يؤمن الناقد والكاتب الصحفي إيهاب الملاح بدار المعارف ودورها وقيمتها وتأثيرها، ويظهر ذلك من مؤشرات كثيرة منها كتابه المهم "دار المعارف .. 125 عاما من الثقافة"، ومن هنا عندما تم تكليفه مشرفًا عامًا على النشر والمحتوى بالمؤسسة، وجدها فرصة سانحة لإثبات رؤيته على أرض الواقع، وأن يدلل على أن دار المعارف لا تزال قادرة على التأثير.
أحب أن أسمي هذه المرحلة من حياة دار المعارف، والتي يقوم إيهاب الملاح بمسئولية النشر فيها "العودة"، ومن رأيي هي المرحلة الأخطر في سلسلة الإصلاح التي ظهرت بشائرها، لأنها تنطلق من سؤال "كيف أعيد الناس (قراء وباحثين) مرة أخرى إلى متابعة المؤسسة والبحث عن منتجاتها؟ لذا كانت الفكرة بأن يعاد مرة أخرى نشر روائع المؤسسة السابقة.
أعادت دار المعارف نشر كنوزها، فرأينا أعدادًا من سلسلة "اقرأ" الشهيرة فرحنا نقرأ مرة أخرى ما كتبه سامي الكيالي عن طه حسين، وما قاله أحمد أمين عن رفاعة الطهطاوي وتجربته الكبيرة في خدمة الوطن، وقصة الفلسفة كما يرويها مراد وهبة، وما ذكرته نعمات أحمد فؤاد عن أحمد رامي، بينما نتعلم مع سلامة موسى في "هؤلاء علموني" وغير ذلك، كما أعاد لنا مرة أخرى سلسلة وسلسلة "فنون الأدب العربي" فتوقفنا مع شوقي ضيف وأفكاره ومنهجه ودوره في خدمة تراثنا وهويتنا العربية، كل هذه الكتب وغيرها كان لها صدى كبير في السابق لكنها نفدت من المكتبات، وبالتالي عندما يعاد نشرها مرة أخرى فإنها سوف تؤدي غرضها لمن قرأها من قبل أو من يحب أن يقرأها لأول مرة.
ونجحت خطة إيهاب الملاح، واهتم الناس بالكتب الصادرة وأعتقد أن الخطوة ستؤكد نجاحها في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته المقبلة، وسيلحظ الجميع أن دار المعارف ستكون مقصدًا لكثير من محبي الكتب والقراء، لكن إيهاب الملاح تنتظره خطوات أخرى أكثر قوة وتحتاج جهدا أكبر، وهي نشر كتب جديدة في كل فنون المعرفة وأن تلبي هذه الكتب حاجة الإنسان المعاصر وذائقته.
هذه الخطوة ليست سهلة، لكن إيهاب الملاح وحماسته يدلان على أنه قادر على هذه الخطوة المهمة، وبالفعل أطلق " اقرأ العلمي" وأعرف أنه سيتبع ذلك بإصدارات أخرى كثيرة.
هذه خطوات مهمة تليق بمؤسسة كبيرة مثل دار المعارف كانت في وقت ما مقصد كبار الكتاب في النشر ومقصد القراء والمثقفين في العلم والمعرفة.