الدولي وتنتهك وحدة وسلامة الأراضي السورية، انتهازا لحالة السيولة والفراغ في سوريا لاحتلال مزيد من الأراضي السورية لفرض أمر واقع جديد على الأرض بما يخالف القانون الدولي، وهو ما أدانته الدولة المصرية بشكل صريح وعلى المجتمع الدولي أن يضطلع بمسؤولياته بالتصدي للانتهاكات الصارخة للاحتلال الإسرائيلي.
وباتت هذه اللحظة شديدة الخطورة أكثر مرحلة تتطلب من الشعب السوري الشقيق بكافة أطيافه أن يحافظ على تماسك جبهته الداخلية للحفاظ على وحدة سوريا وتكامل أراضيها والتصدي لأي محاولات للتعدي على سيادتها، في هذا الصدد أثمن موقف الدولة المصرية تجاه الأزمة السورية والنابع من مواقف مصر التاريخية في مساندة ودعم استقرار وأمن الدولة العربية وحرصها على الحفاظ على الأمن القومي العربي، وترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة التي تشهد تحديات جسيمة وخطيرة غير مسبوقة في ظل تسارع الأحداث واتساع بؤرة الصراعات والحروب.
فالدولة المصرية تؤكد وقوفها إلى جانب الدولة والشعب السوري ودعمها لسيادة سوريا ووحدة وتكامل أراضيها، ودعت جميع الأطراف السورية بكافة توجهاتها إلي صون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، وذلك من خلال توحيد الأهداف والأولويات وبدء عملية سياسية متكاملة وشاملة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلي، واستعادة وضع سوريا الإقليمي والدولي، وعلى الأطياف السورية كافة أن تعمل على ذلك ويكون هدفها الأسمى حاليا الحفاظ على تماسكها الداخلي ووحدتها والتصدي لأي محاولات للمساس بوحدة وسيادة الدولة السورية.
على الجميع الآن والمجتمع الدولي أن يسارع في تقديم يد العون للدولة السورية لإنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، والعمل على تعزيز الأمن والاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري، وعلى مجلس الأمن والقوى الدولية الاضطلاع بمسئولياتها واتخاذ موقف حازم من الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية على سوريا، بما يضمن سيادة سوريا على كامل أراضيها.
اليوم وأكثر من أي وقت مضى على الوطن العربي أن يدرك خطورة الموقف ودقته ومواجهة شبح التقسيم وتفكيك الدول العربية الذي بات يهدد الجميع، فلا أحد يتصور أنه بمنأى عن هذا الخطر، ما يحدث في المنطقة ينذر بعواقب وخيمة وشديدة الخطورة تأثيراتها السلبية وتداعياتها تهدد الجميع، وهو ما تحذر منه الدولة المصرية مراراً وتكراراً كل يوم من أن تساع بؤرة الصراع في المنطقة يضر الجميع.
فقد رأينا على مدار السنوات الأخيرة كيف يتم تنفيذ مخططات تقسيم وتفتيت الدول في المنطقة وخاصة الدول العربية، وأن الخطر الأكبر هو تفكيك وتفتيت الجبهة الداخلية في أي دولة وزرع الفتن والانقسام بين القوى الداخلية لإضعاف الدول داخليا، ورأينا كيف دفعت الدولة السورية الشقيقة الثمن وما تشهده جبهتها الداخلية من انقسام وتفكك، ورأينا على مدار العقدين الماضيين ما تعرضت له دولة العراق الشقيقة وما شهدته ليبيا واليمن وسوريا وما يحدث حاليا في لبنان، وهى كلها ضمن المخططات الشيطانية للكيان الصهيوني والقوى الغربية الاستعمارية لتفكيك الدول العربية وانهيارها لحماية الابن المدلل إسرائيل وحماية مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط وكأنها تورتة يريد كل طرف أن يأخذ نصيبه منها.
على الشعوب العربية أن تكون يقظة وتدرك حجم هذه المخاطر وأهمية الحفاظ على الأوطان واستقرارها، فمخططات التقسيم وتفكيك الدول عادت اليوم أخطر من أي وقت مضى، الحفاظ على استقرار الدولة ووحدة الجبهة الداخلية وتماسكها ضرورة قصوى في أي دولة في المنطقة، وأن يعمل الجميع على تغليب المصلحة العليا للبلاد والتصدي لهذه المخططات التي تريد القضاء على الوطن العربي.
ونحن في مصر لسنا ببعيدين عن الأحداث، فمصر تتأثر بما يحدث من حولنا من صراعات وحروب، والدولة مستهدفة طول الوقت ضمن هذه المخططات وعلى مدار سنوات طويلة كانت هناك محاولات لتنفيذ مخططات لضرب استقرار الدولة المصرية وتهديد أمنها ولكن بفضل الله عز وجل ووحدة وتماسك الجبهة الداخلية ووقوف الشعب المصري خلف الدولة والقيادة السياسية أصبح الصخرة التي تتحطم عليها آمال ومخططات قوى الشر وأعداء الوطن.
واليوم علينا أن تتماسك داخليا أكثر وأكثر وأن تظل دائماً يدا واحدة وأن يصطف الجميع خلف القيادة السياسية ومؤسسات الدولة وندعم أي تدابير تتخذ لحماية الأمن القومي المصري والتصدي لأي مخططات للنيل من أمن واستقرار الوطن، والجماعات الإرهابية وقوى الشر لا تتوقف عن نشر الشائعات والأكاذيب عن الأوضاع في الدولة المصرية، وهو ما يخدم على المخططات الصهيونية والقوى الغربية الداعمة لإسرائيل لإضعاف الدول العربية ومنها مصر، ونرى جميعاً ما تتعرض له الدولة المصرية الآونة الأخيرة من حصار اقتصادي ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى ووقوف الشعب المصري على قلب رجل واحد مع الدولة لن يستطيع أحد أن ينال من مصر وأمنها القومي واستقرارها.
فما يميز الشعب المصري دائماً أنه شعب واعي ومدرك لأهمية الحفاظ على وطنه ويدرك قيمة الوطن وأن تعيش في بلد آمن ومستقر، فنعمة الوطن لا تساويها ولا توازيها نعمة، لذلك مصر دائماً قبلة الجميع وتفتح أبوابها للجميع لأنها بلد الأمن والأمان وستظل إن شاء الله، فلم تفلح مخططات قوى الشر في نشر الفوضى والإرهاب في مصر واستطاعت بفضل وعي الشعب المصري وبسالة وقوة القوات المسلحة المصرية الباسلة والشرطة المصرية القضاء على الإرهاب، وستستطيع مصر دائما أن تتصدى لأي مخططات للنيل منها، وتواجه التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقادم أفضل إن شاء الله.. فلدينا شعب واعي وقيادة سياسية مخلصة للوطن وجيش قوي.. حفظ الله مصر وشعبها.