المؤثرون أو صناع المحتوى، مصطلحات شقت طريقها على مدار السنوات الماضية فى عالم الإعلام لاسيما الإعلام البديل؛ حيث وسائل التواصل الاجتماعى والتطبيقات المختلفة، والتى باتت ذات تأثير كبير على الرأى العام سواء على المستوى المحلى أو العالمى، ما دفع القائمين على الإعلام إلى النظر بعين الاعتبار لهذه الظاهرة التى بزغ بريقها سريعا خاصة فى فترة جائحة كورونا والتى ترتب عليها حظرا، دفع الجميع من مختلف أنحاء العالم للجوء إلى العالم الرقمى لقضاء حوائجهم سواء العملية أو الدراسية أو حتى الترفيهية إلى جانب التواصل مع الأهل والأصدقاء.
واهتمت مصر بهذا الأمر من خلال الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بالديجيتال ميديا إلى حد كبير، وحرصت على التطوير المستمر لمنصاتها المختلفة، والعمل الدائم على المواكبة بين ما هو تقليدى وحديث، لتقديم أفضل خدمة إعلامية تناسب جميع الأعمار والأذواق، وبالفعل جمعت غالبية روافد الشركة الإعلامية بين العمل التقليدى من خلال الصحف الورقية والقنوات الفضائية والتلفزيونية والمنصات الرقمية عبر مواقعها الإلكترونية والسوشيال الميديا، تعزيزًا لدورها وحتى تكون مناسبة للشباب ومتابعى العالم الافتراضى بشكل عام.
ومنذ أيام وقع الرئيس التنفيذى للشركة، عمرو الفقى عقدا مع واحد من أشهر صناع المحتوى بمصر، إسلام فوزى، لتقديم سلسلة من حلقات البودكاست بروح شبابية، على مختلف وسائل التواصل الاجتماعى، ويتناول «فوزى» برنامجه بطريقته الكوميدية الشهيرة أهم القضايا التى تظهر عبر منصات السوشيال ميديا، والتى تتحول إلى ظواهر اجتماعية بعضها إيجابى وبعضها سلبى، ومن خلال استعراض هذه القضايا وإبداء الرأى فيها كما يبرز ما نشاهده يوميا من تناقضات غريبة ومفارقات متعددة، نشاهدها يوميًا مثل فى قصص الانفصال، والزواج والطلاق وإساءة استخدام السوشيال ميديا كأداة لتصفية الحسابات، وحياة الفنانين والفنانات، واللجان الإلكترونية للمشاهير، والتريندات المتنوعة التى تؤثر فى الكبير والصغير، وقد أكد «الفقى» فى نوفمبر الماضى، خلال مشاركته فى منتدى مصر للإعلام فى نسخته الثانية، أن «المتحدة» لديها 32 وسيلة إعلام مختلفة، وجميعها قائمة على خطة تطوير واضحة كما تحاول إدخال الذكاء الاصطناعى فى محتواها.
أيضا نجد ظاهرة المؤثرين شهيرة إلى حد كبير فى عدد من الدول الخليجية الشقيقة، إلى حد أن بعضهم وإن لم يكن جميعهم أكثر شهرة من إعلاميين وصحفيين ينتمون إلى نفس الدول، فباتوا أكثر تأثيرًا على مواقع التواصل الاجتماعى، وبالأخص «X» تويتر سابقا، فهم نجحوا فى اكتساب ثقة المتابعين من جميع أنحاء العالم، إلى حد جعلهم مصادر تلجأ إليها وسائل الإعلام العربية والأجنبية، ونقل المعلومات من حساباتهم الرسمية كمصدر موثوق، وذلك نظرا لأن غالبيتهم إما مسؤولون أو ذوو صفة رسمية، أو شباب تُشيد بهم بلادهم فى عدد من المحافل المحلية لديهم. وفى الواقع يحرص جميعهم على تقديم صورة ذهنية إيجابية عن أوطانهم من خلال محتوى إعلامى إيجابى يشمل مجالات مختلفة، فبعضهم يقتحم المجال السياسى داعما توجهات السياسة الخارجية لبلاده، وآخرون يهتمون بالترويج لما تتميز به بلادهم من معالم سياحية وأماكن ترفيهية، وغيرهم يتناولون ما تحققه بلادهم من نجاحات اقتصادية وفرص استثمارية واعدة بها، فى حين أن جميعهم يصطفون خلف أوطانهم فى دعم أمنها واستقرارها دون اختلاف فيما بينهم.
وتُعد استراتيجية الاعتماد على المؤثرين أو صناع المحتوى رابحة بشكل كبير بالنسبة للدول ومؤسساتها الرسمية، حيث يُمكن تدريبهم بشكل جيد وإصقال موهبتهم بعيدًا عن الإسفاف أو الابتذال، ومن ثم الاستعانة بهم فى مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والترفيهية، اعتمادًا على شهرتهم وانتشارهم الواسع من خلال محتوى مُبسط قادر على نقل المعلومات الصحيحة إلى مختلف فئات المجتمع، إضافة إلى توضيح رؤية الدولة وتوجهاتها بشأن الكثير من الملفات الإقليمية والمحلية أيضًا، ما يُساهم فى إعلاء وعى الأفراد والمواطنين خاصة فى ظل ما نشهده من أوضاع وأزمات عالمية تؤثر بدورها على الداخل، بالإضافة إلى تعزيز الدبلوماسية الرقمية للدولة وتعزيز سياساتها الخارجية فى أنحاء العالم. هذا إلى جانب المحتوى الترفيهى والتثقيفى الذى يحظى باهتمام كبير على منصات التواصل الاجتماعى.
خطوة «المتحدة» هذه تأتى ضمن مسيرة تطوير مُستمرة حريصة على مواكبة المتغيرات أولًا بأول من خلال اقتحام عالم الإعلام الرقمى ومحاولة دائمة لاستخدام التكنولوجيا الحديثة وتطوير العاملين بها بما يتناسب مع هذا العصر الحديث، لتقديم محتوى إعلامى يليق بتاريخ الإعلام المصرى، قادر على التأثير محليًا وعالميًا، فى عالم يشهد متغيرات تكنولوجية متسارعة باتت تتطلب الاستعداد المُبكر لمستقبل أكثر ازدهارا يتناسب مع طموحات الجمهورية الجديدة.