من حيث التوقيت والمكان، تكتسب قمة منظمة الدول الثمانى للتعاون الاقتصادى D8 التى تنعقد بالقاهرة اليوم أهمية إضافية، وفى توقيت شديد الحساسية، كما أن الدول المشاركة هى دول محوية، ولديها طموحاتها الاقتصادية، وتلعب دورا فى الاستقرار الإقليمى والدولى، لكونها تجمع دولا إقليمية، مهمة من آسيا وأفريقيا، ولكل منها مشاركة فى تجمعات أخرى، فضلا عن كونها ذات ثقل سياسى واستراتيجى، وتتيح القمة الفرصة للقاءات ثنائية وجماعية لمناقشة التحديات الاقتصادية والسياسية.
وتضم المنظمة مع مصر كلا من إيران وتركيا وباكستان ونيجيريا وبنجلاديش وإندونيسيا وماليزيا، وكل منها تمثل ثقلا فى اتجاه ما، ومنها دول ساهمت فى إنشاء حركة عدم الانحياز، أو منظمات المؤتمر الإسلامى، وأعضاء بالاتحاد الأفريقى، من القوى الإسلامية المؤثرة، تأتى إندونيسيا وباكستان وبنجلاديش وماليزيا، وهى قوى مؤثرة فى آسيا، بينما تحضر نيجيريا كممثل للعمق الأفريقى، مما يضاعف من أهمية القمة.
وحسب ما طرحه السفير راجى الإتربى مساعد وزير الخارجية ومفوض مصر فى المنظمة، أن القمة التى ترأسها مصر حتى العام المقبل، تتيح فرصا كبيرة وممتدة للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية، بما فى ذلك الصناعة والزراعة والخدمات، ودفع التعاون فى مجال جذب الاستثمارات ودفع التبادل التجارى فى السلع والخدمات، خاصة أن دول المنظمة تمثل سوقا ضخمة حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار نسمة، ويصل ناتجها الإجمالى لنحو ٥ تريليونات دولار.
قمة الثمانى تنعقد بالفعل فى ظل أوضاع دولية وإقليمية متشابكة، تركت تداعيات عميقة على الاقتصاد العالمى، تفرض تنسيقا وسعيا للتكامل والتعاون والشراكات الاقتصادية وحسب تقرير الزميل بيشوى رمزى فى «اليوم السابع» فإن القمة بجانب الاقتصاد تتناول تنسيق المواقف التى تتبناها الدول الأعضاء، تجاه العديد من القضايا المثارة على الساحة العالمية، وفى القلب منها منطقة الشرق الأوسط، وحقوق الشعب الفلسطينى، الذى يواجه عدوانا مجرما من الاحتلال الإسرائيلى، ومع الأوضاع فى غزة، هناك تطورات الوضع فى سوريا والأوضاع فى لبنان واليمن، وتداعياتها التى تتجاوز الإقليم إلى العالم من المقرر عقد اجتماع خاص على مستوى رؤساء الدول الثمانى لاستعراض الوضع فى فلسطين ولبنان.
وبالطبع فإن من بين الدول الأعضاء بالقمة أطراف فاعلة ولها تأثير ومن مصالحها ان يتحقق الاستقرار، للحرب ومنها بالطبع كل الدول وفى القلب منها مصر وتركيا وإيران وباكستان وكل الدول الأعضاء. وتتبنى مصر موقفا حاسما تجاه العدوان وتدعم القضية الفلسطينية وتتصدى للعدوان على غزة، ورفض مخططات التهجير وفصل القطاع عن الضفة، وحشد القوى الإقليمية والدولية لضمان تدفق المساعدات الإنسانية، مرورا بالتوافقات التى حققتها مع العديد من القوى الدولية، حول ثوابت القضية الفلسطينية، وعلى رأسها حل الدولتين منذ قمة «القاهرة للسلام» ، وجهود السعى لاتفاق ينهى الحرب.
وتمثلت قوة الدعم المصرى فى الدعوة التى وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الرئيس الفلسطينى محمود عباس، للمشاركة فى أعمال قمة الثمانى النامية، التى تعقد اليوم بالقاهرة، وهو ما يضفى المزيد من الزخم للقضية، وتوسيع الدائرة الجغرافية الداعمة للحق الفلسطيى. خاصة مع وجود تمثيل كبير لقوى إقليمية بارزة، مثل تركيا وباكستان، وأيضا الرئيس الإيرانى مسعود بزيشكيان، والذى يزور مصر للمرة الأولى منذ توليه المسؤولية الرئاسية فى إيران، بعد لقائه مع الرئيس السيسى، على هامش قمة «بريكس»، فى أكتوبر، وما تتيحه الزيارة من مباحثات ثنائية وتدعيم العلاقات السياسية والاقتصادية بين طهران والقاهرة.
ومع حضور الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، تتضاعف أهمية القمة، وتتيح فرصة لتداول عدد من القضايا السياسية والأمنية، خاصة مع وجود وحضور للرئيس الإندونيسى برابوو سوبيانتو، الذى حضر بالأمس وعقد قمه مع الرئيس السيسى، حول تعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى والثقافى والعلمى، والاتفاق على دعم حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة، بجانب حضور باكستان ونيجيريا وماليزيا وبنجلاديش أهمية على القمة، يجعلها أكبر من قمة تقليدية أو انعقاد دورى، إلى أنها حدث يشهد مباحثات جماعية وثنائية تضاعف من قوة العلاقات وتعكس حجم الجهد والمساعى المصرية للشراكات والتعاون، وتقوية علاقاتها مع كل الدول الفاعلة ، لتقليل الصراعات الإقليمية ودعم المصالحات، والمسارات السياسية.