خالد عزب

التاريخ المنسى لصعيد مصر.. منقريوس وزير مالية الشيخ همام

الثلاثاء، 31 ديسمبر 2024 12:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كتاب مثير يكشف جوانب مهملة فى البحث التاريخى فى مصر ألفه الباحث النابغة أمير الصراف، الكتاب عنوانه (منقريوس بن إبراهيم.. وزير ومباشر همام الهواري أمير صعيد مصر) صدر الكتاب عن دار المرايا، قدم الكتاب الدكتور محمد أبو الفضل بدران، الذي تساءل في مقدمته: هل يطوي التاريخ صفحات عمدا ويظهر أخرى؟ ولماذا يغفل التأريخ صانعي الأحداث الفعلين وأدوارهم المؤثرة، ويمضي في تمجيد المنتصر وينسي المهزومين؟ ففي رأي بدران أنه ربما لأننا لم نجد مؤرخين كبارًا في الصعيد في حقب تاريخية كان الصعيد يموج بالأحداث موجًا.

والكتاب يسلط الضوء على أحد أهم أفراد رجال الإدارة القبطية في صعيد مصر في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وهو منقريوس بن إبراهيم المكني في بعض وثائق وحجج المحاكم الشرعية، بـ (بولس منقريوس) وزير الأمير همام بن يوسف بن محمد وذراعه الأيمن في الإدارة.

يذكر أمير أنه تزامن اشتغال منقريوس بإدارة همام زعيم قبيلة هوارة مع تولد فكرة الدولة المستقلة في الصعيد، والموزازية للسلطة المركزية في القاهرة، ذات الجناحين المتمثلين في الوالي العثماني وشيخ البلد الذي كان منصبا في حوزة المماليك، كانت هذه الدولة مترامية الأطراف من المنيا إلي أسوان، وحرص همام على توسيع إقطاعيته المترامية الأطراف تدريجيا، بعدة سبل بعد تنصيبه زعيما لهوارة، ومصرفا لشئون القبيلة، ومتحدثا باسمها لدى استنبول وجناحي السلطة في القاهرة، خلفا لوالده، مما ألهمه فكرة الاستقلال عن السلطة المركزية، بفضل مواردها الاقتصادية التي لا تنضب.

أدار التكنوقراط دولة الشيخ همام ومنهم منقريوس بن إبراهيم، فقد جعله الشيخ همام ضمن دائرة صنع القرار داخل هوارة في عنفوانها، ونائبا عنه في إدارة الحكومة المؤلفة من طبقات الموظفين والمباشرين، وأدى منقريوس مهاما بالغة الحساسية في تلك الفترة المتزامنة مع صراعات همام مع طبقات المماليك، وعلى رأسهم على بك الكبير، وكان منقريوس يقوم بشراء وبيع الأراضي نيابة عن شيخ العرب همام، وجمع الجزية، والمؤلف الدؤوب حصل على وثائق آل تكلا سيداروس حفيد منقريوس، وهي مصدر تاريخي يجري نشره والاستفادة منه لأول مرة، فرسم عبر هذا المصدر التاريخي صورة قريبة لحيوات وسلوك وتعاملات النخبة القبطية في الصعيد، مع مجتمعها المحلي، بمكوناته الاجتماعية المعقدة، من خلال نموذج بقطر البلوطي مؤسس هذه العائلة، والجد المباشر للوزير منقريوس بن إبراهيم وزير الأمير همام بن يوسف.

ويوضح المؤلف أن بقطر البلوطي أول أفراد هذه العائلة التحق بخدمة البكوات المماليك، ولم يحظ بشهرة ويرجع أمير الصراف ذلك إلى أن دوائر التكنوقراط الأقباط بالعاصمة كانت كبيرة، وورثه في وظيفته ابنه سليمان بن بقطر، وتتبع "أمير" أجيال هذه الأسرة إلى الجيل التاسع ومنه كامل جرجس الذي ولد في 1885 والذي ترشح للمجلس النيابي عن دائرة نجع حمادي عام 1924، وفاز بالتزكية، وعرف بنشاطه فقد كان له دور في إنشاء مركز إسعاف في قرية بهجورة، كما خصص بيتا للضيافة في بلدته لكل عابر سبيل، وأقام مقبرة لأجداده.

هذا الكتاب لا نري فيه إلا شغفا يدفعنا للتساؤل، وأين باقي تاريخ عائلات الصعيد من المسلمين والأقباط، فقد حظي الهوارة بقسم كبير من اهتمامات المؤرخين، لكن تبقى عائلات كثيرة دون تأريخ، كعائلة نصار في البداري بأسيوط، وعائلة عامر في المنيا، وعائلة ثابت في المنيا وغيرها كثير، وهذا ما يحتاج تعاون هذه العائلات.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة