يتخطى مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة، كونه صفقة تاريخية وكبيرة، ستضخ مليارات الدولارات فى شرايين الاقتصاد اللمصرى، إلى منحى آخر، هو الأهم من وجهة نظرى، فالصفقة الضخمة، بمثابة صك جدارة فى الاقتصاد المصرى، وشهادة ثقة فى جدوى الاستثمار على الأراضى المصرية، خاصة أن الطرف الشريك فى الصفقة، كيانات اقتصادية إماراتية، ومعرف للعالم كله أن الإماراتيين "تجار شطار" لن يضعوا درهما واحدا فى غير موضعه، واستثماراتهم فى دبى وأبوظبى ومناطق كثيرة فى العالم شاهدا على ذلك، ما يعنى أن الصفقة مربحة للغاية للشريكين مصر والإمارات.
الصفقة الكبيرة لتطوير رأس الحكمة، ستكون بداية لتدفق مليارات الدولارات للاستثمار فى مناطق أخرى فى مصر، خاصة أن الفرص الاستثمارية بها واعدة، وذات جدوى اقتصادية كبيرة، نظرا لموقعها الجغرافى فى وسط العالم، وامتلاكها أهم شريان ملاحى ممثلا فى قناة السويس، وكونها بابا ومنفذا لأفريقيا، وتترابط مع كثير من دول العالم بشراكات وعلاقات اقتصادية متينة، كما أنها عضو فى العديد من التكتلات الاقتصادية الكبيرة، وبالتالى فالمنتظر أن تكون تلك الصفقة باكورة صفقات أخرى مماثلة من مؤسسات مالية عربية وعالمية، بعد أن منحتهم تلك الصفقة الضخمة الكثير من الاطمئنان والحافز للاستثمار فى مصر، والتمتع بعوائد كبيرة ومزايا وحوافز كثيرة.
كثيرة هى الفوائد التى ستجنيها مصر من تلك الصفقة، فضخ 35 مليار دولار خلال شهرين، إلى جانب جذب استثمارات بقيمة أكثر من 150 مليار دولار، طوال مدة المشروع، سيصب فى زيادة الاحتياطى الأجنبي، وبالتالى خضوع الدولار فى السوق الموازية، فدخول هذا الرقم الكبير سيجبر حتما سوق صرف العملات الأجنبية وخاصة الدولار، على العقلانية وعدم الجنون والشطط الحادث حاليا، بعد أن قفز سعر الصرف قفزات غير منطقية فى السوق الموازية، نتيجة المضاربات وإخفاء العملة لاستخدامها كسلعة ربحية فى حد ذاتها، كما سيكبح الضغوط التضخمية مما سيؤدى بالتبعية إلى خفض الأسعار فى السوق، فضلا على أن الصفقة التنموية الضخمة ستوفر الآلاف من فرص العمل فى كافة التخصصات، مما يرفع معدلات التشغيل والوظائف، ويضخ روافد نقدية كبيرة تؤدى إلى دوران مؤثر لعجلة الإنتاج، ومكاسب كبيرة لصالح التنمية فى إطار المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية «مصر 2052».
وكان الدكتور مصطفى مدبولى حاسما فى كلمته خلال التوقيع على عقد الصفقة، عندما أكد أن المشروع شراكة واستثمار مشترك بين مصر والإمارات، وليس بيعا للأصول، فى إشارة إلى ما ردده الحاقدون والكارهون لأى إنجاز مصري، حيث أطلقوا شائعة مغرضة عن بيع مصر لمدينة رأس الحكمة، وجاء كلام رئيس الحكومة ليفند تلك الشائعة ويضع الخطوط العريضة لهذا المشروع المشترك العملاق.
مشروع رأس الحكمة يؤكد بدون شك بٌعد نظر الدولة المصرية فى تجديد وإنشاء بنية تحتية أساسية قوية فى جميع أرجاء مصر، تتضمن طرقا وشبكة كهرباء وطاقة واتصالات ومياه وصرف صحى، فوجود بنية تحتية قوية هو المفتاح السحرى لأى تنمية اقتصادية أو استثمار، فالمعادلة الاقتصادية تكشف أن أى جنيه يتم إنفاقة على البنية التحتية يقابله جذب استثمارات بأضعاف مضاعفة لما تم إنفاقه، وهو ما يؤكد مدى رشادة الدولة فى تجديد والتوسع فى إنشاء البنى التحتية فى مناطق الجمهورية كافة.
ردود الفعل للمؤسسات المالية الدولية على الصفقة كان كبيرا، منها بنك جولدن ماكس الأمريكى الذى أشاد بالصفقة واعتبرها هامة جدا لإنعاش الاقتصاد المصرى، وستؤدى إلى انخفاض حاد فى سعر الصرف للعملات الأجنبية، وستسد الفجوة التمويلة لعدة سنوات، كذلك علقت وكالة بلومبرج الأمريكية بشكل إيجابى مؤكدة أن حجم الاستثمار سيفوق ما هو معلن خاصة مع التوسعات وخطط التنمية فى المشروع ستزيد عن 150 مليار دولار، وهو ما سيدعم الاقتصاد المصرى، ويعزز قدرة الدولة على المضى قدما فى خطط التنمية المستدامة، والمشروعات الاقتصادية الإنتاجية والتنموية.