لا تُصدق أن الحُب كلمات جميلة فحسب، فالحُب هو معنى "السند"، أي مَنْ تتكئ عليه عندما يجور عليك الزمان، ومَنْ تُستند عليه عندما تشعر أنك على وشك السقوط، ومَنْ تحتمي به عندما يملأ الخوف جُدران قلبك، فالحُب هو كل المعاني النبيلة، فهو السعادة بلا مقابل.
إن أردنا التحدث عن الحُب فسنحتاج إلى العديد من المقالات والملاحم ودواوين الأشعار، ولكن ما يجب أن نتحدث عنه هو ذلك الذي يُدْعى الحُب بالكلمات ولا يعرف طريقًا للأفعال، فهذا هو المُرائي الذي يبيع الكلمات، لأنه يعلم أنها بلا ثمن، ولكن إذا أردت أن تستند، فلن يكون لك ظهرًا، ولو احتجت للحماية فلن يكون له وجود، ولو أوشكت على الضياع، فتأكد أنه سيكون السبب الأول والأساس في ضياعك ودمارك، فهذه النوعية للأسف موجودة وبكثرة، ولكنها تنجح بشدة في خداع مَنْ حولها.
وحتى لا يختلط الغثّ بالثمين، ليس على الإنسان سوى إعمال عقله أثناء تعامله مع الحياة، فمَنْ يُسبب لك السعادة قولًا وفعلًا، هو مَنْ يستحق الحُب، ومَنْ يختارك دونً بقية البشر لمعرفته بمعدنك الأصيل هو مَنْ يستحق الحُب، ومَنْ يهتم بداخلك مثلما يهتم بمظهرك فهذا هو مَنْ يستحق الحُب.
ففي وقت الضعف والعجز والحُزن لا نبحث سوى عن السند الحقيقي الذي نرمي أحزاننا في أحضانه، ونُلقي بأفكارنا في خضم عقله، ونأنس بمشورته عند شتات أذهاننا، مَنْ لا يكلَ ولا يملّ من شكوانا، ولا يتأفف من دُموعنا، ولا يتقهقر للخلف عندما نمد إليه يد الحاجة، فهذا هو الشخص الذي يستحق أن يكون حبيب أو صديق أو رفيق طريق.
فعندما نختار لابد أن يكون الاختيار مبني علي العقل والقلب، على الفعل والقول، على الإحساس والمنطق، فلو اتفقت كل العناصر لابد أن تتحقق المُعادلة وتتوازن، أما لو حدث خلل، فعلينا أن نتأكد أن السبب يعود إلى سُوء اختيارنا الذي بُنِيَ على حسابات مُشتتة، منبعها الهوى لا ترجيح العقل، والواقع أن مَنْ يُريد أن يستمتع بالهوى، عليه ألا يختار بناءً على الهوى حتى لا يسقط في الهاوية.