عودةٌ جديدة إلى لاهاى؛ أو بالأحرى قديمة. افتتحت محكمةُ العدل الدولية أسبوعًا من المُرافعات بشأن القضية الفلسطينية، فى إطار المسار الأُمَمى الذى طلب فتواها عن الآثار القانونية لمُمارسات الاحتلال منذ العام 1967. وكانت الجولةُ السابقة مع دعوى جنوب أفريقيا، فيما يخصُّ أعمال الإبادة الجماعية الدائرة فى غزّة. وما بين الاستعجال فى نتاج الحرب، والتأنّى فى نظر الأسباب المُنشئة للصراع أصلاً، يبدو المجتمع الدولى مُرتبكًا وعاجزًا عن ترتيب الأحداث بحسب أزمانها وتأثيراتها، وعن اتّخاذ مواقف موضوعية جادّة تُعيد المسألةَ إلى مسارها القويم، بعدما طالها التلوين والتحريف، وتسيَّدت فيها الأيديولوجيا على كلِّ ما عداها من اعتباراتٍ إنسانية وأخلاقية وقانونية. كأنَّ النظام العالمى الذى تأسَّس لردم التناقضات، وحصار مخاطر الاحتدام والتصعيد، تنعكسُ مهامّه فى البيئة العربية؛ فيصيرُ راعيًا للأزمة وحارسًا أمينًا على تراثها الحارق. لهذا ربما لا يُؤمَل أن تُثمر الخطوةُ شيئًا حقيقيًّا، أو أثرًا يُكيّف المحنة على وجهٍ أقلّ راديكالية وخشونة؛ لكنها تظلّ مُقدمةً مُهمّة، يصحُّ أن تتغيّر تباشيرُها وفق ما يُبنَى عليها من مُقتضيات ونتائج.
تمتدُّ وقفة الضمير الحالية ثمانية أيام بستِّ جلسات، من أمس الاثنين إلى السادس والعشرين من فبراير. وتعودُ إلى طلب الجمعية العامة للأمم المُتحدة، فى قرارٍ اعتمدته خلال ديسمبر 2022، رأيًا استشاريًّا من محكمة العدل بموجب المادة 65 من نظامها الأساسى، عن تبعات انتهاك حقّ تقرير المصير، والاحتلال طويل الأمد لسبعٍ وخمسين سنة، وتأثيره على الوضع القانونى فى ضوء سياسات الاستيطان وضمِّ الأراضى، ومساعى تغيير التركيبة الديموغرافية فى جغرافيا فلسطين، بما فيها القدس الشرقية. والملمحُ الأوّل أن المُطالبةَ كانت مشفوعةً بصِفة «الفصل على وجه السرعة»، بينما جاءت الجلساتُ بعد نحو أربعة عشر شهرًا؛ ما يُشير إلى فَهمٍ أكثر أريحيّة لفلسفة الزمن، لعلَّ ركيزته الأساسية أنَّ لإسرائيل وضعًا دوليًّا فوق القانون والمواثيق المُعتبرة، رسَّخته عُقود التراخى فى إنفاذ المُقرَّرات الأُمَميَة، والتصدِّى لبطش آلة القتل الصهيونية؛ حتى صار متحفُ القضية أرشيفًا ضخمًا من التقارير المُطوَّلة والقرارات المُعطَّلة، وقد لا تُضيف المُداولات الحالية غير ورقةٍ واحدة على الرفوف المزدحمة؛ ما لم تُستثمَر الخلاصةُ المُتحصَّل عليها من قُضاة العدل فى افتتاح مسارٍ سياسى، يُفضى إلى تخليق التوازن الغائب بمُبادرة تُحقِّق اختراقًا مُتقدِّمًا، وتُجبر العدو على تعديل تكتيكاته؛ بعدما يصطدم بتحوُّل استراتيجى ينقلُ المعركةَ من نقطة الصفر: أى من دولةٍ مُقابل فصائل، إلى دولتين فى نزالٍ شِبه مُتكافئ، على الأقل لناحية القانون والمراكز المعنوية.
بحسب روزنامة المُرافعات؛ فإن القضاةَ سيستمعون لنحو خمس وخمسين مرافعةً، خُصِّص اليوم الأول لفلسطين وحدها بنحو ثلاث ساعات، ثمَّ تتوزَّع الأيام بواقع إحدى عشرة للثلاثاء ومثلها للأربعاء، واثنتى عشرة فى الخميس والجمعة، وثمانية يوم الاثنين المقبل. وتُشارك اثنتان وخمسون دولةً وثلاثُ مُنظّمات دولية: الاتحاد الأفريقى، والتعاون الإسلامى، والجامعة العربية. وكلُّها التزمت بتقديم مُذكّراتها المكتوبة فى حدود الموعد النهائى لها أواخر يوليو الماضى، ثمّ الردود على المُرافعات فى سبتمبر. بينما أرسلت إسرائيل ورقتَها وامتنعت عن الجلسات، وانحازت لها الأرجنتين وجواتيمالا. والمعنى أن القائمةَ النهائية الحاضرة أقرب إلى الإجماع فيما يخصُّ إدانة الاحتلال، أو عدم مُمالأته وتمرير تجاوزاته، ما يُعزِّز التوقّعات بأن تكون الموجةُ بكاملها فى صالح فلسطين، وتصبّ الفتوى فى اتجاه تثبيت الموقف القانونى المُضاد للدولة الصهيونية ومُمارساتها، وربما تحفيز البيئة الدولية لاتّخاذ إجراءات حيويَّة دافعة للقضية؛ لا سيما مع يقظة الضمير الآنيّة بالنظر لحجم الدمار والإبادة فى غزّة.
لا علاقةَ بين المُقاربة القضائية والعدوان على القطاع. الطلبُ أمام المحكمة قبل وقوع «طوفان الأقصى»، وكذلك الإفادات المكتوبة من الدول، ووقائعُ الاحتلال ثابتةٌ بالممارسة الطويلة ولا تحتاج دليلاً إضافيًّا؛ لكن التراتبَ الذى أنشأته المصادفةُ وحدها، وأن تُطرَح المسائلُ القديمة على الطاولة بعد إجرامٍ جديد؛ إنّما يُفيد لناحية قَطع الطريق على تقنيات المُراوغة والجدليّات الخطابية، وبناء حاجز من الدم يردعُ القانونيين والسياسيين عن ألاعيب الحواة المُعتادة. وإلى ذلك؛ فإن الرأى الاستشارى غير المُلزم يكتسبُ قيمةً مُضاعَفة، ليبدو كما لو أنه امتحانٌ أخلاقىّ للجمعية العامة ومرافقها، ولكثيرٍ من الحكومات التى احترفت الميوعةَ أو تقطيع الوقت لصالح إسرائيل. ولو وُضِع التركيبُ الراهنُ إلى جوار أحاديث غربيّة عن دراسة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، واحتشاد الدائرتين العربية والإسلامية، جنبًا إلى جنب مع الأفارقة واللاتينيين؛ فربما نكون بصدد واحدةٍ من أكثر المراحل زَخمًا وفاعليّة، إلى الدرجة التى يتيسَّر معها بناء توافق عالمى واسع يُفضى إلى استيلاد فلسطين؛ ولو ظلَّت ولادةً اسميّة يصعبُ إنفاذُها ماديًّا، فإنها ستُشكِّل قفزةً واسعة للأمام، ومُكتسبًا يتعذَّر على الاحتلال أن يهربَ من مفاعيله مُستقبلاً.
