كل القادة الذين حضروا القمة الحادية عشرة الدول الثمانى النامية أبدوا فى كلماتهم على الثقة والتفاؤل بقيادة ورئاسة مصر للدورة الحالية التى جاءت تحت شعار "الاستثمار فى الشباب ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: نحو تشكيل اقتصاد الغد"، فى تفعيل ودفع أطر التعاون بين الدول الأعضاء وتنفيذ بنود "اتفاق القاهرة" الناتج عن القمة.
فمصر تؤدى دورا محوريا فى التنسيق بين الدول الثمانى لتعزيز التكامل الاقتصادى، حيث تقود جهودًا واضحة تهدف إلى تطبيق آليات التعاون بين الدول النامية والاقتصادات الناشئة، وتسعى، بالتعاون مع الدول الأعضاء فى المجموعة، إلى تقليل الاعتماد على الأسواق الكبرى وتقوية اقتصاداتها المحلية. وتعمل على تعزيز تعاون الدول فيما يخص تسريع الابتكار المحلى، ونقل المعرفة، وتطوير التكنولوجيا، بما يسهم بشكل كبير فى تحسين أوضاع شعوب الدول الأعضاء، ويمنحها قدرة أكبر على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية.
قمة القاهرة التى قررت مصر رئيس الدورة الحالية أن تعقد فى العاصمة الإدارية الجديدة كانت قمة متميزة واستثنائية فى التوقيت والحضور والنتائج والتوافق فى الرؤى والمواقف، فالحضور للقمة من القادة الثمانية كان لافتا من كبار قادة القمة (تركيا وإيران وإندونيسيا وماليزيا وباكستان وبنجلاديش ونيجيريا)، بالإضافة إلى مصر الدولة المستضيفة وممثلى المنظمات الدولية والإقليمية ودعوة الرئيس الفلسطينى محمود عباس ورئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتى لحضور القمة، وحالة الانبهار بقاعة الاجتماعات لم تخفيها عيون ووجوه القادة وعبر عنها عدد منهم فى افتتاحية الكلمات والامتنان لحسن الاستقبال وحفاوته وهذا ليس بغريب عن مصر.
الأمر الثانى أن القمة ركزت على قضايا المستقبل بطرح العديد من المبادرات للاستثمار فى الشباب واقتصاد المستقبل فى التكنولوجيا والاقتصاد الأخضر، فعدد سكان دول القمة حوالى 1.2 مليار نسمة يشكل الشباب الشريحة الأكبر لسكانها مما يرشحها لتحقيق نمو اقتصادى أكبر فى المستقبل. كما أن الناتج المحلى لدول القمة مجتمعة يقدر بأكثر من 4 تريليونات دولار بما يمثل 5% من إجمالى الناتج المحلى العالمى، وحجم التجارة بين الدول الأعضاء يبلغ أكثر من 110 مليارات دولار عام حسب آخر الأرقام، وتجذب الدول الثمانية أكثر من 10% من الاستثمارات الأجنبية فى العالم، وتمتلك موارد طبيعية وبشرية هائلة بما يؤهلها لتكون لاعبا مؤثر فى النظام الاقتصادى العالمى.
فإيران ونيجيريا تمتلكان ثروات نفطية وغازية ضخمة وبينما تتمتع بنجلاديش وإندونيسيا بموارد زراعية هائلة، بالإضافة إلى القوة البشرية الهائلة مما يشكل سوقا ضخمة يمكن استغلالها لدفع عجلة النمو الاقتصادى فى دول القمة الثمانية، ومصر قادرة على استثمار هذه الإمكانات بفضل موقعها الاستراتيجى والموارد الاقتصادية المتنوعة، علاوة على أن مصر تتمتع بعضويتها فى عدد من التجمعات الإقليمية والدولية الأخرى، وهذا التقاطع لا يقتصر على تعزيز مصالح مصر فحسب، بل يعتبر دعمًا قويًا لأهداف المجموعة ككل، ما يرفع من قوتها وقدرتها على تحقيق أهدافها على الساحة الدولية.
ومنحت الجمعية العامة للأمم المتحدة مجموعة الدول الثمانى الإسلامية مركز المراقب، ما يعكس التقدير الدولى لدور المجموعة المتزايد، كما وقّعت دول المجموعة إعلانًا مشتركًا مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وهو ما يعزز التعاون بين الطرفين فى مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
مخرجات القمة دعت الى التركيز على أجندات المستقبل وعلى "ما يجمع بين الدول الأعضاء ولا يفرق والتعلم من دروس الماضي" من هنا جاء التركيز على الارتقاء بالتعاون بين الدول الأعضاء فى الموضوعات الاقتصادية، وتعزيز وتفعيل الأطر القائمة فى مجالات التجارة والزراعة والسياحة والصحة والشباب والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والصناعة. والعمل على تعزيز وتمكين المرأة والشباب عبر الشركات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة معدلات الاستفادة من تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لدعم التنمية وتعزيز التجارة.
وإطلاق شبكة للتعاون بين معاهد التدريب الدبلوماسى، وشبكة أخرى لمراكز الأبحاث الاقتصادية بين الدول الأعضاء، فضلًا عن متابعة جهود المنظمة فى إنشاء مركز للشركات الصغيرة والمتوسطة، وصندوق لتمويل المشروعات وفقًا لمعايير الاستدامة، وتعزيز التعاون فى مجال السياحة المستدامة وصيانة التراث، بالإضافة إلى السعى لتفعيل مبادرة إنشاء بنك للبذور فى إطار تعزيز جهود تنمية الزراعة المستدامة.
والعمل على الانتهاء من كل التفاصيل الخاصة باستكمال اتفاقية التجارة التفضيلية بين الدول الأعضاء بالمنظمة، تمهيدًا لدخولها حيز النفاذ، وتدشين مستوى جديد من التعاون بين دول المنظمة، وتعزيز دور القطاع الخاص فى المبادلات الاقتصادية البينية.
وتعزيز التعاون بين دول المجموعة فى مجالات التجارة، والصناعة، والتكنولوجيا، حيث تملك دول مثل ماليزيا وتركيا صناعات متقدمة وتقنيات يمكن الاستفادة منها بشكل متبادل، كما أن ذلك التعاون بين الدول الأعضاء يمكن أن يسهم فى تحول المجموعة إلى قوة اقتصادية عالمية، ومصدر رئيسى للطاقة والغذاء، ما يعزز قدرتها على التأثير فى صنع القرار العالمى.
ختام القمة الاقتصادية كشف عن ادراك القادة بحتمية التضامن والتعاون بين الأعضاء لتحقيق الأهداف المطلوبة. وأن هناك ضرورة استراتيجية فى مواجهة التحديات والمتغيرات الاقتصادية الدولية.
توحيد الموقف السياسى كان واضحا فى القمة الاستثنائية لمناقشة الأوضاع الأوضاع الإنسانية فى غزة ولبنان وسوريا، وكان ذلك داعما للموقف العربى والدولى ضد الانتهاكات الإسرائيلية والاتفاق على ضرورة اقامة الدولة الفلسطينية ودعم وإعمار لبنان والتحذير من التصعيد واشتعال المنطقة.