مع بدايات كل مطلع عام جديد، يسارع الكثير منا في كتابة قائمة بنواياه وأمنياته الجديدة، بعقلية البدايات، دون التوقف دقائق وسؤال النفس، هل تلك النوايا أو الأمنيات التي تزدحم بها الأوراق، هي حقا ما نريد؟ هل نحن مستعدون لتحقيقها؟، والسعي بخطوات متأنية ثابتة ومحددة لتنفيذها، أم أن الأمر تحول إلى طقس، وعادة نقوم بها كل عام بشكل آلي دون وجود أصلا نية حقيقية للتغيير للأفضل أو الأحسن؟.
الأمر تحول مع بداية كل عام لهوس من جانب خبراء الطاقة، بجميع وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لركوب "التريند" ليس أكثر، فكل خبراء الطاقة، يبدأون في تنشيط متابعيهم بضرورة كتابة أهدافهم، في أوقات معينة بالسنة، متناسين أنه قبل البدء في الجديد، يجب النظر في القديم، وتحليله، ماذا فعلت في عامك الماضى؟ هل أحضرت ورقة أمنيات وأهداف العام المنصرم، ورأيت كم السعي الذى سعيته لتحقيق كل نية وأمنية، مع الأخذ بأسباب التوفيق من رب العالمين؟ أم أنك كتبت بعض الأهداف، وتركتها ونسيتها، كغيرها من أمنيات متراكمة؟
مع الوقت يحدث في رأيي تكدس وتزاحم لأفكارك، مع فتح ملفات، عديدة بذهنك دون داع، ما يؤدى إلى التشتت، والشعور بالإرهاق غير المبرر، والضياع بين أي من الأهداف نبدأها، لينتهي الأمر بتوقفك تماما عن تنفيذ أية فكرة، لعدم جاهزيتك او استعدادك لها بشكل حقيقي، بل بالعكس ستشعر بالفشل.
"العام الجديد مش هتكون إنسان جديد"، لا أحد يتغير فجأة، إنما نظف داخلك أولا، تخلص وحرر كل الأمنيات والنوايا العالقة، السابقة، والمفتوحة ببالك، والتي لم تحققها بعد، حررها واتركها بعيدا، اجعل كوبك فارغ تماما ليستقبل الجديد، اغلق كل أبواب الخيبات، والتعلقات، ودع كله يذهب بسلام، وافرح حتى بأى إنجاز وإن بدا صغيرا، طوال عامك الفائت، وتذكر "أن السلحفاة فازت على الأرنب في اختبار الصبر"، وكلما سعيت لأهدافك ببطء ولكن بخطوات جادة، حققتها، وملكتها وتحولت لحقيقة.
احمد الله على عبورك من لحظة للحظة، ومن عام لآخر بستره وعافيته، حرر نفسك من أي أهداف كبيرة، أو ملفات عالقة ضخمة، ودائما تذكر " خطوات صغيرة متقطعة تقود دائما لنجاحات كبيرة مبهرة"، اترك كل ما يؤذيك لا تصحبه معك في ايامك الجديدة، خفف عن كاهلك اعبائك قدر ما استطعت وان لم تعرف فيكفيك انك حاولت، فهي بأمر الله تمر.
العبرة ليست بمرور الوقت وعام تلو عام، العبرة بمدى تطورك يوما بعد يوم، بمدى ثقل خبراتك وتعلمك من تجاربك التي انضجتك، فانت اليوم نسخة مختلفة تماما عن سنوات مضت، وذلك هو المقصد، ليس العام الجديد هو من يجعلك إنسانا جديدا.. بل كلما تقدمت وتطورت، واكتسبت مشاعر إيجابية وتوازنت، كنت الأقرب من نسختك الحقيقية المتعافية، التي هي أنت.
وتذكر نحن بفضل الله ننجو، وبرحمته نتقدم، وبكرمه نخطو ونكمل مساراتنا بالحياة.