دخلت الأوضاع الأمنية فى المنطقة منعطفا خطيرا، مع إصرار رئيس وزراء الاحتلال على مواصلة العدوان بما يهدد بتوسيع رقعة الصراع فى المنطقة، وهو ما حذرت منه مصر وما تزال، وتؤكده المواقف المصرية، مع سعى كبير للتوصل إلى هدنة هدفها الأساسى إنقاذ المزيد من المدنيين ووقف أى تطور يضاعف من معاناة الفلسطينيين فى غزة.
ويأتى هذا الموقف المصرى بالتواصل مع كل الأطراف، فى وقت تشير التقارير إلى خلافات بين الولايات المتحدة والاحتلال، فى ظل تردد الرئيس الأمريكى بايدن بين استمرار دعم العدوان، والسعى لإنفاذ هدنة ووقف استمرار استهداف المدنيين، وحسب «وول ستريت جورنال» فإن تصميم نتنياهو على سحق حركة حماس، يتعارض مع المخاوف المتزايدة فى البيت الأبيض من أن إسرائيل تضغط من أجل القيام بحملة عسكرية من شأنها أن تثير أزمة إنسانية دون أن حل واضح.
بينما يضغط أهالى المحتجزين الإسرائيليين ويطالبون بإجراء صفقة تبادل رهائن فورية مع المقاومة، وطالبوا بإقالة الحكومة، التى تواجه تراجعا شعبيا، مع استمرار الانتقادات والهجوم بسبب الثغرات الأمنية التى أدت إلى عمليات 7أكتوبر الماضى، وتشير التقارير إلى أن اتجاه نتنياهو لتوسيع الهجوم، هدفه تحقيق أى مكاسب فى صفقة تبادل المحتجزين، خاصة أنه لم ينجح حتى الآن فى تحرير المحتجزين بعد أكثر من 130 يوما على بدء العدوان.
وحسب مايكل اورين، السفير الإسرائيلى السابق لدى أمريكا، فإن واشنطن وتل أبيب على خلاف حول الكيفية التى يدير بها نتنياهو الحرب على غزة، بينما أعلن مسؤول بإدارة بايدن أن الرئيس الأمريكى ونتنياهو تحدثا مساء الأحد الماضى وركزت المحادثات فى الغالب على صفقة محتملة لإطلاق سراح المحتجزين مقابل وقف القتال، لكن ما تزال هناك خلافات فى التفاصيل.
ويرى محللون، أن نتنياهو يشير على الأرجح إلى أنه سيمدد الحرب للحصول على صفقة تبادل المحتجزين، وقال البيت الأبيض إن بايدن أكد ضرورة الاستفادة من التقدم فى المفاوضات لضمان إطلاق سراح المحتجزين جميعا فى أسرع وقت ممكن.
ومع تطور الهجوم على رفح، تتزايد الكوارث الإنسانية، بجانب احتمالات النزاع، لأن رفح تضم نحو 1.4 مليون نازح، وتستمر التحذيرات المصرية من تأثير اتساع العدوان على اتفاقيات السلام مع مصر، والتى وضعت خطوطا حمراء على أمنها القومى، فضلا عن تمسكها برفض تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير سكان غزة إلى خارجها.
وجدد وزير الخارجية سامح شكرى، التأكيد على استمرار جهود مصر للتوصل لاتفاق هدنة إنسانية فى غزة، والإفراج عن المحتجزين والأسرى من الجانبين، بهدف الوصول لوقف كامل لإطلاق النار، ونفاذ المساعدات الإنسانية، ومنع تصفية القضية الفلسطينية.
وقال شكرى، السبت الماضى خلال مؤتمر صحفى مشترك مع وزيرة خارجية بلغاريا، إن المفاوضات معقدة، حيث يسعى كل طرف لمصلحته، مشيرا إلى أن التصريحات الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين والنشاط العسكرى فى جنوب غزة ينبئان بوضع إنسانى كارثى، وأن الأمر لا يحتمل سقوط المزيد من الضحايا المدنيين والتدمير وأى زيادة فى العمليات العسكرية ستكون لها تداعيات خطيرة، رافضا أى محاولات تقوم بها تل أبيب لتنفيذ التهجير.
وشدد شكرى، على تحذير مصر من اتساع رقعة الصراع فى المنطقة، مجددا التأكيد على وجود اتصالات مصرية مستمرة لوضع إطار للتوصل إلى هدنة فى قطاع غزة، والسعى لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار فى غزة وإنفاذ المساعدات، مشيرا إلى ضرورة تحقيق الحل السلمى بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإنهاء الصراع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، لإرساء الأمن والاستقرار.
وهنا فإن الموقف المصرى واضح، ويتم إعلانه لكل الأطراف، رفض التهجير والتصفية، والتحذير من خطورة كسر اتفاقات السلام، مع ضرورة توقف العدوان وإطلاق مسيرة سلام، تنتهى بالدولة الفلسطينية، مع استمرار إنفاذ المساعدات للفلسطينيين، وأن هذا هو الهدف الواضح، بعيدا عن مصالح أطراف ترى مصالحها مع استمرار الصراع.