.. منذ الساعات الأولى لتوقيع اتفاق الهدنة بين إسرائيل ولبنان فى ( ٢٧ نوفمبر المُنقضي ) كان التفاؤل يسيطر علينا جميعاً ، فالهدوء سيعود للمنطقة العربية بعد اتساع رُقعة الصراع وسيعود مواطني جنوب لبنان إلى بيوتهم وسينسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان وسينتشر الجيش اللبنانى فى الجنوب وستستمر قوات اليونيفيل فى تواجدها على الحدود الإسرائيلية اللبنانية ، تفاؤل بانحسار المواجهات وإطفاء جزء من نارها والتى قد تُنبأ بإمكانية وقف إطلاق النار وإتمام إتفاق إسرائيل وحركة حماس وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات .. لكن بعدها بساعات قليلة تم فتح جبهة جديدة للصراع الدامى فى الشرق الأوسط وهى ( جبهة سوريا ) ، ظهرت مرة أخرى الفصائل والتنظيمات المسلحة لكن بـ "نيو لوك" جديد ، وسيطروا على "حلب" فى ساعات ثم اتجهوا إلى "حماة" وسيطروا عليها ، أعلنوا عن أنفسهم وغيروا المعادلة السياسية وقلبوا موازين القوى واتضح فى النهاية أن هناك فصائل مسلحة مختلفة تتعاون فيما بينها وتمتلك طيارات مُسيرة وسلاح حديث ورادارات إضافة إلى سيارات دفع رباعى جديدة وعناصر مُدربة تدريب على أعلى مستوى
انتهى يومى وأنا فى حالة نفسية سيئة ، وقررت إغلاق هاتفي وذهبت لأستريح وأخلد فى سريرى ، وأعترف : لم أذُق طعم النوم فى هذه الليلة ، وفى صباح اليوم التالى توجهت إلى البلكونة وفتحت باب البلكونة وقررت الجلوس فيها لأستمتع بشمس القاهرة الساحرة فى ليلة شتوية ، جلست بمفردى وأنا أتناول فنجان قهوة صباحى تعودت عليه منذ سنوات ، كنت أنظُر إلى السماء الصافية والشمس الدافئة ، تذكرت وقتها أن "مصر" كان يُراد لها أن تدخل فى دوامة الفوضي العارمة التى خَطط لها الأعداء وتعاون معهم المأجورين والمرتزقة خلال الفترة من ( يناير ٢٠١١ حتى يونيو ٢٠١٣ ) ، تذكرت كيف كانوا يخططوا لإسقاط مصر وهدمها وتشريد شعبها ، وقُلت : ياااااه كيف تم إنقاذ "مصر" من الضياع ؟
.. هذا السؤال بالرغم من إنه صعب عليّ ترديده إلا أنه يجعلنى أتذكر الأحداث الكارثية التى مرت بها "مصر" ، كان السلاح _ بحوذة المتطرفين _ فى الشوارع ، رُفِعت أعلام تنظيم القاعدة فى ميدان رمسيس ، شَكَلوا معسكرات لتدريب الإرهابيين فى سيناء ، أرسلوا عناصرهم للخارج للتدريب على أعمال التجسس وكيفية إستخدام أدوات التجسس ، كفروا المجتمع بأكمله ، من لا يمشي فى طريقهم فهو عدواً لهم وحَلَلوا لأنفسهم إصدار فتاوى التفكير ضد كل من يعارضهم ، لا أنسى أن الكاتدرائية المرقسية بالعباسية أطلقوا عليها النار للمرة فى التاريخ ، لا أنسي إنهم إعتصموا أمام المحكمة الدستورية وهتفوا ضدها ، لا أنسي شهداء رفح الجنود الأبرياء ، لا أنسي خطف الجنود السبعة ، لا أنسى إقتحام السجون وحرق أقسام الشرطة والمحاكم ، ولا يمكن أبداً أن أنسي تفجير مديريتى أمن القاهرة والدقهلية
.. تم إنقاذ "مصر" بعد العناية الإلهية وبعد تحالف شعبي ربما هو الأكثر واقعية فى التاريخ ، هتف الشعب هتافاً واحداً بسقوط دولة المُرشد ، تخلينا عن كل مشاكلنا وأصبح استعادة الوطن هو هدفنا وشغلنا الشاغل ، عاد لنا الوطن جريحاً لكننا كُنا سعداء بعودته لأحضاننا ، كانت عزيمتنا حديدة وإرادتنا قوية وثقتنا فى الله عزوجل كبيرة ، لم تُرهبنا تهديدات الخارج ، لم نرضي بمُهادنة الخونة ، كان قرارنا واحد ، أردنا استعادة "مصر" ، فعادت لنا
.. كُنا نعرِف أننا سندفع الثمن غالياً ، فدفعناه من دماء شبابنا الذين استشهدوا فى المواجهات مع إرهاب الخونة ، لم يكُن لدينا أدنى شك من أن "مصر" ستعود لنا لأننا اعتصمنا بحبل الله واتحادنا وعقدنا العزم على إنقاذ وطننا مهما كلفتنا الظروف ومهما تعرضنا لكبوات وانكسارات ، فلدينا صفة تُميزنا عن باقي الشعوب وهى أننا ( كُلنا جيش فى وقت الشِدة للدفاع عن وطننا )
.. الأحداث فى قطاع غزة "مريرة" ، الوضع فى "لبنان" مأساوي ، أما "سوريا" فمعها الله وكان الله فى عونها وعون شعبها ، الأحداث فى مُجملها خطيرة ، خطيرة جداً ، خطيرة جداً جداً .. لكن علينا أن نثق أولاً فى قُدرتنا وإمكانياتنا ، لكن لا داعى للانزعاج فـ "مصر" بخير ، ولكن دعونا نقلق القلق الصحى ، ومن يتجرأ ويحاول النيل من "مصر" سيلقي مصيره المحتوم ، فلا تهاون مع مَن يهددنا ، ولا صمت مع مَن يتجرأ ويضعنا فى جملة مفيدة لجر شَكَل "مصر"