تمضي مصر بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية وعالمية، عبر مزيج متكامل من القيادة السياسية الحكيمة والمؤسسات الاستراتيجية الحديثة. سواء في الداخل أو على الساحة الدولية، تسعى الدولة المصرية إلى تحقيق التوازن بين حماية أمنها القومي وتعزيز التعاون مع الدول النامية لمواجهة التحديات المشتركة.
حيث يعتبر مقر القيادة الاستراتيجية أحد أبرز ملامح التحديث الذي تشهده مصر. هذا الصرح العملاق، يعكس مدى تطور التفكير المؤسسي في مواجهة الأزمات. كما يضم المركز أنظمة متطورة للتحكم في شبكات الدولة، مراكز للبيانات الاستراتيجية، ومرافق تشغيلية تضمن استمرارية عمل الدولة في أسوأ الظروف.
حي يعزز وجود مراكز التحكم في الاتصالات، التوقعات الجوية، وربط مؤسسات الدولة مما يؤكد استعداد مصر الكامل للتعامل مع أي طارئ داخلي أو خارجي. هذا النموذج يعكس قدرة مصر على مواجهة أزمات عالمية وإقليمية دون المساس ببنيتها الأمنية أو الاجتماعية.
اليوم تستضيف مصر قمة الدول الثماني النامية في مقر الرئاسة بالعاصمة الإدارية الجديدة، بمشاركة دول تمتد عبر آسيا وإفريقيا، أبرزها تركيا، ماليزيا، وإندونيسيا. هذه المنظمة، التي تأسست عام 1997، تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي بين أعضائها، مع التركيز على القضايا المشتركة مثل التكنولوجيا، التعليم، والصناعة.
تضمنت القمة طرحاً مصرياً مميزاً لإنشاء شبكة بحثية اقتصادية بين الدول الأعضاء، بهدف دعم التنمية المستدامة. كما ناقشت القمة قضايا محورية مثل القضية الفلسطينية والأوضاع في لبنان وسوريا، مما يعكس البعد السياسي والإنساني لدور مصر في هذه القضايا.
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة أن التحديات التي تواجه الدول النامية اليوم، مثل تفاقم الديون، الفقر، والبطالة، تتطلب تعاوناً مشتركاً. وشدد على أهمية تبني حلول مبتكرة تشمل الطاقة المتجددة، الاقتصاد الرقمي، والصناعات التحويلية، خاصة مع التطور التكنولوجي السريع.
وفي ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة، أكدت مصر ضرورة التضامن لمواجهة التداعيات الناتجة عن الحروب والصراعات، والعمل على استقرار المنطقة.
اللافت للنظر أن العالم يشهد تحولات كبيرة، أبرزها مساعي الغرب للاستيلاء على الموارد البشرية لمواجهة مشكلاتهم السكانية والاقتصادية. بينما يعملون على استيراد العمالة الشابة واستغلالها، هنا تبرز مصر كقوة وطنية تدافع عن استقرارها وسيادتها، مؤكدة أهمية بناء الدولة الوطنية وحماية مؤسساتها، خاصة الجيش المصري.
الاستراتيجية المصرية لا تقتصر على الداخل، بل تمتد لتعزيز استقرار المنطقة بأكملها، وهو دور حيوي وسط تداعيات عالمية متسارعة. في قمة اليوم، تؤكد مصر مكانتها كجسر بين إفريقيا والعالم، تمثل قارتها المليئة بالفرص وتعمل على صياغة رؤية طموحة لمستقبل إفريقيا، حيث تقود القارة نحو التنمية والازدهار.
وتعكس هذه التحركات رؤية مصر الطموحة لبناء دولة حديثة قادرة على الحفاظ على استقرارها الداخلي مع المساهمة في قيادة المنطقة نحو التنمية. ومن خلال القيادة الاستراتيجية، وقمم دولية كهذه، تؤكد مصر أنها ليست مجرد دولة تسعى لتأمين نفسها، بل شريك عالمي في تحقيق التنمية الشاملة والسلام.
بين قيادة استباقية ومبادرات تعاون دولي، تقود مصر مسيرة استثنائية نحو المستقبل. بمزيج من التخطيط المؤسسي والرؤية الإقليمية، تثبت مصر قدرتها على تجاوز التحديات وتحقيق تطلعاتها وتطلعات شركائها.