يعتمد قيام النهضة الحقيقية في أي دولة على تنمية شاملة ومتكاملة تشمل جميع القطاعات الحيوية، بدءًا من الثقافة والتعليم والعلم وصولاً إلى الاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا، وهذا النهج الشامل ليس مجرد اختيار، بل هو الركيزة الأساسية لتحقيق الاستدامة وضمان تطور متوازن يشمل كل المجالات دون استثناء، ولا يمكن تحقيق التنمية في جانب معين دون دعم الجوانب الأخرى، فالتعليم يغذي الثقافة، والثقافة تدعم الاقتصاد، والاقتصاد يسهم في تمكين التقدم العلمي، وفي عصر التحولات السريعة والتطور التكنولوجي المذهل، يصبح من الضروري أن تعمل الدول بكامل طاقتها لتلحق بركب التقدم وتستثمر في التعددية التنموية؛ لتحقيق الشمولية وضمان استمرارية التنمية للأجيال القادمة، مما يرسخ أسس النهضة ويجعلها مقاومة للتحديات والأزمات.
وتُعد القيم الأصيلة صمام أمان لمواجهة التغيرات الداخلية والخارجية، كما أنها تعزز روح الانتماء والمسؤولية الجماعية كما يضمن التمسك بالقيم ثبات الدول في مواجهة الأزمات، ويحافظ على هويتها ومكانتها، مهما كانت التحديات؛ فالنهضة الشاملة ليست مجرد مشروع تنموي، بل هي رؤية متكاملة تتطلب تضافر جميع القطاعات تحت مظلة قيم راسخة تدعم الهوية وتضمن الاستمرارية، وتحقيق هذه النهضة يستلزم شراكة واعية بين القيادة والمجتمع، حيث يعمل الجميع بروح المسؤولية المشتركة لتحقيق التقدم والازدهار.
وقد استطاعت حملة لو تعرف التي دشنتها الدولة وتبنتها جريدة اليوم السابع تقديم إعلام هادف يخدم المجتمع، وأن تبني جسرًا بين القيم وبين الواقع المعاش، بأسلوبها المبسط ورسائلها المؤثرة، أصبحت مثالًا حيًا على كيف يمكن للإعلام أن يسهم في بناء مجتمع واعٍ ومتماسك، وتدمج بين التوعية والتثقيف، وتُعيد بناء جسور التواصل بسوائل الإعلام الهادف الذي يجمع بين القيم النبيلة وتنميتها بالمجتمع، في زمن تتزايد فيه التحديات الفكرية والاجتماعية؛ لذا تأتي الحملة كاستجابة واعية لهذه المتغيرات، مما يؤكد صلابة الهوية وأصالة المجتمع.
وتهدف الحملة لتقريب القيم الإسلامية والمجتمعية من واقع الحياة اليومية من خلال تقديمها بأنشطة ومواقف حياتية ونماذج يمكن للجميع أن يرتبط ويقتدي بها، والعمل علي تجسير وردم الفجوة بين الأجيال لتأكيد التفاهم والحوار بين مختلف الفئات العمرية، ومناقشة القضايا الاجتماعية المعاصرة بصورة منفتحة وتسليط الضوء علي النماذج المضيئة بالمجتمع لاستلهام العبر، ويُمثل النسق القيمي الركيزة الأساسية لأي عملية بناء ونهضة، وهو أداة محورية للوعي والتصدي للتحديات الفكرية والاجتماعية، وهذه القيم ليست مجرد مبادئ نظرية، بل هي نتاج طبيعي لتاريخ طويل من الإيمان الراسخ والممارسات اليومية التي تشكل هوية الشعب المصري العظيم، فهي قيم متجذرة وأصيلة لدى الشعب المصري، وهي العمود الفقري لنهضته واستقراره وتساهم في تأكيد الوحدة الوطنية، وتحفيز التنمية، وحماية المجتمع من الأفكار الهدامة، كما أن إعلاء هذه القيم وممارستها بوعي يُعَدُّ الطريق الأمثل لبناء مستقبل مشرق وحضارة متجددة.
وتتميز الحملة باعتماد الأسلوب المميز واللغة قريبة من الناس وخاصة الشباب، متحدثة بلغتهم وبإيقاع يناسب اهتماماتهم ، وجعل القيم تبدو جزءًا طبيعيًا وممكن التطبيق في الحياة اليومية من خلال تقديم محتوى لا يقتصر على التوعية، بل يفتح مساحات للحوار حول السلوكيات والقيم مع المزج والاتساق بين الأقوال والأفعال، حيث لا يوجد انفصال فهي ليست مجرد مبادرة إعلامية، بل حركة مجتمعية تهدف إلى بناء مجتمع واعٍ ومتوازن قادر على مواجهة تحديات العصر، إنها دعوة للعودة إلى الجذور بطريقة تلائم الحاضر، وتُشكل أساسًا للتغيير الإيجابي، مع الحفاظ على الهوية والقيم الراسخة.
ويُعد التمسك بالنسق القيمي لمجتمعنا ضرورة حيوية في ظل ما يعانيه العالم من تحديات جسيمة ناجمة عن سلبيات حروب الجيل الرابع والخامس، هذه الحروب، التي تستهدف العقول قبل الأوطان، تعتمد على أدوات تقنية متطورة لنشر كل ما يشوه الحقائق وكل ما هو جميل، وتغيب الشعوب وإشاعة الإحباط وبث صور سلبية تُفقد الأمل في المستقبل وتؤدي إلى زعزعة الثقة بالنفس والمجتمع، وتشويه البنى المعرفية من خلال إضعاف القدرة على التمييز بين الحقائق والزيف.
مما يسبب صراعًا معرفيًا يعطل التفكير السليم ويُشغل الأفراد في أمور هامشية لا تعود عليهم ولا على مجتمعاتهم بالنفع، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية وظهور العوز في قطاعات متعددة مما يُعد هدرًا للطاقات البشرية، مستعينين في تحقيق ذلك بكافة الوسائل خاصة عبر فضاء إلكتروني غير منضبط، مما يهدد استقرار الأفراد والمجتمعات، وهنا يأتي دور الإعلام الهادف لإعادة بناء الثقة والوعي السليم وضرورة التمسك بالنسق القيمي والانتماء في مواجهة التحديات والأكاذيب وتثبيت الإيمان بالمستقبل.
وبكل تقدير واعتزاز، نثمن جهود الدولة المصرية وشعبها العظيم في الحفاظ على النسق القيمي الراسخ الذي يميز مجتمعنا، والذي يمثل إرثًا حضاريًا تتوارثه الأجيال، هذا النسق القيمي، بما يحمله من مبادئ نبيلة وأسس أخلاقية، يظل الدرع الحامي في وجه التحديات المتعددة التي يواجهها الوطن، سواء كانت داخلية أم خارجية، ورغم كل التحديات والأزمات التي مرت بها الدولة المصرية، إلا أن الشعب المصري بطبيعته الصامدة، وثقافته العريقة وإيمانه العميق بمقدرات وطنه، اعتبر بجدارة حائط سد وحماية للدولة وركيزة أساسية لأي نهضة.
واستطاع أن يحافظ على تماسكه ويدعم قيادته الحكيمة، ولم تنل تلك التحديات منهم ومن عزيمتهم، بل زادتهم إصرارًا على مواصلة العمل لتحقيق الأهداف الكبرى التي تليق بتاريخهم العريق، وإحداث نهضة مستحقة نتيجة الإيمان بمقدرات هذا الوطن العظيم، بدءًا من الثروة البشرية ذات المهارات العالية والعقول المبدعة، ووصولًا إلى الثروات الطبيعية والمقومات المادية، مع العمل المستمر والجاد، والإبداع، والتكاتف، والالتزام بالقيم النبيلة التي تقود إلى تحقيق التنمية المستدامة وحماية السيادة والسلم والأمن القومي، وتحقيق كرامة العيش وضمان جودة الحياة
إن العزيمة المصرية، التي شهدتها كل مراحل التاريخ، ماضية بثبات نحو بناء مستقبل مشرق، مستقبل قائم على الإرث الحضاري والقيمي يقدم من خلال إعلام هادف، ومستمد من إيماننا بوطننا، وبما يملكه من إمكانيات هائلة تؤهله ليكون نموذجًا يحتذى به في الإصرار على تحقيق التنمية والنهضة المستدامة؛ فالمجتمعات التي تتمسك بقيمها الأصيلة قادرة على مواجهة التحديات، مهما كانت جسامتها، من خلال الحفاظ على النسق القيمي وتفعيلها عمليًا؛ لبناء أجيال واعية تمتلك القدرة على التصدي لمحاولات التلاعب والاضطراب، وتعمل من أجل مستقبل أفضل يليق بتاريخنا وحضارتنا العريقة، حفظ الله بلادنا وشعبها العظيم وقيادتنا السياسية الرشيدة وأدام علينا الأمن والأمان والاستقرار.