مع اقتراب تولى الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب مهام منصبه، تزداد التساؤلات حول السبل التى يمكن أن يحقق بها وعده بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
ففى الوقت الذى تواصل فيه روسيا تقدمها الميدانى فى أرض المعركة، ينتظر الجميع ما سيفعله ترامب عند وصوله إلى البيت الأبيض فى يناير المقبل.
لكن خلال الأسابيع المتبقية على تنصيب ترامب، تتلاحق التطورات فيما يتعلق بأزمة روسيا وأوكرانيا. حيث كشف الجيش الأمريكى أن قائد الأركان المشتركة الجنرال تشارلز كيو براون تحدث هاتفيا مع رئيس الأركان العامة الروسى فاليرى جيراسيموف وهى المرة الأولى التى يتحدث فيها براون مع نظيره الروسي.
وقال متحدث باسم براون فى بيان أن المسؤولين "ناقشا عددا من القضايا الأمنية العالمية والإقليمية بما فى ذلك الصراع الدائر فى أوكرانيا".
وأضاف المتحدث أن الاتصال النادر جرى فى 27 نوفمبر الماضى بناء على طلب وزارة الدفاع الروسية.
لكن لم تمض أيام قليلة إلا واصطدم وزيرا خارجية روسيا والولايت المتحدة فى هذا الشأن.
فقد اتهم لافروف الغرب بتعريض الوضع للتصعيد بشأن أوكرانيا، وغادر القاعة قبل أن يتمكن بلينكن والمتحدثون الآخرون من الرد.
وخلال حديثه فى اجتماع وزراء منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا فى مالطا، الخميس، اتهم لافروف الغرب بإحياء الحرب الباردة وإثارة صراع مباشر مع روسيا. وقال لافروف أن أفعال الولايات المتحدة تهدف إلى "إعادة حلف الناتو إلى دائرة الضوء السياسي". وأضاف: "بعد الفضيحة فى أفغانستان، كان هناك حاجة إلى عدو مشترك جديد".
وأردف: "النتيجة هى إعادة إحياء الحرب الباردة، ولكن الآن مع خطر أكبر بكثير لتصعيدها إلى مرحلة ساخنة".
ومن جهته، ألقى بلينكن، الذى تحدث بعد مغادرة لافروف القاعة، باللوم فى التصعيد الإقليمى على روسيا، مشيرا إلى أن لافروف لم يبق ليستمع إلى المتحدثين الآخرين.
وقال بلينكن: "لنتحدث عن التصعيد"، مشيرا إلى نشر قوات كورية شمالية فى أوروبا، واستخدام صاروخ باليستى متوسط المدى لمهاجمة أوكرانيا، وتحرك روسيا لخفض حد استخدام الأسلحة النووية، والهجمات على البنية التحتية للطاقة فى أوكرانيا.
وأضاف بلينكن: "تحدث السيد لافروف عن الحق السيادى لكل دولة عضو فى اتخاذ قراراتها الخاصة. وهذا بالضبط ما يدور حوله الأمر: الحق السيادى لأوكرانيا وشعبها فى اتخاذ قراراتهم بشأن مستقبلهم، دون أن تُتخذ تلك القرارات فى موسكو".
من ناحية أخرى، قالت صحيفة الجارديان إنه على الرغم من عدم اتضاح استراتيجة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب بشأن إنهاء حرب روسيا وأوكرانيا، إلا أن مقابلات أجرتها مع مسئولين من كلا البلدين تشير إلى أن التوصل إلى تسوية ربما يكون صعبا.
وكان ترامب قد عين الأسبوع الماضى الجنرال المتقاعد كيث كيلوج مبعوثا خاصا لأوكرانيا وروسيا، بمهمة أساسية تهدف لإنهاء الحرب، أو كما قال ترامب هو تأمين السلام من خلال القوة.
ومع اقتراب انتقال السلطة فى الولايات المتحدة، تدرس موسكو وكييف بقلق آفاق المحادثات، ويقللون من الفكرة فى العلن، لمكن يجرون مناورات حول أفضل المواقف الممكنة عندما يتولى ترامب الحكم.
فبالنسبة لأوكرانيا، وبعد أن حصلت على ضوء أخضر طال انتظاره، بدأت فى إطلاق الصواريخ الغربية طويلة المدى داخل روسيا، ورد الرئيس بوتين باستخدام صاروخ باليستى ذى قدرات نووية فى ضرب مدينة دينبرو الشهر الماضى، وأتبعه بتهديدات بالتصعيد.
وقالت جارديان، إن الطريق السهل للتوصل إلى اتفاق سلام بصعب تحديده. فالافتراض الشائع فى الغرب كان أن تجميد خط الصراع يمكن أن يكون عبر المحادثات، لكن لا يبدو أن أيا الجانبين حريص على ذلك، روسيا بسبب تقدمها فى ميدان المعركة، وأوكرانيا لأنها تخشى أنه بدون أى ضمانات أمنية حقيقية من الغرب بتجميد الخطوط سيمنح روسيا الوقت لإعادىة تجميع قواتها قبل أن تشن هوما جديدا.
ونقلت جارديان عن ميخائيلو بودولياك، مساعد رئيس أوكرانيا زيلينسكى، قوله أن هذا سيعنى خسارة الحرب، فروسيا تحصل على أراضى أوكرانيا ومن ثم ستهيمن إلى طاولة المفاوضات بمطالب جديدة. كما أن روسيا غير مهتمة بتجميد خطوط القتال وتعتقد أنها يمكن أن تفوز بمزيد من الأراضى، ومن ثم تمضى فى طريق السلاح عندما لا يكون هناك امامها خيار سوى قبول شروط أكثر تشددا.
استراتيجية مبعوث ترامب
سبق أن أعرب كيلوج مبعوث ترامب المرتقب، عن رؤية الرئيس بأن روسيا هاجمت أوكرانيا بسبب غياب الاحترام العالمى للولايات المتحدة تحت قيادة جو بايدن. وكتب فى شهادة أمام مجلس الشيوخ العام الماضى يقول أن الحرب التى ولدت فى ظل الضعف الأمريكى لا يمكن أن تتحقق إلا بالقوة الأمريكية.
وأشار كيلوج مؤخرا إلى نهجا مزدوج للوصول إلى تسوية تهدد بقطع المساعدات العسكرية عن كييف لو لم تدخل فى المفاوضات، لكنها تهدد أيضا بتعزيز هذه المساعدات لو لم تشارك روسيا فى المفاوضات.