نعم مصر هى مصر منذ أن تمت كتابة التاريخ فمصر كدولة من أوائل الدول صاحبة النظم الإدارية العريقة، ولنا فى قصة إخوة سيدنا يوسف عندما جاءوا إلى مصر وشاهدوا التنظيم فى دخول مصر وكيفية التسجيل وجنود حرس الحدود، فلم تكن تلك النظم الحضارية موجودة على مستوى العالم فمصر الحضارة مصر الأرض مصر النيل مصر الشعب وأبناؤها يكونون الجيش ودائما على مر التاريخ هناك ثالوث مقدس بالنسبة للمصرى القديم دونه الموت فالمصرى القديم ومازال إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها وهو مرتبط بالأرض محب للجيش يقدر القائد الذى يضحى ويعمل من أجل الوطن وثورة 30 يونيو نموذج لارتباط المصريين بالأرض والهوية الوطنية.
ونحن نرى ونعيش فترة من أسوأ الفترات والحقب الزمنية التى تمر على الوطن العربى فترة تداخلت فيها المفاهيم وعلا صوت الباطل، ونحن ندرك جميعا من دروس التاريخ والواقع المعاصر أن الأمة العربية من أعظم وأقوى الأمم، تمتلك قواسم مشتركة تتمثل فى اللغة والحضارة والدين والقيم المجتمعية "العادات والتقاليد"، وتتحسب لوحدة الأمة العربية ولقوتها جميع الأمم المتعارضة والمتوافقة مع المصالح العربية.
وعلى مر التاريخ مرت الأمة العربية بفترات قوة وعلم ونفوذ وفترات ضعف واضمحلال على المستوى المحلى والمستوى الإقليمى والمستوى الدولى، ومنذ قيام الدولة القومية وما قبلها توجد دول عربية تمثل مرتكزات للأمن القومى العربى تتمثل فى العراق وعاصمتها بغداد وسوريا وعاصمتها دمشق ومصر وعاصمتها القاهرة، ولا ننكر دور بعض الدول فى عصرنا الحالى.
وعند قراءة صفحات التاريخ نجد عند ضعف الأمة العربية تتداعى عليها الأمم مثل التتار والهكسوس وغيرهما من القوى المتعارضة مع المصالح العربية، ومع تغير أنماط الحروب وصولا لحروب تدمير الدول من الداخل بواسطة أبنائها نجد أنه تم تدمير مرتكزات الأمن القومى العربى التاريخية بالفوضى والإرهاب والتدخل المباشر من بعض القوى المعادية للمصالح العربية فتم إغراق بغداد فى الفوضى ومن ثم تجميع جميع الفصائل المسلحة والإرهابية فى دمشق ولم يتقبى غير شعب مصر حصن مصر وجيشها التى تقف بقوة ضد مخططات تفتيت الدول العربية، فدائما مصر تقهر الغزاة ونهضة مصر نهضة للعرب هكذا علمنا التاريخ.
ومنذ اختراع البارود ذلك الاختراع السحرى الذى ساوى بين الشجاع والجبان وهناك تطور رهيب فى أنماط الحروب، وصاحب ذلك تطور فى الخطط والتكتيكات العسكرية وصولا لنصر أكتوبر العظيم عام 1973 فانتصار الجيش المصرى العظيم تم بأقل الإمكانيات عند مقارنة القوات.
ومن هنا أجمعت مراكز الأبحاث العالمية أن نصر أكتوبر العظيم معجزة عسكرية على جميع المقاييس وأن الجندى المصرى هو مفتاح النصر وقد تفوق على جميع الخطط والمعدات بالإعداد الجيد والقيادة الرشيدة وتقوى الله سبحانه وتعالى، فالجيش المصرى العظيم خير أجناد الأرض وفى رباط إلى يوم الدين، وأبناء الشعب المصرى يمتلكون القوة والتضحية والفداء سلاحهم فى وجه أعدائهم وما خفى من قوة أعداد وتجهيز كان أعظم، ومن هنا كانت مفاجأة حرب أكتوبر العنصر البشرى ومفاجأة ثورة 30 يونيو.
ودائما هناك قاعدة من خلاصة حرب أكتوبر يتبناها أعداءنا مفادها بطلقة تقتل فرد مقاتل وبدانة مدفعية تدمر دبابة وبصاروخ تسقط طائرة، فإذا أردت أن تنتصر على الشعب المصرى "الجيش المصرى العظيم" عليك أن تدمر اليد التى تضغط على الزناد بالأزمات والإرهاب وكل أشكال التطويع والإرغام، والسؤال المطروح لماذا يتم التعامل هكذا مع شعب مصر دون شعوب العالم؟
الإجابة ببساطة شديدة لأننا الشعب الوحيد على مستوى العالم الذى يتوحد عند الخطر قيادة سياسية وشعبا وجيشا، فنحن نمتلك عقيدة قتالية مفادها النصر مرفوعى الرأس أو الشهادة فى سبيل الله تعالى تلك العقيدة لم يستطع أى مركز من مراكز الأبحاث فك رموزها، فعقيدتنا سر من أسرار الله سبحانه وتعالى، مثل سر التحنيط وقد لخصها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى حديث شريف معناها أننا خير أجناد الأرض وفى رباط إلى يوم الدين.
