منذ فوزه فى انتخابات الرئاسة الأمريكية الشهر الماضى، أطلق الرئيس المنتخب دونالد ترامب العديد من التعليقات، التى لو كان جادا فيها، فإنها تعكس ميولا للتوسع، أشار البعض إلى أنها تشبه ما يسمى بـ "القدر الواضح" فى القرن التاسع عشر، وهو اعتقاد بحق الولايات المتحدة الإلهى فى التوسع خارج القارة.
وكانت كندا وبنما وجرينلاند فى قائمة أهداف ترامب فى هذا الشأن، وإن لم يتضح ما إذا كان يتحدث بجدية فعلا أو أن الأمر ليس أكثر من محاولات لتحقيق مكاسب، وإجبار هذه الدول على تقديم تنازلات، فى الأغلب تجارية، لصالح ترامب.
وعلقت شبكة "سى أن إن" على تصريحات دونالد ترامب الأخيرة بشأن السيطرة على قناة بنما وجزيرة جرينلاند، وقالت إنه يستمتع على ما يبدو بتوسع الأراضى الأمريكية، ولو كان جادا فيما يقوله، فإن الأمر قد يفوق شراء لوزيرانا (اشترتها الولايات المتحدة من فرنسا فى مطلع القرن الـ19) أو الصفقة التى حصلت بها الولايات المتحدة على ألاسكا من روسيا.
فى الأسبوع الماضى، أثار ترامب سخرية المسئولين الكنديين بإشارته إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تمتص جارتها الشمالية وتجعلها الولاية الـ 51. وهدد ترامب بالاستحواذ على قناة بنما، الممر المائى الذى أنشأته الولايات المتحدة ويخضع منذ ربع قرن للدولة التى تحمل اسمه. ويوم الأحد، أعاد فكرة شراء جزيرة جرينلاند، التى تتمتع بالحكم الذاتى لمنها تابعة للدنمارك، وهى نفس الفكرة التى طرها خلال رئاسته الأولى.
وقالت سى أن إن إنه مع ترامب غالبا لا يكون هناك فارق واضح بين المقترحات السياسية الجادة والحديث الذى يهدف إلى لفت انتباه الإعلام أو تحفيز قاعدته الشعبية. وفى أحيان أخرى، يبدو أن استفزازاته تكون مجرد بداية لمحاولاته لإبرام الصفقات.
وذهبت الشبكة إلى القول بأن ترامب عندما أصدر تهديده باستعادة قناة بنما هذا الأسبوع، فعل ذلك بهدف خفض الرسوم للسفن الأمريكية التى تستخدم الممر المائى للعبور بين المحيطين الهادى والأطلنطى.
وفى تصريحاته أمام مؤتمر للمحافظين يوم الأحد، حذر ترامب المسئولين فى بنما بضرورة إتباع الإرشادات المناسبة.
ورغم ذلك، فإن مقترحات ترامب متشابهة إلى حد كبير مع تركيزه على توسيع بصمة الولايات المتحدة فى الخارج. وبالنسبة لشخص دعا خلال الحملة الانتخابية إلى ضرورة تراجع الولايات المتحدة عن التدخل فى الخارج، فإن الأفكار تحمل تشابها عصريا مع نهج فى القرن التاسع عشر المعروف باسم "القدر الواضح" وهو اعتقاد بحق الولايات المتحدة الإلهى فى التوسع خارج القارة.
وكان ترامب قد قال يوم الأحد، وفى معرض إعلان ترشحيه كين هاورى لمنصب سفير واشنطن لدى الدنمارك، إن ملكية جرينلاند ضرورة مطلقة لأهداف الأمن القومى والحرية عبر العالم.
وقال ستيفن فارنسورث، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة مارى واشنطن فى فريدريكسبيرج بولاية فرجينيا، إن تصريحات ترامب بشأن الدول الصديقة تعيد إلى الأذهان الأسلوب العدوانى الذى استخدمه خلال أيام عمله.
وتابع قائلا: أنت تطلب شيء غير معقول، ومن المرجح أنه يمكنك أن تحصل على شيء أقل منطقية.
وتعد جرينلاتد أكبر جزيرة فى العالم وتقع بين المحيطين الأطلنطى والقطبى الشمالى. ويغطيها الجليد بنسبة 80%، ويوجد بها قاعدة أمريكية كبيرة. وحصلت على حكم ذاتى من الدنمارك فى عام 1979. وأشار رئيس حكومتها موتيه بورباب إيجيد إلى أن دعوات ترامب الأخيرة للسيطرة الأمريكية عليها بلا مغزى مثلما كانت دعواته السابقة فى فترته الأولى.
وقال فى بيان، إن جرينلاند ملكنا، ولسنا للبيع، ولن نكون للبيع أبدا. ولا يحدب أن نخسر معركتنا المستمرة منذ سنوات من أجل الحرية.
وقال مكتب لبيان رئيس حكومة الدنمارك فى بيان، إن الحكومة تتلع للترحيب بالسفير الأمريكى الجديد، وتتطلع للعمل مع الإدارة الجديدة.
وأضاف البيان إنه فى موقف سياسى أمنى معقد مثل الذى نشهده، فإن التعاون عبر الأطلنطى حاسم. وقالت إنها ليس لديها تعليق على جرينلاند سوى أنها بيست للبيع لكمنها مفتوحة للتعاون.
وكان ترامب قد ألغى زيارة للدنمارك فى عام 2019 بعد أن تم رفض عرضه لشراء جرينلاند من قبل كوبنهاجن.
وجاء حديث ترامب عن جرينلاند بعد أن قال أن الولايات المتحدة يجب أن تستعيد السيطرة على قناة بنما، بسبب الرسوم التى تفرضها على السفن الأمريكية.
وقبلها، قال ترامب، إن الكنديين يرحبون أن تصبح بلادهم الولاية الـ 51، وقدم صورة لنفسه وهو على قمة جيل يستطلع أرضا بجوار علم كندى. وأشار رئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو إلى أن ترامب يمزح بشأن ضم بلاده. لكنه التقى بالرئيس المنتخب فى مقر إقامته فى فلوريدا لمناقشة تهديدات ترامب لفرض تعريفة جمركية 25% على كافة البضائع الكندية.
ويقول فارنسورث، إن كندا لن تصبح جزءا من الولايات المتحدة، لكن تعليقات ترامب تتعلق أكثر بالتأثير لتقديم تنازلات من كندا.. خاصة فى ظل البيئة السياسية الهشة حاليا فى كندا. فربما يحصل على فوز فى التنازلات التاجرية أو تشديد الرقابة على الحدود أو أمر آخر.