فى مصر لا يوجد قانون ينظم عمل المكتبات العامة، وهى تلك المكتبات التى لابد أن توجد فى المدن والأحياء كجزء من الحق الثقافى للمواطن، ومعدلها دوليا مكتبتين لكل 100 ألف مواطن، وفى مصر بدأت المكتبات العامة فيما عرف في العهد الملكي بمكتبة البلدية وأشهرها مكتبة بلدية دمنهور، التي ثقفت لنا عبد الوهاب المسيري وتوفيق الحكيم وغيرهما، ثم أتت مكتبات قصور الثقافة ثم لما حدث بها قصور أتت مكتبات مبارك التي صارت الآن مكتبات مصر العامة، فصار لدى مصر ثلاثة أنواع من المكتبات العامة، أنجحها مكتبات مصر العامة لمواكبتها نظم العصر.
قيمة هذه المكتبات في العديد من دول العالم أن بيوت الناس ضيقة وقدراتهم على امتلاك الكتب محدودة، وبالتالي فهي توفر الكتب الحديثة والقديمة للإعارة نظير مبلغ زهيد كاشتراك سنوي، ولكل مكتبة مجلس إدارة من أعلام المدينة، ومدير لديه صلاحيات.
للأسف هذا مفتقد في مصر، وسبق أن كتبت في هذا عدة مرات، وأخيرا زودني الدكتور العظيم والعالم الجليل مصطفى حسام الدين، أستاذ المكتبات بمشروع قانون المكتبات العامة يسد هذه الصخرة، وهو مشروع متكامل آمل أن يتبناه وزير الثقافة، وإن كنت أختلف مع الدكتور مصطفى حسام الدين في نقطتين هما فرضه تبعية المكتبات للإدارات المحلية التي لا تعترف بدورها في الثقافة ولا تهتم بحماية التراث في مصر، ويجب أن تكون تبعية هذه المكتبات للشبكة الوطنية للمكتبات العامة، والتي ستضم كل المكتبات العامة، كما افترض الدكتور مصطفي حسام الدين تبعية كل مكتبات كل محافظة لمجلس إدارة في عاصمة المحافظة.
والتجربة تبين أن هذا يعوق العمل، بل يجعل مدن العواصم تستحوذ على الكثير وتلقي الفتات لباقي المكتبات، ويمكن أن يكون للمحليات ممثل في مجلس إدارة كل مكتبة، ويجب أن يفتح باب الهبات والمنح للمكتبات وأن تمول عبر تقديم كل مكتبة خطة عمل سنوية وبرامج ومشروعات تحاسب عليها، هنا سنفعل الحياة الثقافية في كل أنحاء مصر.
الآن هذه الحياة شبه ميتة على سرير الإنعاش، مما يخلق فراغا كبيرا، ومن سيعمل عليه سيفوز بالأجيال الجديدة.