في قلب الصعيد، بين صفحات التاريخ وضفاف النيل، تتربع قرية شطورة كجوهرة فريدة تضيء سماء محافظة سوهاج.
شطورة، التابعة لمدينة طهطا، ليست مجرد قرية، بل هي حكاية تُروى عن العلم والنور والجمال، حين تذكر شطورة، تذكر "قرية العلم والعلماء"، هذا اللقب الذي لم يُمنح عبثًا، فهذه القرية الصغيرة بمساحتها، الكبيرة بأثرها، تضم بين أزقتها عباقرة وأعلامًا يفتخر بهم الوطن، أكثر من 500 أستاذ جامعي خرجوا من شطورة، ونحو 1500 حامل لرسائل الماجستير و200 صحفيًا، بالإضافة إلى ما يزيد عن 800 طبيب وصيدلي.
وكأن شطورة تزرع العلم كما تزرع الأرض، وتسقيه بحبها الفطري للتعليم، فتُثمر أجيالًا تزين الوطن بإنجازاتها، شطورة ليست فقط قرية للعلم، بل هي أيقونة للتسامح والمحبة، في مجتمع يعرف بعضه قضايا الثأر والعنف، استطاع أهل شطورة أن يقدموا نموذجًا مضيئًا للسلام والتعايش.
هنا، الكرم ليس مجرد صفة، بل هو عادة متأصلة، وهنا، تُعلى القيم الحميدة وتُصان، وكأن شطورة تعيد تعريف النقاء الأخلاقي في عصر باتت فيه القيم عملة نادرة.
أما المرأة الشطورية، فهي قصة نجاح بحد ذاتها، أثبتت أنها ليست فقط جزءًا من الحكاية، بل هي أحد صناعها، من المناصب القيادية إلى الإنجازات الأكاديمية والمهنية، سطرت المرأة في شطورة تاريخًا ناصعًا يتحدث عنه الجميع.
وعلى ضفاف النيل، حيث يتعانق الجمال الطبيعي مع روح الإنسان، تشتهر شطورة بالزراعة التي أكسبتها وجهًا بديعًا، الأرض هنا ليست مجرد تراب وماء؛ هي قصة عشق متبادلة بين الفلاح وأرضه، حيث تنتج الطبيعة أجمل ما لديها.
شطورة ليست قرية عادية، بل هي وطن صغير يحمل في طياته ملامح كبيرة، ينتمي إليها العديد من الشخصيات العامة التي طبعت بصماتها في مختلف المجالات، لكنها ظلت وفية لجذورها.
في شطورة، لا شيء عادي؛ هنا تمتزج الحكايات القديمة بروح العصر، ويصنع الناس مستقبلًا يليق بتاريخهم، شطورة ليست مجرد مكان على الخريطة، بل هي أغنية تُرددها الأجيال عن النجاح والتميز، وكأنها النيل الذي لا يتوقف عن العطاء.