نجحت مندوبة مصر، المستشارة ياسمين موسى، فى مرافعتها أمام محكمة العدل الدولية، وقدمت رؤية واضحة ومرافعة قوية، أقنعت بها شعوب الإنسانية بحق الفلسطينيين فى دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ووصفت خطورة ممارسات دولة الاحتلال فى مواجهة شعبنا الأعزل، الذى تقصف أبنيته التعليمية ومرافقه ومستشفياته أمام مرأى ومسمع العالم كله.
ولعل من اسمها نصيب، حيث اسمها ياسمين موسى، فلو تخيلنا سيدنا موسى يعيش بيننا الآن لأدان معنا ممارسات هؤلاء الصهاينة القتلة، وبرأ الدين السماوى اليهودى من كل جرائم هؤلاء القتلة.
واستطاعت "ابنة موسى" بعبارات موضوعية، تنم عن فهم عميق للقانون الدولى، فى إدانة حكومة نتنياهو المجرمة، التى تقتل المدنيين والأطفال كل يوم، دون أى احترام لقيم إنسانية عالمية كانت فى وقت ماضى تحمى اليهود من الإبادة الجماعية على يد الزعيم النازى "هتلر".
وللعلم ولأننا فى عصر التناقضات المفضوحة دعنى أذكرك قارئى العزيز أن مصطلح الإبادة الجماعية ظهر عام 1944 على يد المحامى اليهودى رافائيل ليمكين، وابتدعه بقصد توصيف السياسات النازية لـ"القتل المنظم" الذى طال اليهود فى أوروبا حينها، ولجأ إلى وصفه عبر الجمع بين كلمة "جينو" اليونانية التى تعنى سلالة أو عرقا أو قبيلة، مع كلمة "سايد" اللاتنية التى تعنى القتل.
وحينما كان ليمكين يصوغ هذا المصطلح الجديد، كان يضع فى اعتباره مفهوم "وضع خطة منظمة تتألف من إجراءات مختلفة تهدف إلى تدمير الأساسيات الضرورية لحياة مجموعات قومية، بهدف إبادة المجموعات نفسها".
هذا المحامى اليهودى كان يسعى لمحاكمة كبار قادة "الرايخ" الألمانى على جرائمهم خلال الحرب العالمية الثانية.
ومن هنا يتضح التناقض، حيث تحول اليهود الذين يعلقون جرائمهم، على شماعة المظلومية والاضطهاد، الى جماعات مجرمة تقتل البشر وتمص دماءهم، دون هوادة ويكررون ما فعله المغول، والجماعات البدائية فى قرون قديمة، ولكن هذه المرة فى القرن 21، وفى ذات الوقت الذى يتباهون فيه بتطبيق نموذج الديمقراطية الغربية.
كتبت هذه القصة من قبل وساظل أكررها، حتى يعلم القاصى والدانى ويشهد العالم كله على تناقضات مروجى عبارات حقوق الإنسان، ومنهم دولة ألمانيا ذاتها التى أوقفت دعم الأونروا خوفا من إسرائيل، وأمريكا التى تفتخر باستخدام الفيتو للسماح بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى، والبرلمان الأوروبى الذى يصدر بياناته لإدانة دولنا ولكنه يقف عاجزا صامتا امام إجرام إسرائيل.
ولكن فى هذه المرة تدافع مصر أمام محكمة العدل الدولية عن حق الفلسطينيين على لسان مندوبتها النابغة، وتدين التهجير والمستوطنات والقتل والترويع ومخالفة القانون الدولى، وتجاوز الاحتلال الصريح بمبادئ حقوق الإنسان، وسؤالى الأخير كيف يدافع الغرب عن حقوق الإنسان ودولة يبيدها الاحتلال ويغير من ديموغرافيتها ويهجر أبناءها ورغم كل ذلك العرب يبعث للاحتلال المال والسلام ويضع إعلام الاحتلال على مبانيه التاريخية.
فلتسقط الديمقراطية الغربية المزيفة طالما الشعب الفلسطينى يباد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة