فرح السوريون وهللوا بعد الهروب المخزي لبشار الأسد وعائلته إلى روسيا، وهم محقون في فرحهم بعد ما لاقوه من هوان ومذلة على مدى عقود امتدت منذ عهد والده الديكتاتور حافظ الأسد واستمر على نفس المنوال مع خليفته وابنه بشار ، الذي سيذكره التاريخ بالخزي والعار كخائن لوطنه ، و بانه سلم بلده دون طلقة نيران واحدة ، وانه آثر الهرب كالفئران المزعورة ليعيش طريدا ذليلا في بلاد غريبة ، لتنتهي حياته كخائن لبلده وليس قائدا شجاعا ، حاول ولو محاولة لحماية وطنه من الخطر القادم إليها ، وهذه نهاية تليق به وبكل جبان .
فرحة الأشقاء في سوريا أنستهم الخطر الداهم الذي هم مقبلون عليه ، إنهم يريدون رحيل بشار وكفى ، فهذا منتهى الأمل والحلم الذي طال انتظاره عقود وعقود ، وحال النظام الحديدي المرعب الذي وضعه حافظ الأسد دون خلخلته ، حتى عندما شهدت البلاد العربية ما أطلق عليه الربيع العربي ، وحين جاء الدور على بشار استطاعت الأدوات التي تركها والده وهو في قبره ، والتي استمرت حتى بعد رحيله أن تُحكم قبضتها على البلاد ، وينجو بشار لينقسم المجتمع السوري بين معارضين ومؤيدين ، ويزداد شتات السوريين في بلاد العالم .
كانت تلك فرصة بشار الأسد الذهبية أن يعيد ترتيب أوراقه ومواقفه ، ويتخلص من جلباب أبيه الذي بات لا يصلح لهذا العصر ، وحتى يبدأ صفحة جديدة مع شعبه يواجه أخطاءه ويدرسها ويمحوها بقواعد جديدة تقربه من السوريين الذين ما كانوا لا يريدون شيئا سوى استقرار وطنهم وعودتهم بسلام إلى أرضهم وعائلاتهم.
لكنه كأي ديكتاتور غبي لا يعرف متى يقف ومتى يستمر في بغية ، لقد تمادى وتعالي وأصابة الغرور واعتقد أنه يستطيع أن يستمر على نفس منواله . منذ ٢٠١١ ، وحتى يوم سقوط سوريا لو كان عمل على تصحيح أخطاءه لكان حتى يومنا هذا على رأس الحكم في سوريا برضا الشعب السوري وقبوله ، لكنه الغباء السياسي الذي يجعل الحاكم فاقد البصر والبصيرة بما ينتظره ، ولا يملك الحس السياسي الذي يجعله يستشرف المستقبل ، ويمكنه من التقاط نبض شعبه .
من المؤكد أن ما حدث في سوريا ليس بثورة ، وليس من قلب الشعب ، لكنه خطة محكمة لم تتطلب جهدا كبيرا ، لأن الحكم الضعيف المتهاوي في سوريا لم يحرص كثيرا على قوة جيشه ولا وحدته ولا انتمائه للوطن بقدر انتمائه لفصيل معين ، لهذا لم يتوقف عند الدفاع عن الوطن، هو يدافع عن الرئيس لهذا تبخر الجيش حين هرب بشار وتبخر هو الآخر.
سوريا الآن أمام منعطف خطير وكبير، لن تتجاوزه إلا بوعي وطني وسياسي كبير، فهذا القادم إليهم مجهول الهوية مجهول التاريخ، خطير الانتماء، من تنظيم القاعدة إلى جبهة النصرة إلى تنظيم الدولة الإسلامية ، وهذا أمر مرعب أصاب سوريا ولن يتوقف عندها ، ومن الواضح انه مجرد واجهة لجزء من خطة يتم فيها تطويق روسيا ، بعد أن فشل اختراقها من الجبهة الأوكرانية.
الخطر ليس بعيدا عن أي دولة عربية، فمن الواضح أن قطع الشطرنج ستتحرك سريعا بمقدم ترامب ، والساحة يتم تهيئتها لما هو آت ، وعلى الشعوب أن تستعد قبل الحكام ، والاستعداد يكون بالوعي ، والوعي الكامل للخطر القادم من الشرق .