لم تكن المرة الأولى التي أكتب فيها عن تلك الآفات التي تفشت بالمجتمع المصري، عن طريق هذا المناخ الخصب المهيأ لممارسة أشكال والتلاعب والنصب والاحتيال على أعلى مستوى وأوسع نطاق.
فبعدما باتت وسائل التواصل وسيطاً أساسياً مشروعاً لترويج المنتجات والمشروعات والبيع والشراء وحتى الأشخاص الذين اتخذوا منها منابر للشهرة والتربح بكافة الأشكال، لم تعد هناك ضوابط محددة لحماية رواد تلك الوسائل، وما أكثرهم من هذا الخداع الذي اتخذ أشكالاً مبتكرة و متطورة لمزيد من التمكن .
ففي خلال أسبوعين فقط، وضع القدر بطريقي عدداً من تلك النماذج المختلفة لهذا الحقل الخصب من النصب الالكتروني المحكم.
علي سبيل المثال:
الواقعة الأولى
- صادفني إعلان لصفحة تحمل اسم كاستنج تمثيل، تعلن عن مسلسل رمضاني شهير يحتاج صناعه لوجوه جديدة، وتدعي الصفحة أنها لشركة إنتاج شهيرة، مع وضع رقم واتساب لمن يرغب في التقدم والحصول علي فرصة العمر، بأن يشارك بعمل من أكبر المسلسلات الرمضانية لأكبر النجوم، ومن باب الفضول والبحث عن تلك المصايد التي أعلم عنها الكثير، تواصلت على رقم الواتساب وأرسلت صورة لشاب يرغب بالتمثيل، و جاء الرد الجاهز إمعاناً في الاحتيال، في صفحة كاملة من التفاصيل وشروط التعاقد وموعد التصوير وحتى الأجر وطرق استلامه على دفعات، وأن الرد بقبول الوجه الجديد خلال 24 ساعة.
ثم بالفعل جاء الرد بالقبول، وتحديد موعد التعاقد بشركة فلان للإنتاج يوم الاثنين 7 مساءً، مع دفع أولى دفعات الأجر، ولكن يشترط تحويل مبلغ مالي علي رقم انستاباي لاشتراك نقابة المهن التمثيلية قبل الموعد وإرسال الإيصال!
وعندما كان ردي ولم لا يخصم مبلغ اشتراك النقابة من الأجر، جاء الرد متخبطا به إصرار غير مبرر، وبالفعل تحققت من تلك العصابة وتواصلت مع شركة الانتاج الحقيقية لأبلغهم بما يحدث باستخدام اسم شركتهم دون أن يعلموا.
الواقعة الثانية
-و التي أقر وأعترف فيها بأنني قد أخطأت وتم خداعي هذه المرة، بإعلان يحمل اسم صيدلية لصاحبها استشاري التغذية والتي يتابعها نصف مليون متابع، تعلن عن دواء لزيادة معدلات الحرق، و كما هو الإعلان المرفق الذي يقوم به أحد الصيادلة، أن الدواء آمن على المرضعات والحوامل ومرضى الضغط والسكري والقلب والأطفال، وأنه مكون من مواد طبيعية ومعتمد من وزارة الصحة المصرية،
و أن الصيدلية تتعهد بإرجاع المنتج حال وجود أي شكوي منه أو عدم فعالية، و أن صاحب الصيدلية الذي هو استشاري تغذية معتمد سيرد بنفسه ويتابع كافة الشكاوى والاستفسارات.
وبالفعل تواصلت معي تلفونياً سيدة من الفريق الطبي لإتمام عملية الشراء مرة واثنان وثلاث، وأكدت عليها أن المنتج آمن قبل الشراء وكان الرد قطعاً أنه آمن جداً.
ثم استلمت الدواء بعد يومين من خلال خدمة الشحن، ومع أول قرص من الدواء انتابتني أعراض مميتة كهبوط بالدورة الدموية وتنميل بكامل الجسم من الرأس للأطراف وسرعة بضربات القلب وغثيان، فسارعت بالتواصل مع مسؤولي صفحة الصيدلية، وكانت المفاجأة عدم الرد و التجاهل، وبعد عدة رسائل عرفتهم بشخصي، وشددت علي ضرورة ضمان حقي باسترجاع هذا المنتج كما هو بالإعلان والوعود المذكورة، فتمت مهاجمتي وتجاهلي عشرات المرات، فقررت ألا أترك حقي و ألا أساعد هؤلاء النصابين بابتزاز مئات الآلاف من الناس الذين قد ينخدعون بهذا الدكتور وصيدليته المزيفة.، فرفعت شكوى رسمية بالواقعة مرفق بها كافة الدلائل والمعلومات لجهاز حماية المستهلك، الذي وعد بدوره أن يلاحق مثل هؤلاء النصابين .
-و أخيراً و لن يكون آخراً:
هذه الاتصالات التليفونية اليومية لأشخاص ،ينتحلون صفة موظفي البنوك ، في محاولات بائسة للإستيلاء علي بيانات الكروت الائتمانية و الحسابات المصرفية، لربما يكون هناك من لا يعلم أنه لا وجود لتلك النوعية من الاتصالات والاستبيانات عن طريق التليفون والتي شددت عليها كافة البنوك المصرية بعدما انتشر هذا النوع من النصب و الخداع باسم البنك.
وما زالت أشكال النصب تتطور يوماً بعد يوم، و ما زال هناك الكثير من الفرائس السهلة، و ما زالت الأخلاق بأزمة تستلزم سرعة العلاج.