وقد تم تطوير أنماط الحروب فى مراكز الأبحاث من خلاصة حرب أكتوبر ومن بعدها حرب احتلال العراق، فلم تعد الحروب بين جيوش نظامية متماثلة بل حروب بين مليشيات خفيفة الحركة تتسلح بأحدث الأسلحة وتستخدم الأقمار الصناعية فى اتصالاتها وتحركاتها وبين جيوش نظامية، تستقطب هذه القوات البسطاء وترفع شعارات رنانة حق يراد بها باطل وأغلب من يتصدر المشهد فى هذه القوات ينفذ أجندات غير وطنية يقتل ويحرق ويدمر ويقول إن ذلك من أجل البناء ويرفع شعارات دينية ولو كان صادقا لفعل ما فعله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند فتح مكة عندما عفا عن من حاربه من أجل الوحدة والبناء إنه العطاء والصفاء النفسى الذى يمتلكه الأنبياء وأولياء الله الصالحين والصادقين.
وقد اشتعلت حروب القيم والروابط المجتمعية ودمرت المجتمعات العربية من الداخل بالخيانة والحصار الاقتصادى والفتن وتصنيف أبناء الوطن الواحد وفق المذاهب والطوائف والمعتقدات الدينية، وكانت الموجة الأولى من تلك الحروب حروب الأجيال فى عام 2011، وتم تدمير سوريا والعراق وليبيا واليمن ولبنان وكادت أن تنجح تلك المؤامرة فى مصر فمصر هى الجائزة الكبرى وقاطرة الأمة العربية، إذا نهضت نهضالعرب، لكن الشعب المصرى العظيم استدعى عقيدته الوطنية والتف حول جيشة وبفضل الله تعالى قام بثورته فى 30 يونيو واختار طريق البناء والتنمية والتف حول قيادته السياسية الرشيدة.
وفى الموجة الثانية من الشرق الأوسط الجديد ونتيجة عدة عوامل متداخلة وأخطاء استغلها أعداؤنا، فالكل يؤمن بحق الشعب الفلسطينى فى المقاومة ولكن نعتب على الشعب الفلسطينى فى عدم الوحدة على قلب رجل واحد، وأتمنى نجاح مفاوضات القاهرة فى إتمام المصالحة الفلسطينية وبعد تدمير غزة والاعتداء على لبنان وفصل أذرع إيران سقطت دمشق والكل يطمع فى الأراضى السورية، إسرائيل ضمت جزءا جديدا بجانب الجولان.
ونعيش الآن كأمة عربية الموجة الثانية من تفتيت الشرق الأوسط فقد نجحت القوات المعارضة فى إسقاط النظام السورى، ومن ثم دخلت سوريا مرحلة الاستحقاقات السياسية وهناك عدة سيناريوهات منها الحرب الأهلية والتقسيم وإعادة احتلال بعض المناطق فى سوريا ونتمنى من الله أن تستقر سوريا، وأن يتم الحفاظ على حدودها الجغرافية وليس من المستبعد أن تعود الجماعات الإرهابية مرة أخرى فى جميع ربوع الوطن العربى، فلنستعد جميعا بالعمل والتضحية ونبذ الخلاف، ودائما يد تبنى ويد تحمل السلاح.
وبعد دراسة التاريخ والأحداث السابقة نجد أن التاريخ سيعيد نفسه مرة أخرى وستنتصر مصر كما انتصرت فى حرب أكتوبر العظيمة، وكما انتصرت على قوى الظلام وأنقذت المنطقة العربية فى 30 يونيو ستنتصر مصر وستظل مصر الصخرة التى تتحطم على أطرافها الغزاة، فليطمئن كل منا على أهله ونفسه فقد أثبتت الأيام الحالية صدق رؤية القيادة السياسية وتطويرها القوات المسلحة فى مجال التسليح والتدريب والتصنيع وإنشاء القواعد العسكرية، وبث روح العدل والتسامح والبناء، وقد أصبح ظاهرا للعيان كل من كان يتساءل "لماذا يتم تسليح الجيش؟" فلولا تسليح الجيش وإعادة بناء قدرات الدولة الشاملة لما ارتدع أعداء الوطن.. حفظ الله تعالى الشعب والجيش والقيادة السياسية.