وُضِعَ نتنياهو على الانتظار عشرة أيام كاملة، قبل أن تُرسل «حماس» ردَّها على الورقة الإطارية لاتفاق الهُدنة إلى مصر وقطر، جولةُ باريس كانت توصَّلت إلى مُسوّدةٍ تتحدَّث عن عدَّة مراحل على أسابيع؛ لتبادُل الأسرى وبحث الخطوات التالية، وإسرائيل كانت بين الحضور؛ وهكذا بدا منذ الوهلة الأولى أن للفصائل اليدَ العُليا فى مسار التفاوض، إذ تُساقُ إليها المُقترحات لتقول فيها ما تقبلُ أو ترفض، وتلك الصيغةُ إن كانت مُبرَّرةً بأن الاجتماع كان للدول و«الحماسيِّين» ليسوا دولة، أو أن واشنطن وتل أبيب لن تجلسا مع الحركة الموصوفة منهما بالإرهاب؛ فإنَّ الصورة النهائية تشى بأن الكلمة الفاصلة تظلُّ فى غزَّة نظريًّا، ومن ورائها قيادة المحور الشيعى أو حاضنة الجناح السياسى بالدوحة، وقد رآها مُتطرّفو الصهيونية تحت هذا العنوان فعلاً، واتهموا رأس حكومتهم بالسخاء فى العروض والرخاوة فى الصبر على الردود.
عِلَّة التأخير أنَّ خلافًا عميقًا اندلع بين الفنادق والأنفاق. على الأرجح؛ كان فريق «هنيّة ومشعل» رافضًا السير إلى هُدنةٍ دون اتفاق سابقٍ على وقف الحرب نهائيًّا؛ بينما يتقبَّل «السنوار» أن يُفكَّكَ الهدفُ الاستراتيجى إلى مراحل مُتتالية، فلا يعود وقف النار الدائم أولويةً تطغى على غيرها من الأولويات، بل أن يفوز بمُهلةٍ لالتقاط الأنفاس وإغاثة الحركة والمدنيين، ثمّ يُراهن على تحوُّلات المواقف الدولية وشقوق البيئة السياسية فى إسرائيل. فى المُقابل رأى توراتيِّو الحكومة أن الجلوس على جَمر الترقُّب إهانةٌ للدولة، والتنازلات غير مقبولة، وإن غامر نتنياهو بالذهاب إلى صفقةٍ خارج الأهداف المعلنة؛ فإنهم سيُغامرون بنَقض الائتلاف وحرمانه من أغلبية الكنيست. وقد لا يكون زعيم الليكود فى حاجةٍ لضغوط الأحزاب الدينية؛ من أجل إظهار نزعةٍ راديكالية أو تشدُّدًا فى شروط الاتفاق؛ إذ هو لا يقلُّ تطرُّفًا وغباوةً عن سموتريتش وبن غفير، وإذ يعلم أيضًا أنه سيضطر فى النهاية لإنجاز التهدئة عند حدودٍ أقلّ ممَّا يُريد بكثير، ودون الاصطدام بحُلفائه الأُصوليِّين على الأرجح، البراجماتيةُ وحدها ستجبرُ الجميع على تعديل خرائطهم فى نهاية المطاف: فى القطاع انخفض السقف بعدما تعقَّدت المحنة، وفى تل أبيب يتراجعُ جنون القيادة أمام ضغط الشارع، وقد استوعب الصدمةَ النفسية وبدا راغبًا فى طَلب العلاج.
أرسلت «حماس» إضافاتها على الاتفاق الإطارى مساء الثلاثاء، وخلال ساعات كانت على طاولة الأمريكيين والإسرائيليين. لم يُعلن أىُّ طرفٍ تفاصيل ما فى الورقة المُوسَّعة؛ إنما بحسب التسريبات تتضمَّن تعديلاتٍ جوهريةً فى مُقترحات باريس؛ دون خروجٍ على أُطرها الأساسية: تقترحُ الحركةُ ثلاث مراحل، كلّ واحدةٍ مُدَّتها ستَّة أسابيع، الأولى لتبادُل النساء والأطفال والمرضى والعجائز، والثانية للمُقاتلين والرجال فى سنِّ الاحتياط، والثالثة للجُثث ورفات القتلى، مقابل 1500 سجين ثُلثهم من المُؤبَّدات والمحكوميات الطويلة، ومعهم كلّ النساء والأطفال فى سجون الاحتلال، على أن يتلقَّى القطاع 500 شاحنة مساعدات يوميًّا، إضافة لتحسين أحوال المُستشفيات والمُخيّمات، وتوفير نحو 60 ألف مسكن مُؤقَّت و200 ألف خيمة إيواء. ووَضَعت مُلحقًا تفصيليًّا لتنفيذ المرحلة الأولى، باشتراط أن يكون جزءًا من الاتفاق، على أن تشمل المرحلتان التاليتان مُباحثاتٍ غير مباشرة، وإقرار مسائل الإدارة وانسحاب القوَّات، وإعادة الإعمار بسقفٍ أقصاه ثلاث سنوات، وأن تكون مصر وقطر والولايات المتحدة وتركيا ضامنة، والغالب أن تل أبيب ستردُّ على الرد، وسيعمل الوسطاء على تقريب الرؤى بتنازلاتٍ من كلِّ جانب.
الملمحُ الأول أن «حماس» تسعى لهُدنةٍ طويلة؛ قد تمتد لخمس سنوات أو أكثر، ما يعنى القابلية لتجميد المقاومة المُسلَّحة مرحليًّا على الأقل، كما أنها تخلَّت عن مسألة تبييض السجون باشتراط المُبادلة تحت عنوان «الكلّ مُقابل الكلّ»، لقاء أن يتخلَّى الاحتلال عن فكرة الإقامة الدائمة أو الاحتفاظ بسلطة عسكرية على القطاع، لكن ذلك لا يحسم أمورًا أُخرى، مثل: المنطقة العازلة، وطبيعة الحُكم فى غزَّة مُستقبلاً، والاستعانة بقوَّات عربية أو أُمميَّة لإنجاز الفترة الانتقالية قبل تنشيط الصيغة الإدارية الجديدة، بينما تنطوى الورقةُ الحماسية على عناصر مطروحة الآن فى أروقة الحكومة الإسرائيلية، منها المُطالبة بوقف اقتحامات المستوطنين للأقصى، على أن تعود أوضاع المسجد لِمَا كانت عليه قبل 2002، وقد تردَّد مُؤخّرًا أنّ قادةً عسكريين فى تل أبيب طالبوا بتهدئةٍ عاجلة فى الضفَّة والقدس، وأن يُدرَس السماحُ بدخول المُصلِّين للحَرَم فى رمضان كما كان العام الماضى، بواقع 100 ألفