لو تعرف أن القيم مهمة في حياتنا ولا يمكن أن نعيش في استقرار نفسي وتوازن بدني وترابط أسري ومجتمعي بعيد عن قيمنا؛ لأنها تحمينا من كل الشرور الداخلية والخارجية، وتقينا الأفكار والممارسات غير السوية خاصة التي تتدفق على مدار الساعة من الفضاء الرقمي المنفلت وعبر شبكاته المتعددة والسريعة الانتشار، وتجعلنا نقاوم التغييرات التي تستهدف النيل من عاداتنا الجميلة وتقلل من ارتباطنا بحضارتنا وتنتزع من صدورنا هويتنا وتخطف أبصارنا لكل من يضير بالتراكيب الإنسانية السوية.
لو تعرف أن قيمنا سبب في زيادة البركة الناتجة عن المحبة والمؤدية للترابط والتكافل والتكاتف في أمور المعيشية والعملية، وأنها بمثابة السراج المنير لكل مفردات وتفاصيل حياتنا، ومن خلالها نقدر نفرق بين الصحيح والخطأ، وبواسطتها تنضبط سلوكيتنا وتنتظم مسارات حياتنا وتمكننا من التقدم كي نضع اللمسات التي تجعل كل ما يحيط بنا إيجابي.
لو تعرف أن نجاحنا في مواجهة أي تحدي أو مشكلة أو أزمة يتوقف على تمسكنا بقيمنا؛ لأن القيم تمدنا بالمقدرة على العطاء والتواصل في العمل الجاد والقدرة على التفكير المستنير، وكل صورة للخير تنتشر وتزداد من خلال تمسكنا بالقيم؛ فنرصد إيثار لا حدود له، وتكافل وتكامل يتنامى امتداده في كل مجال من مجالات الحياة، وهذا ما يشكل ماهية الإنسانية التي نعرفها بالرحمة.
القيم يا شباب تمثل البوصلة التي توجه سلكنا بشكل هادئ وهادف؛ فتحضنا على دروب الخير وممارسة أفعاله واتباع سبله والمضي دومًا في طرقه، تجعل كل ما نقوم به حسن وجميل ومثمر وعلى الدوام تمدنا بالمزيد من الخبرات الصحيحة المكتسبة من المعرفة والأداء الصحيح التي تجعل وجداننا في رقي مستدام، ومن خلالها لا نقبل بأي صورة تشير إلى القبح أو السلوك غير المقبول لدينا ولدى مجتمعنا.
لو تعرف أن قيمنا تمكننا من التفرقة بين ما يجوز وما لا يجوز من خلال الوازع الذي يؤثر في وجداننا؛ لذا فهي بمثابة قناديل القلوب ومعايير للأفعال ومحكات للأقوال، وعبر القيم يا شباب نتخير طيب الكلم وأبهج الحديث للقلوب وأمتع الكلمات للمسامع، وفي سياج القيم تتحسن اللغة بين الأصحاب ومع الكبار والصغار وتصبح ماهية الاحتواء قريبة من الجميع لا نضيق ذرعًا لأقل الأسباب، بل تمدنا بالصبر والحكمة فيما نقول وما نفعل وما يدور في دواخلنا وأفئدتنا.
وبعد هذه الكلمات القليلة المعني حول قيمنا يا شباب تعالوا بنا نؤكد على ماهيتها بصورة محددة؛ حيث أرى أن القيمة تشير إلى معيار ومبدأ يقبله المجتمع ويقره ويتمسك به، ومن ثم يسعى من خلال مؤسساته الرسمية وغير الرسمية إلى تشكيل المعتقد الراسخ لهذه القيمة؛ لتصبح إحدى لبنات التفكير ومكون رئيس للقناعة الذاتية، وفي ضوء ذلك تعد موجهة للسلوك في إطاره الحسن؛ ليتناغم مع أهداف المجتمع الكبرى عبر ممارسات وأقول تصدر من شخص يعي ما عليه من واجبات فيؤديها، ويدرك ما له من حقوق؛ فيطالب بها بالطرائق المشروعة.
واسمحوا لي أن أشيد بما تقدمه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية من أعمالٍ تُعد رائدةً في إخراجها ومضمونها؛ حيث تتناول قضايا متعددة وموضوعات متنوعة تستهدف مواجهة التحديات التي تقف عثرة أمام مستقبل أبناء الأمة المصرية وشبابها الواعد، وهنا نثمن حملة "لو تعرف" التي أطلقتها المتحدة للخدمات الإعلامية بغاياتها النبيلة، ومن ثم تناولت قضية القضايا التي على أثرها نشكل وعيًا صحيحًا يمكن الفرد من أن يحيا حياة مستقرة يملئها التفاؤل والأمل والقدرة على العطاء والعمل.
وأود الإشارة إلى أن ما تطلقه الشركة المتحدة من مبادرات وحملات تعمل في مجملها على تعضيد المواطنة والانتماء، وتغرس في الفرد قيم الإخلاص والشرف والاستعداد التام للتضحية من أجل الوطن ورقيه، ولنا أن ندرك أن هذا كله لا يتأتى إلا من خلال قيمٍ مترسخةٍ أصيلةٍ في وجدان الفرد يقرها ويتمسك بها.
غاية الجميع أن يرثنا جيل يستطيع حمل الراية وصون الأمانة واستكمال المسيرة والأداء بإخلاص، ويقتدى بالأبطال الشجعان، ولا يقبل الضيم، ولا ينهزم من متقلبات الدهر، ولا يرهب العدو ويخشاه؛ فلا يغوص في غياهب الفساد، ولا يترنح وراء بائعي الهوى والزيف؛ فيحافظ على أمن وأمان وطنه.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر