بين ليلة وضحاها ، إستولت "هيئة فتح الشام" على إدلب ثم حلب ثم حمص وفى ثوانى كانت عناصرها المُدججين بالسلاح يقفون فى قلب دمشق ويُشهرون سلاحهم، استقل بشار الأسد طائرته وأعلنت روسيا عن وجوده فى العاصمة "موسكو" هو وعائلته ، هُنا ازدحمت الميادين فى سوريا بالإحتفالات وتم فتح السجون وخرج منها السجناء وتمت تغطية إعلامية مُكثفة ، حيث الكاميرات فى القصور الرئاسية والسجون ، ظهر "أبو محمد الجولاني" مدير العمليات العسكرية لهيئة فتح الشام بإسمه الحقيقي وهو ( أحمد الشرع ) فى المسجد الأموى وألقى خُطبة عصماء عن ضرورة التوحُد وعدم الإنقسام والحُكم المدنى ، لم يكن مر يوماً واحداً حتى أعلنت إسرائيل عن وجودها فى جبل الشيخ المُجاورة لهضبة الجولان الجولان عليه لتأمين أمنها هذا فضلاً عن ضرب جميع القواعد والمنصات والأنظمة والأسلحة والمقرات العسكرية ليست فقط القريبة من هضبة الجولان بل فى جميع أنحاء الأراضى السورية بما فيها الدبابات والطائرات المتواجدة فى القواعد العسكرية ، وتم الإعلان _ أيضاً _ عن قصف جميع عناصر وقطع ومقرات تابعة للقوات البحرية السورية
.. هنيئاً للشعب السورى تغيير النظام ، نبارك له وصول قادة جُدد للحكم ، نُبايع كل التغييرات التى حدثت بداية من تعيين حكومة جديدة مروراً بوقف العمل بالدستور حتى تجميد البرلمان .. لكن "سوريا" الآن فى خطر داهم ، فإسرائيل فعلت كل ما كانت تتمناه وحققت مُرادها بضرب الجيش السورى .. هُنا كان الموقف المصرى الصلب الذى أدان بأشد العبارات الإستهداف الإسرائيلي المُمنهج للبنية التحتية داخل الأراضي السورية وتعمُد قصف وتدمير العديد من المواقع والقواعد والأسلحة والمعدات والأنظمة العسكرية فى مختلف أرجاء سوريا ، بالإضافة إلى قيام الجيش الإسرائيلي بتكريس وجوده غير الشرعي وتوسيع نطاق سيطرته فى الأراضى التى إحتلها داخل العمق السورى .. وجَددت "مصر" رفضها الكامل لإستغلال إسرائيل الإنشغال الداخلى بسوريا وحالة السيولة والفراغ التى تشهدها لتقويض مُقدرات الدولة وإحتلال الأراضى السورية .. وإعتبرت "مصر" الإعتداءات الإسرائيلية على "سوريا" بمثابة إمعان فى الإنتهاك المُمنهج للقانون الدولى وإصرار على سياسة الغطرسة فى الإقليم .. وحذرت "مصر" من المخاطر الوخيمة المُتوقعة عن السياسات الإسرائيلية غير المسئولة وطالبت مجلس الأمن والمجتمع الدولى والقوى الفاعلة دولياً بالإضطلاع بمسئوليتها فى وقف هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير فى سوريا وإحترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضى السورية
.. موقف مصر قوى تجاه ما تقوم به إسرائيل بإحتلال أراضى إضافية بـ "الجولان" السورية المُحتلة ، وفى جامعة الدول العربية عملت مصر بكل إخلاص على لم الشمل وتم الدعوة لعقد إجتماع للمندوبين الدائمين وتم إدانة توغل إسرائيل داخل نطاق المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها بكل من جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق ، وإعتبار ذلك مخالفاً لإتفاق "فك الإشتباك" المُبرم بين سوريا وإسرائيل عام ( ١٩٧٤ ) ، وأن هذا الإتفاق يظل سارياً طبقاً لقرار مجلس الأمن رقم ( ٣٥٠ ) الصادر في نفس العام ، وعدم تأثر هذا الإتفاق بالتغيير السياسي الذي حدث فى سوريا .. إضافة إلى إدانة الغارات الإسرائيلية المستمرة على عدد من المواقع المدنية والعسكرية السورية ، والتشديد على أن "هضبة الجولان" هى أرض سورية عربية وستظل كذلك للأبد ، وعلى المجتمع الدولي إلزام إسرائيل _ بوصفها السلطة القائمة بالإحتلال _ بالإمتثال لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومنها _ بطبيعة الحال _ قرار مجلس الأمن رقم ٤٩٧ لعام ١٩٨١ والذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان السوري المحتل
.. المندوبين الدائمين فى جامعة الدول العربية تبنوا كل هذا وقرروا تكليف المجموعة العربية في نيويورك بالتحرك لعقد جلسة خاصة في مجلس الأمن لبحث الممارسات الإسرائيلية التي تهدد السلم والأمن الدوليين بما في ذلك الإحتلال المستجد للأراضي السورية التي توغلت بها إسرائيل منذ الثامن من ديسمبر الجاري
.. وحدة الأراضى السورية ضرورية ، تقسيم سوريا مرفوض ، أراضى سوريا لابد آلا تكون مُستباحة ، مسار سياسي شامل يجمع كل الأطراف السورية لابد منه وبأسرع وقت ، عمل دستور جديد وإجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية لابد أن تتم كل هذه الإجراءات وسط رفض تام لإستحواذ تيار على القرار ، سوريا للسوريين ، مصير سوريا يُحدده الشعب السورى وحده ، رفض التدخلات الخارجية لابد أن يكون قراراً حاسماً
.. الرؤية واضحة الآن فى منطقة الشرق الأوسط من أن هناك مُخططا يستهدف تقسيم دول الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة وبدأ هذا المُخطط منذ عام ( ٢٠١١ ) ونجح فى بعض الدول وإنتشرت فيها الفوضى والعنف والتطرف وعلى مَقربة من التقسيم ، وتم إحباط هذا المُخطط فى بعض الدول وتم إجهاضه .. الآن أرى أن المخطط يعود مرة أخرى بقوة ، نفس المخطط ونفس الاهداف ونفس الكتالوج بالضبط .. ولأن التاريخ يُعيد نفسه كان لزاماً عليّ أن أكتب هذه الكلمات لعلها تصل لكل "صاحب عقل" وكل "أمين وخائف على وطنه"