يبدو أننا على موعد مع "وجبة دسمة" من الدراما المصرية بعد أيام قليلة وخلال شهر رمضان المبارك، وعلى موعد مع المتعة والاستمتاع بعناصر الدراما المختلفة وأهمها -فى رأيى- الكتابة أو النص -كما يقول أهل النقد- والأداء التمثيلى وتقنيات الصورة والإخراج وباقى العناصر.
فى انتظار وجبة دسمة من المسلسلات التاريخية والاجتماعية تعيد للدراما المصرية سيادتها وريادتها وبريقها ورونقها، التى ساهمت فى صياغة الوجدان والعقل المصرى والعربى بأخلاقيات وقيم وعادات وتقاليد مازالت حاضرة فى الذهن العربى عبر أعمال كلاسيكية للدراما المصرية منذ السبعينيات، وحتى بداية الألفية الجديدة تعرضت فيه الدراما المصرية إلى بعض الهزات والتراجع أمام الدراما التركية والسورية مع غياب دور شركات الإنتاج المصرية الكبرى وإنتاج التليفزيون المصرى مع رحيل جيل من الرواد فى الإنتاج والكتابة والتمثيل وابتعاد البعض الآخر أو عزوفه عن العمل فى مناخ لم يشجع كثيرا على الإبداع.
ظهور كيان كبير وضخم اسمه "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" أعاد مرة أخرى الاعتبار والقيمة للدراما المصرية بعدد ضخم من إنتاج الأعمال الدرامية خلال السنوات القليلة الماضية جاوزت أكثر من 30 مسلسلا متنوعا إلى جانب إنتاج شركات أخرى وفتح الباب أمام عدد كبير من العاملين فى مجال الدراما للعمل والعودة للإبداع مرة أخرى، واستعادت الدراما المصرية موقعها الريادى والطبيعى والتاريخى أيضا بين الدراما الأخرى فى المنطقة وخاصة الدراما التركية.
لم تغلق "الشركة المتحدة" الباب فى وجه باقى شركات الإنتاج بل شجعت كل الشركات على الإنتاج والدخول إلى حلبة المنافسة بقوة للارتقاء بمستوى الدراما المصرية بكل عناصرها بالنص والمحتوى والرسالة للارتقاء أيضا بمنسوب الوعى الاجتماعى والتاريخى والحفاظ على ثوابت المجتمع الأخلاقية والاجتماعية.
العام الجارى تدخل "الشركة المتحدة" بأعمال ضخمة للغاية ربما فى مقدمتها مسلسل "الحشاشين" ويعد أحد أضخم الإنتاجات العربية، بطولة النجم كريم عبد العزيز وتأليف الموهوب والمبدع عبد الرحيم كمال وإخراج المتميز بيتر ميمى، علاوة على أعمال أخرى نتوقع لها الاستحواذ على نسب مشاهدة عالية.
لكن اللافت هذا العام -وهو شىء إيجابى للغاية- عودة الفنانين الغائبين والفنانين والفنانات الكبار مرة أخرى إلى بيت الدراما المصرية وهو ما يضمن النجاح المبكر لهذه الأعمال، فوجود النجم الذهبى يحيى الفخرانى على قائمة الأعمال الدرامية يعنى الجودة والاتقان والتميز فى مسلسل "عتبات البهجة" عن رواية أديبنا السكندرى إبراهيم عبد المجيد، بعد 3 سنوات من الغياب عن الشاشة الصغيرة.
كما تعود "أيقونة الجمال والفن" ميرفت أمين بإطلالتها المحببة للجميع من خلال مسلسل "مليحة" مع النجم محمد دياب.
أما أبرز العائدين من الكبار فهو ملك الإخراج مجدى أبو عميرة مخرج الروائع التليفزيونية ومنها محمد رسول الله، ذئاب الجبل، المال والبنون (1-2)، الرجل الآخر، الضوء الشارد، وجحا المصرى، ويتربى فى عزو وغيرها ثم آخرها "قوت القلوب" منذ 4 أعوام تقريبا، وعودة أبو عميرة هى إضافة مهمة للغاية للدراما المصرية فهو من المخرجين المعدودين الذين قاموا بإخراج كلاسيكيات الدراما المصرية منذ السبعينيات وحتى الآن مع جيل الرواد بداية من نور الدمرداش ومحمد فاضل وجمال عبد الحميد وإسماعيل عبد الحافظ ورائد لبيب وإبراهيم الشقنقيرى وفخر الدين صلاح.
أيضا من الأشياء اللافتة هى عودة نجوم ونجمات غابوا عن الشاشة الصغيرة والأعمال الدرامية لسنوات طويلة مثل الفنان الكبير محمود الحدينى الذى يعود للدراما بعد غياب 14 عاما بمسلسل "سر إلهى"، مع روجينا، والنجمة سيمون فى "صيد العقارب" مع غادة عبد الرازق، ورياض الخولى والفنانة وفاء مكى فتعود بعد غياب 9 سنوات، من خلال مسلسل "حق عرب" بطولة أحمد العوضى، والفنانة نشوى مصطفى بعد غياب 4 سنوات فى "إمبراطورية ميم".
الشىء المهم الآخر وهو عودة الأعمال الأدبية إلى الشاشة الصغيرة وهو ما نادينا به منذ سنوات، لأن ترجمة الروايات إلى عمل درامى يمثل إضافة كبيرة للدراما ويضمن لها النجاح المقرون بجودة العناصر الدرامية، ولدينا زخم من الأعمال الأدبية الصالحة لتحويلها الى أعمال درامية.. وهذا العام لدينا مسلسل "إمبراطورية ميم" للكاتب والأديب الكبير إحسان عبد القدوس.. ومسلسل " عتبات البهجة" للروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد.
"الشركة المتحدة" تستحق الإشادة والتحية على هذا الإنتاج الكبير وعلى تصديها لحمل لواء القوى الناعمة المصرية ويجعل المشاهدون يحملونها مسئوليات أكبر لعودة الكبار والغائبين من الفنانين المصريين والدخول فى شراكات إنتاجية كبرى ثم الدخول فى الإنتاج السينمائى، وتأسيس مدارس لتخريج عشرات الموهوبين فى مجالات التأليف والتمثيل والإخراج والمواهب المسرحية والغنائية أيضا من أنحاء مصر.
