عقب أحداث 25 يناير 2011، وهو تاريخ الوبال على مصر والمنطقة بأكملها، ومستمرة تبعاتها السيئة حتى الآن، خرجت الإدارة الأمريكية حينها، فى عهد الرئيس الأسبق بارك أوباما، تطالب مصر بمنح الفرصة للشباب، لتولى مقاليد الأمور، ودارت الآلة الإعلامية الأمريكية والغربية، محدثة ضجيجا أصمّ الآذان، وقننت وضعا يتقاطع مع العقل والمنطق، فى عملية ابتزاز رخيص، ففكرة أن يتولى المسؤولية شباب، فكرة براقة، لكنها لا تحمل بين ثناياها قيما موضوعية، مثل الكفاءة والجدارة المهنية دون الارتباط بالسن، وأن فرض فكرة الدفع بالشباب كان هدفها - حينها - ابتزازا وتدخلا سافرا فى شأننا الداخلى، توظيفا لحالة فوضى كانت تعم البلاد!
وإذا كانت مطالب الدفع بالشباب لضخ دماء جديدة تحمل أفكارا مختلفة وتتمتع بالحماس، فهذه حقيقة، لكن الباطل الخفى، يتمثل فى أنهم يطالبون بضرورة اختيار شباب بأعينهم يمثلونهم، ليتولوا موقع المسؤولية، ويدينوا بالولاء الكامل لهم، وإذا ما استبعدنا الشك ونظرية المؤامرة، رغم وجودها بكل الأدلة والبراهين، إلا أن وبعد انتهاء فترة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، الثانية، فوجئنا بدولة الحريات متمثلة فى بعض المؤسسات المهمة، والتى ملأت الدنيا ضجيجا وصراخا بضرورة الدفع بالشباب، تأتى برئيس من مواليد 14 يونيو 1946 دونالد ترامب، والذى كان يبلغ حينها من العمر حوالى 75 سنة، ثم اختارت رئيسا بعده، من مواليد 20 نوفمبر 1942جو بايدن، أى يبلغ من العمر حاليا 81 عاما، ويا ليت الأمر اقتصر عند حد العمر المتقدم المتجاوز ثمانية عقود، وإنما رئيس غائب عن الواقع، وحسب الصحف القريبة من الإدارة الأمريكية، والحزب الديمقراطى، والتى عنونت - خلال الساعات القليلة الماضية - فى صدر صفحاتها الأولى، متهمة جو بايدن بضعف وضياع وفقر الذاكرة.
الحزب الديقراطى، وأحد رموزه باراك أوباما، هيلارى كلينتون، شنوا حملة ضروسا ضد دونالد ترامب، واتهامه بأنه شخصية مزاجية ومتهورة وغير مؤهلة لمسؤولية إدارة دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية، وتساءلوا ماذا سيفعل فى الحقيبة السوداء المتحكم فيها وبداخلها شفرات النظام النووى الأمريكى وتمنحه الحق فى تنفيذ أى هجوم نووى فى حالة ما تعرض الأمن القومى الأمريكى لتهديدات وجودية؟ وسخر باراك أوباما خلال دعمه لحملة هيلارى كلينتون، والتى كانت تنافس دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية 2017، متسائلا: «كيف لشخص - يقصد ترامب - غير قادر على إدارة حسابه على «تويتر»، الاحتفاظ بشفرة السلاح النووى؟!».
وإذا كان دونالد ترامب الرجل الذى يتمتع بذاكرة قوية، ومع ذلك فإن صقور الحزب الديمقراطى، تخوفوا على الشنطة السوداء من رجل يتصف بالتهور - حسب ادعائهم - فمن الإنصاف أن يطرحوا السؤال على الرئيس الحالى جو بايدن، والذى يعانى من أمراض النسيان والغياب عن الواقع، وهى أمراض ذهنية أخطر بمراحل من صفة التهور أو العصبية أو المزاجية، وعلى باراك أوباما نفسه أن يطرح سؤاله الساخر الذى طرحه على ترامب فى 2017 على الرئيس الحالى جو بايدن، بصيغة جديدة وهى: كيف لرئيس مغيب عن الواقع ويصافح الهواء ويتحدث للأموات، الاحتفاظ بشفرة السلاح النووى؟
الحقيبة السوداء ترافق الرئيس الأمريكى بشكل دائم، سواء كان فى البيت الأبيض، أو فى موكب، أو على متن طائرة الرئاسة وحتى أثناء وجوده فى المصعد، ويتناوب على حملها 5 من جنود الكوماندوز تلقوا تدريبا خاصا بآلية التعامل مع هذه الحقيبة المهمة، ويُسمح للرئيس بإعطاء أمر بتنفيذ هجوم نووى فى حال كان بعيدا عن غرفة العمليات فى البيت الأبيض.
هذه الحقيبة السوداء تُعرف أيضا باسم «حقيبة الطوارئ» و«حقيبة الزر»، بداخلها توجد بطاقة خاصة بالرئيس تعرف باسم «بسكويت» مزودة برموز الإطلاق النووى، وكتيب يتضمن تعليمات تشغيل النظام النووى.
إذن ومن خلال هذا السرد فإن العالم تحت وطأة الخطر الداهم، فى حالة أن استخدم الرئيس الأمريكى صلاحيته، بتنفيذ هجوم نووى مدمر، وأن الرئيس المغيب عن الواقع، ولا بالكاد يتذكر اسمه، يحمل حقيبة تهدد بفناء العالم، وأعتقد أن عدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على إيقاف الحرب الإسرائيلية البربرية على قطاع غزة، عدم وعى الرئيس جو بايدن، وانفصاله عن الواقع، إذا يتحدث مع رئيس وزراء إسرائيل، وما إن يغلق الهاتف، حتى ينسى نص المكالمة، وما بين النسيان والغياب عن الواقع، تعيش منطقة الشرق الأوسط، وربما العالم كله فى حالة تهديد حقيقى لاندلاع حرب عالمية ثالثة لا تزر وازرة!
وأعى تماما ما سيردده حجيج البيت الأبيض، وعبدة تمثال الحرية، أن أمريكا دولة مؤسسات، والقرار ليس مسؤولية الرئيس بمفرده، وقبل اتهامى بأننى لا أدرك هذه الحقيقة، أرد عليهم بأن كل ما كانت تصدره أمريكا ومن خلفها أوروبا، من قيم العدالة والحرية والديمقراطية السامية، سقطت مائة مرة عند كل اختبار، وكان آخرها اختبار الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، حيث التناقض الفج وانتهاك صارخ للمعايير الإنسانية والقيمية والأخلاقية، هى سيد الموقف!