تظل الحرب العالمية الثانية واحدة من أهم الأحداث وأكثرها تدميراً فى تاريخ البشرية؛ فهى مصدر لعدد لا يحصى من قصص البطولة والمآسى والصمود، وتلتقط الروايات التاريخية التي تدور أحداثها خلال هذه الفترة التأثير العميق للحرب، وتسلط الضوء على وجهات نظر معروفة وغير معروفة.
وغالبًا ما تكون هذه القصص متجذرة في تجارب شخصية ولا توفر نظرة ثاقبة لأهوال الحرب فحسب، بل إنها أيضًا بمثابة وسيلة لمعالجة والتفكير فى تعقيدات الصراع وغريزة البقاء وأخلاقيات الحرب.
ساعدت الأعمال المبكرة للمؤلفين الذين عاشوا خلال هذه الحقبة المضطربة فى تحديد الخيال التاريخى الحديث، حيث جمعت بين السرد الشخصى المكثف والاستكشافات الفلسفية للحالة الإنسانية، أصبحت العديد من الأعمال المدرجة فى هذه القائمة قراءة أساسية فى نوع الخيال التاريخى وأثرت على أجيال من القراء والكتاب، سواء كنت منجذبًا إلى حكايات المقاومة أو البقاء أو الحب وسط الفوضى، فإن هذه الكتب الخمسة الخيالية التاريخية عن الحرب العالمية الثانية تقدم سرديات قوية ستنقلك إلى أربعينيات القرن العشرين.
العُراة والموتى بقلم نورمان ميلر (1948)
تعتبر رواية نورمان ميلر الأولى، العراة والموتى، واحدة من أعظم روايات الحرب الأمريكية التى كُتبت على الإطلاق، نُشرت الرواية عام 1948 عندما كان ميلر يبلغ من العمر 25 عامًا فقط، وتقدم الرواية تصويرًا واقعيًا لا يتزعزع لفصيلة من الجيش الأمريكى أثناء الحملة لاستعادة جزيرة أنوبوبيا في المحيط الهادئ أثناء الحرب العالمية الثانية.
تتبع القصة مجموعة من الجنود بقيادة الملازم هيرن، الذي يشكك في التسلسل الهرمي للحياة العسكرية، والجنرال كومينجز، القائد القاسي الذي يجسد هيكل السلطة الاستبدادي.
يصور ميلر وهو من قدامى المحاربين في الجيش خدم في مسرح المحيط الهادئ في الحرب العالمية الثانية، الخسائر النفسية والجسدية للحرب، فضلاً عن الديناميكيات المعقدة بين الجنود وقادتهم.
وقد جعلت الواقعية الجريئة للرواية واستكشافها للقوة والخوف والبقاء من الرواية كلاسيكية في نوع الخيال الحربي، كانت من بين المرشحين النهائيين لجائزة بوليتسر للخيال في عام 1949، وتم إصدار فيلم مقتبس منها في عام 1958.
تمرد كين بقلم هيرمان ووك (1951)
رواية تمرد كين لهيرمان ووك، التى فازت بجائزة بوليتسر عام 1952، هى دراما محكمة أسرة تدور أحداثها على متن ساحة ألغام تابعة للبحرية الأمريكية في المحيط الهادئ.
تتبع الرواية المخاوف المتزايدة لدى الطاقم بشأن الاستقرار العقلى لقائدهم، الملازم القائد كويج، والتمرد اللاحق الذى يؤدى إلى محاكمة درامية.
تُطلعنا تجربة ووك الشخصية على متن مدمرة كاسحة ألغام خلال الحرب العالمية الثانية على استكشافه المقنع للقيادة والواجب والمعضلات الأخلاقية التى يواجهها القادة، تم إصدار فيلم مقتبس من الرواية عام 1954، بطولة همفري بوجارت بدور كويج.
من هنا إلى الأبدية بقلم جيمس جونز (1951)
تدور أحداث الرواية في جزيرة أواهو في هاواي، وتتبع مجموعة من الجنود في قاعدة للجيش الأمريكي وهم يختبرون الحقائق القاسية للبيروقراطية العسكرية والصراعات الشخصية والتهديد الوشيك للحرب في قلب القصة، الجندي روبرت إي لي بريويت، بطل الملاكمة والعازف الموهوب الذي يرفض الامتثال، حتى عندما يواجه معاملة وحشية من رؤسائه، إلى جانبه، الرقيب الأول ميلتون أنتوني واردن، وهو جندي منضبط ولكنه محبط يخاطر بحياته العسكرية عندما يدخل في علاقة غرامية مع زوجة قائده.
يقدم جونز، وهو من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية، الأصالة والعمق العاطفي للقصة حيث يستكشف موضوعات الولاء والسلطة والحرية الشخصية، مما يمنح القراء نظرة ثاقبة على الصراعات الداخلية للجنود والتنازلات الأخلاقية التي تتطلبها الحياة العسكرية، جعلت واقعية الرواية منها إحساسًا أدبيًا وأدت إلى تحويلها إلى فيلم مقتبس نال استحسان النقاد في عام 1953، والذي فاز بثمانية جوائز أوسكار بما في ذلك أفضل فيلم.
المسلخ رقم خمسة بقلم كيرت فونيجوت (1969)
"المسلخ رقم خمسة" رواية أمريكية كلاسيكية، فهو عمل رائد فى الأدب ما بعد الحداثى يمزج بين الخيال التاريخي والسيرة الذاتية والخيال العلمي والسخرية في تأمل صادم ومثير للتفكير حول الإرادة الحرة والمصير وعشوائية الحياة.
يروي فونيجوت قصة بيلي بيلجريم، الجندي الأمريكي الذي نجا من قصف دريسدن بالقنابل الحارقة أثناء الحرب العالمية الثانية وأصبح "غير مقيد بالزمن"، حيث عاش لحظات من حياته خارج التسلسل.
من خلال استعانته بخبراته الشخصية كأسير حرب في دريسدن، نجح فونيجوت في صياغة رواية مقنعة عن أهوال الحرب والبحث عن المعنى في الفوضى، وهي الرواية التي لا تزال تلقى صدى واسعًا حتى يومنا هذا. وبفضل بنيتها غير التقليدية وعمقها العاطفي، نجحت رواية "المسلخ الخامس" في ترسيخ مكانة فونيجوت كبطل أدبي ، وتظل أكثر أعماله تأثيرًا.