رغمَ الانحياز الأمريكى، ومُناكفات بعض العواصم الأوروبية كما فى لندن وبرلين، فإنَّ العالم أقرب ما يكون إلى اعتماد لُغةٍ واحدة بشأن فلسطين. الجمعيةُ العامة صوَّتت لصالحها فى الحرب الجارية بأغلبيةٍ حاشدة، ومشاريع قرارات مجلس الأمن أفصحت عن رأىٍ عام ظاهر؛ بالرغم من إحباطها بفيتو واشنطن. وكانت قمّة القاهرة للسلام وبعدها القمَّة العربية الإسلامية تعبيرًا عن رؤيةٍ مُضادة للهمجية الإسرائيلية، وكذلك كثير من المواقف فى آسيا وأمريكا اللاتينية. وخلال القمَّة الأفريقية فى أديس أبابا قبل يومين، أدان البيان النهائى وحشيَّةَ تل أبيب واحتلالَها، وطالبَ بوقف العدوان والإبادة والامتثال لتدابير محكمة العدل. وعلى هامشها هاجم الرئيسُ البرازيلى لولا دا سيلفا مُمارسات الصهاينة، وشبَّه ما يفعلونه بما كان من هتلر والنازيّين؛ حتى أن نتنياهو تخلّى عن الدبلوماسية وكتب تغريدةً يردُّ عليه بغلظةٍ، وأوعز لوزير خارجيته باستدعاء السفير وتوبيخه. وحصيلةُ كلِّ ما فات طوال عشرين أسبوعًا من دَكّ غزَّة على رؤوس ساكنيها، تبدو مُمثَّلةً بقوّةٍ ووضوح فى لاهاى؛ إذ بجانب اثنتين وخمسين دولةً من كلِّ القارات، تحضرُ الجامعة العربية والتعاون الإسلامى والاتحاد الأفريقى، وتُمثِّل أكثر من نصف حكومات الأرض، أى أن المرافعات المُتتابعة فى قصر العدل تُعبِّر عن أغلبيّة دوليةٍ ملموسة بتعداد اللافتات، وكاسحةٍ بتعداد البشر وأحجام الجغرافيا والاقتصاد والتنوُّعات الإثنية والثقافية، وحال تُرجِمَت الهبَّةُ الأخلاقية عملاً سياسيًّا، وبادر الحشدُ أو أغلبه بإيداع اعترافهم بدولة فلسطين، والتصويت عليه فى الجمعية العامة؛ فإنها قد تتحقَّق قانونيًّا فى نطاقها الشرعى على حدود يونيو 1967، وتحوز العضويّةَ الكاملةَ بدلاً من صفة المُراقب؛ ليتَّخذ الصراع وجهًا آخر غير ما فُرِضَ عليه منذ النكبة إلى اليوم.
تُريدُ إسرائيل أن يتوقَّف أمرُ القانون على ما كان قبل قرار التقسيم، وتتوقَّف السياسة عند الوضع الراهن.. أى أنها تسعى لإدامة هيمنتها على كامل الجغرافيا، مع تغييب الأسانيد الشرعيّة التى تُؤسِّس للحلِّ النهائى، وتُنظِّم الحقوقَ والالتزامات المتبادلة. ربما أخطأ العربُ فى موقفهم عام 1948؛ لكن العصابات الصهيونية ما أبدت رغبةً فى احترام الحدود الجديدة، قبل الحرب أو بعدها، واستمرَّت فى التوسُّع بوتيرةٍ صاعدة، تحت النار أو فى أزمنة التهدئة. والفلسفةُ التى خاضت بها جولات مدريد وأوسلو وكامب ديفيد الثانية ما زالت الحاكمةَ لتصوُّرها عن التفاوض: أن يكون الاحتدامُ وسيلتَها لسرقة الأرض وتخليق أوضاع جديدة، والهدوءُ أداتَها لتثبيت مكاسبها وإعادة الفلسطينيين لنقطةِ الصفر. وهى اليوم ترفضُ الحديثَ عن حلِّ الدولتين، وبالضرورة عن حدود يونيو، لا لشىءٍ إلَّا أنها تُريد أن تجعل الاعترافَ بسُّلطة الحكم الذاتى المحدود مُقابلاً وحيدًا للسلام، بالكيفية التى تُقرِّرها وعلى ما تُحدِّدها من الجغرافيا أو تراه فائضًا على حاجتها الوقتية؛ أمَّا التخلِّى عن اعترافها أصلاً، ووَضعها فى مُقابلةٍ موضوعية مع دولةٍ قائمة عمليًّا، وذات جسدٍ قانونى مُعترَفٍ به دوليًّا؛ فإنه قد يُجبرها على التحرُّك قُدمًا نحو مسائل التسوية النهائية، فيما يخصُّ اللاجئين وحقّ العودة وصيغة الإدارة والسلاح واقتراحات مُبادلة الأراضى.
تشاركُ فى المرافعات عشرون بلدًا إسلاميًّا، منها أربعة عشر من العرب، وبعض الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، وقوى لاتينية وأُوروبية داعمة لفلسطين، كالبرازيل وبوليفيا وإسبانيا وغيرها. وتترافع مصر غدًا فى الجزء الثانى من الجلسة الأولى؛ ولعلَّ إفادتَها الأهمُ فى كلِّ القائمة. كانت دعوى جنوب أفريقيا التى نُظِرَت الشهر الماضى عاليةَ القيمة رمزيًّا؛ لأنها من بلدٍ ذى تاريخٍ نضالىّ طويل، وكان صديقًا لإسرائيل طوال خمسة عقود، ولا رابطَ من الجغرافيا أو الثقافة المُشتركة ليُحمَل تحرُّكه على الخوف أو الكيد والمنافسة. وبالمثلِ؛ فإن اشتباك القاهرة مع تاريخ الاحتلال ومُمارساته له معانٍ مُركَّبة؛ إذ إنها الأوثق علاقةً بالقضية وتحوُّلاتها، وكانت فى فلسطين قبل اصطناع إسرائيل وبعده: بحرب النكبة ثم بإدارة غزَّة لعقدين، وقد جرَّبت العدوَّ حربًا وسِلمًا، وبينهما اتِّفاق هو الأقدمُ والأرسخ لتل أبيب فى محيطها، فضلاً عن وساطتها النزيهة فى مُداولات الهُدنة: السابقة فى نوفمبر، والمُنتظَرة اليوم بين وقتٍ وآخر. ومن هنا يتحقَّق شرطُ المعرفة والإحاطة، وتنتفى شُبهةُ الانحياز والتوجيه، ويُطرَح الرأىُ على صِفة الخبرة والتجرُّد، مع انكشافٍ كامل على التفاصيل الدقيقة لأكثر من ثمانية عقود. وإن كانت الإفادةُ المكتوبةُ سابقةً على الحرب؛ فإنَّ المُرافعةَ الشفويّة تاليةٌ لها، وكما ستتركُ المشاهد الداميةُ أثرًا على أحاديث الوفود جميعًا؛ فإنها ستنعكسُ على الرؤية المصرية أيضًا؛ لا سيَّما فى ظلِّ الغطرسة الصهيونية ومُخطَّطات التهجير والتلويح باجتياح رفح. ستكونُ الرسالة فى جوهرها من ذاكرة الصراع؛ إنّما بلُغةٍ طازجةٍ تُناسب الظرفَ الراهن، وتُترجِم التحذيرَ من الجاهزية الكاملة لأىِّ احتمال، بدءًا من قوَّة القانون وانتهاءً بقانون القوَّة.
لم تُنشَر مُذكّراتُ الدول؛ إنما يُمكن استشراف ما تتضمَّنه الورقةُ المصرية؛ إذ لن تخرج عن تثبيت الحقِّ الفلسطينى بمُوجب مُقرَّرات الشرعية الدولية، وتوثيق انتهاكات إسرائيل للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، مع تأكيد مسؤوليتها عن الأفعال غير المشروعة وانعدام آثارها القانونية، ورفض سياسات الاحتلال والتمييز والاستيطان وضَمّ الأراضى، والتشديد على تقرير المصير والدولة المستقلة وتفعيل مبدأ التعويض عن الضرر، ومُطالبة المُنظَّمات الأُمميَّة والمجتمع الدولى أن تضطلع بأدوارها الواجبة تجاه لَجْم الممارسات العدوانية، وإنفاذ مُقرّراتها، وضمان سلامة المدنيِّين على أرضهم. وكلّها من ثوابت العقيدة المصرية التى لا تتزعزع، لكنها تأتى اليوم فى سياق مُنازعةٍ قانونيّة تضعُ أغلبَ العالم طرفًا فى مُواجهة إسرائيل، كما أنها تُشير إلى أن السلام البارد مرهونٌ أوّلاً باحترام التزاماته الثنائية، ثمّ ببحث الحقوق العادلة دون مُغامرةٍ تقود لتسخين المنطقة أو توسعة الصراع، وربما تدفع الدولَ المُحيطة إلى انتهاج مساراتٍ تُكافئُ جنونَ الصهيونية وتتصدَّى لنزواتها المُنفلتة.
سبقَ أن تصدَّت محكمةُ العدل لمسألةٍ شبيهة. كانت الجمعيةُ العامة قد طالبتها فى ديسمبر 2003 بفتوى فى شرعيّة بناء الجدار العازل، وقضت بعد سبعةِ شُهورٍ بأنه مُخالفٌ للقانون الدولى، ويتعيَّن وَقف العمل فيه مع تفكيك ما بُنِى بالفعل. ومرَّت عشرون سنةً تقريبًا، ما هُدِم الحائطُ ولا توقَّف بناؤه حتى اكتمل. والغالبُ اليومَ أن قضاة لاهاى سيقضون بانعدام الآثار القانونية لمُمارسات الاحتلال، مع إدانة سياسات الفصل والتمييز والاستيطان وتشويه التركيبة الديموغرافية؛ لكنها قد تمضى كسابقتها إلى خزائن الضمير العالمى التى يعلوها التراب؛ ما لم تُبادر الدولُ النشطة فى الإقليم والعالم إلى توظيفها لتحصيل مكاسب سياسية، ربما تبدأ بمحاولة استخلاص قرارٍ من مجلس الأمن، يُجدِّد أدبيّات القضية فيما خصَّ الإدانةَ والحقوق، أو استصداره من الجمعية العامة؛ ثمّ الدفع ناحية تنصيب مقعدٍ كامل الشرعية لفلسطين تحت سَقف المُنظَّمة، تأسيسًا على الحُكم وصرفًا لرصيدِ الدم الذى دفعه الفلسطينيون فى العدوان الأخير، وعشرات الحروب والمذابح السابقة.
يُمكن أن يحتضن فضاء لاهاى صرخةَ الولادة الأُولى؛ سيحتاجُ الوليدُ المُبتسر حتمًا إلى عنايةٍ فائقة منذ اللحظة الأولى، وإلى جَهدٍ شاقٍّ لسنوات؛ حتى يفلت من مخاطر الهزال وأمراض المناعة وميكروبات الغرب المُتحضِّر؛ لكنه سيكون على الأقل قد اكتسب صفةَ الوجود، ولو رمزيًّا، وتلك ما سعت إسرائيلُ وحلفاؤها طوال الوقت لحرمانه منها.. لقد قُتِلَت فلسطين فى أوروبا؛ عندما صاغت بريطانيا وعدَها المشؤوم عام 1917، وبين لندن ولاهاى نحو خمسمائة كيلومتر، قطعتها القضيّةُ العادلةُ فى أكثر من قرنٍ، وينبغى أن يبحث المُسافرون على قطارها منذ انطلاقته، أو المُلتحقون به فى الطريق، عن محطَّةٍ صالحةٍ للوصول؛ مهما بدت مُهدَّمةً ومُتواضعة المرافق، بدلاً من تضييع الوقت والدعم فى مُطاردة الأحلام البعيدة، وإدمان الجَرى فى المكان أو الافتتان بدوام السفر.