المتمعن فيما يجري حولنا من مجريات أحداث يدرك المستهدف من إطلاق الشائعات بصورة ممنهجة عبر منصات المواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال القنوات الفضائية الممولة؛ حيث الإصرار على إحداث إضرار متعمد لاستقرار الدول وإيقاف مسار نهضتها وتقويض كافة الجهود تجاه عمليات الإعمار ومراحل التقدم فيه، بل التفنن في تشويه كل ما هو جميل بغرض تكريس الإحباط وإظهار الصورة القاتمة.
وسعار الشائعات أضحى يلاحظ الدول والأنظمة المستقرة خاصة في الشرق الأوسط، ومن يقوم به ويموله لديه قناعة تامة بأن هذا السلاح له أثر فاعل وفتاك وإن امتد أمده، وفي الحقيقة هذا معتقد يوافق الصواب؛ حيث إن تزييف الوعي يقوم على تشويه مقصود عبر شائعات مغرضة قد تقتص جزءً من حقيقة أو توظيف آليات الفبركة التي باتت ميسرة في ظل أدوات الذكاء الاصطناعي العديدة، أو قد تمارس التزييف والكذب بفنيات الإلقاء المؤثرة على الأحاسيس والمشاعر، إلى غير ذلك من الطرق والأساليب الخبيثة التي يوظفها مروجي الشائعات.
والمطالع لما يبث عبر شبكات التواصل الاجتماعي بكل أشكالها وصورها يجد أن هناك كتائب مدربة على نشر الشائعات وتعضيدها بمزيد من الشواهد التي تقوم في جلها على التزييف والتحريف، ويجد أيضًا أن هذه الكتائب الإلكترونية والإعلامية تشتد وتيرة إطلاق الشائعات من خلالها إذا ما كان هناك حادث جلل أو تغيرًا غير طبيعي أو طارئ على الساحة الدولة أو الإقليمية؛ فيتلقفون كل هذا ويسقطونه على الدول المستقرة صاحبة القرار والريادة والسيادة التي تمتلك مقومات إدارة شئونها ولا تسمح بتدخل أجنبي أي كان شأنه.
وما يزيد سعار الشائعات من قبل الكتائب الإلكترونية أو الأبواق الإعلامية الممولة أن جمهور المتابعين في تزايد، ومن ثم يعمل هؤلاء المرتزقة على بث المزيد من الشائعات المفبركة كي تنال إعجاب المتلقي والمشاهد، وتعمل على جذب الكثير والكثير منهم؛ فالأمر يتعلق في الأصل بوجود وعي صحيح من عدمه، وهذا ما يعول عليه مروجي الشائعات ومثير الفتن.
ولا يخفى على كل عاقل أن سعار الشائعات في حالة من الهياج تجاه سياسة الدولة وقيادتها على وجه التحديد؛ حيث المحاولات المستميتة تجاه تشويه الرأي العام المصري؛ كي لا تبقى هناك ثقة بين المواطن والدولة ومؤسساتها وقيادتها؛ ليصبح مبرر الخروج عن النظام والمناداة بإسقاطه على الطاولة؛ لتعم الفوضى وتستعيد الجماعات الإرهابية مكانها ومكانتها، وتدخل الدولة في نفق مظلم لا تخرج منه مطلقًا.
وإذا ما وجدت الشائعات المغرضة رواجًا وتقبلًا؛ فإن سعارها يشتد كي تساهم في خلق بيئة الخوف التي تمتلئ بالرعب والقلق وتشعر الجميع بالتهديد؛ إذ تتبنى الشائعة فلسفة التهويل والتضخيم بما يحدث الأثر السلبي لها في النفوس، ومن ثم تبدو حالة التعصب وارتباك المشهد المجتمعي في أعلى مستوياتها.
كما أن سعار الشائعات تجاه سياسة الدولة يتأتى من مبرر رئيس؛ ألا وهو العمل على إضعاف الجبهة الداخلية للشعب؛ لذا تحرص الكتائب الإلكترونية والأبواق الإعلامية الممولة على ترويج هذه النوعية من الشائعات وتضعها في قمة أجنداتها، وهذا ما نراه ونسمعه ونقرأه في الفترات الأخيرة؛ حيث تلفيق الأكاذيب والتهم حول كل ما يرتبط بسياسة الدولة المصرية وخاصة من القيادة السياسية الحكيمة.
وتسعى الكتائب الإلكترونية والأبواق الإعلامية الممولة إلى تسريع وتيرة الشائعات المكذوبة بغرض إضعاف الدولة وإنهاك اقتصادها من خلال محاولات التشويه الممنهجة لمشروعات الدولة واستثماراتها، ولا يضير الجماعات المنحطة أن تسقط الدولة وتتفكك وتذهب مقدراتها أدراج الرياح؛ فما يحدث من حولنا خير شاهد على سوء النوايا وخير دليل على خيانة هذه الجماعات لوطنهم ومجتمعهم.
ويزداد سعار الشائعات بغرض خلق حالة من الاستقطاب المجتمعي الذي يوجد حالة الخلاف والشقاق والنزاع ويودي بجهود النهضة والإعمار إلى غير رجعة، وهذا ما تعمل عليه الكتائب الإلكترونية والأبواق الإعلامية الممولة والتي تحرض ليل نهار على عدم التعاون مع الدولة المصرية وترك الاستثمارات فيها والتوجه لدول أخرى يوالونها، بل ويصل الأمر لحث المعارين بالخارج بعدم التحويل للداخل المصري؛ بغية عوز الوطن وسقوطه، وهذا ما يحلمون به طيلة الوقت.
ونؤكد للجميع وفي المقدمة منهم مروجي الشائعات المغرضة، أن مصر لن تغرق في بحوركم، وأن شعبها يعي جيدًا مآربكم وأهدافكم الخبيثة، وأن الدولة متيقظة تمامًا لما يحاك بها ولمؤسساتها وقيادتها، وأن العزيمة تجاه النهضة والتقدم والإعمار ماضية دون توقف، وأن سعار الشائعات لن يؤدي إلا إلى مضيعة الوقت والجهد والمال ولن يحقق الغايات الخبيثة لدى الجماعات الضالة الخائنة وكل من يمولهم.
ومن قبيل الإذعان للحق؛ فإننا ندعو المنصفين من شتى أنحاء العالم لزيارة البلد الناهض ليروا بأعينهم ما قامت به الدولة من إنجازاتٍ قوميةٍ خلال محاربتها للإرهاب الأسود، وليرصدوا مناخ الأمن والأمان وحالة الاستقرار، وليشاهدوا الاندماج المجتمعي والترابط والتكاتف والتكافل غير المسبوق والذي تفتقده كثير من الشعوب والمجتمعات حفظ الله مصر قيادة وشعبا.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أ.د/ عصام محمد عبد القادر
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر