على غير العادة استيقظت فجرا رغم أن الحفل سيبدأ في الثانية ظهرا، كنت جهزت ملابسي ومتعلقاتي ليلا وكأني طفل يستعد لرحلة في المدرسة، غادرت ألاء إلى الفندق في السابعة صباحا ولحقت بها في الساعة العاشرة أنا في قمة سعادتي، كنت أتصور أن اليوم سيمر بلا دموع، لكننى ضعفت، لم اشعر بنفسى طيلة الفرح، لم أرى كثيرا من تفاصيله، كنت في حالة توهان، أنا لا أعرف كيف أسأل عن التفاصيل بعد انتهاء الفرح.
قارب الحفل على الانتهاء، قبل أن تحدث المفاجأة، المنظمون ألزمونى بالرقص مع قرة عيني على أنغام تتر "أبو العروسة" للمطرب مدحت صالح، والتي تقول كلماتها:
بِنْتُي وَحَبيبَتُي و كُلُّ حَاجَة فِي الدُّنْيَا لِيَا
مَعْقُولُ كَبُرَّتِي وَالْعُمَرِ عُدَّيْ بِالسَّرِعَةِ دِيَا
ده انا لسه شايفك بالضفاير
بتجري جنبي وتلعبي
انده عليكي بسرعة تجري
في حضني تيجي وتهربي
أهو انهارده بقيتي أحلي عروسة ممكن تشوفها عيني
واليوم ده أجمل يوم في عمري حلمت بيه أنا طول سنيني
ولو لقيتي دموع في عيني
ده عشان هتمشي وتسيبني.
كنت أتمنى أن تنتهى الأغنية سريعا، حتى اتماسك، فمثلى لا يحب الظهور ضعيفا، وانتهت الأغنية وبعدها بلحظات غادر العروسان القاعة وتوجهت معهما إلى الفندق، وودعت ابنتى ورجعت للمنزل، ومن وقتها أعانى حزنا غريبا، ورغم مرور 5 أيام أشعر كأنهم دهرا.
في البيت أتجول وأنظر إلى غرفتها، وأتفحص سريرها، وما تبقى من متعلقاتها، وهى سلوكيات غريبة ما فعلتها من قبل، لا أعرف سبب ما أنا فيه، أليست هذه أمنية كل أب؟ نعم كانت أمنيتي لكن لآنها سنة الحياة، ولولا ذلك ما سلمتها لرجل غيرى فأنا الوحيد الذى يحبها بصدق، حب بلا مقابل، أنا حمايتها وحصنها وسندها، وهى مصدر أمنى وأمانى وسعادتى.
إن ألما ممزوجا بسعادة يسطر على حياتى، لا أعرف ربما كنت انانيا، ربما كنت خائفا عليها، أنا لا أعرف على وجه الدقة، إنها مشاعر متضاربة، أنا نفسى لا أفهمها، أنا لا أعرف مسببات ما اشعر.
عندما عدت من الفندق واسترخيت في السرير بدأت الذكريات تلاحقنى ولا زالت، أذكر كما لو كان بالأمس لحظة خبر ميلادها ولحظة رؤيتها لأول مرة، وأيامها الأولى في الحياة، كنت حريص على الاختفاء بها، وكنت التقط لها الصور وأدون على ظهر كل صورة عمرها باليوم والشهر.
آلاء عبده زكى، فرحة عمرى، دائما أسميها، حكاية نص العمر كله، لآن أخيها هو حكاية النص الثانى من العمر، هما معا حكاية العمر كله، العمر الذى خلا من أي سعادة باستثناء الاء وإياد، من أجل ذلك كان إحساسى بالرغبة في تفجير أي إنسان - أيا ما كان – إذا حاول اللعب في علاتهما بى، إنهما قرة عينى، وألاء قرة عينى وقلبى وروحى وحياتى.
كل لحظات العمر التي شاركتنى فيها آلاء أذكرها جيدا، أذكر كم كانت ملتزمة ومؤدبة، وكم كانت مهتمة بدراستها، وأذكر عندما كانت تستيقظ فجرا في كل امتحان لتقول أنها سترسب هذه السنة، وكيف كنت وقتها لا أصدقها، لآنها عادة ما كانت تتفوق في النهاية، كنت أشعر أن آلاء تبدو شابا ملتزما، لم أقلق عليها يوما ما، كانت مريحة للعقل وللقلب.
آلاء التي أحبها حبا جما تشبه عماتها، وهذا سبب آخر للفخر بها، فعماتها لا أجد لهن مثيلا في هذا الكوكب، هن مصدر الأمن والأمان، هن السند والدعم النفسى والمعنوى، هن بعد أمى الحبيبة اللائى أكشف نفسى أمامهن ولا أخشى شيئا، وآلاء نفسها تشبهنى كثيرا ولذا أراها رائعة بطبيعة الحال.
إن أمالا لا حدود لها تسيطرعلى تفاصيلى اليوم ، بأن تعيش آلاء عيشة هنية سعيدة، تحترم فيها زوجها وتطيعه وتحافظ على أسراره فلا تنقلها حتى لأقرب الناس إليها، أنا أثق في ذلك لأن آلاء ورثت تلك الصفات جينيا، وورثتها من تراث أباها وأعمامها وجدودها، هذا التراث الذى يجعل الرجل يشعر بأنه لم يربى ابنته إذا لم تحترم زوجها وتظهره في أحسن صورة، فعكس ذلك تفعله البنات الى تربت بلا أصول ولا قيم.
من كل قلبى ومشاعرى يا ألاء أتمنى أن تعيشى سعيدة محروسة من الله، وكما أردت ستظل غرفتك كما هي، وأدعوك وزوجك دوما للعيش معنا، لا تفارقونا أبدا.. حفظك الله من كل السوء وأزال من طريقك كل حاقد وحاسد ومتصيد ولئيم وخبيث وماكر، وفى انتظارك عقب العودة من الـ Honeymoon.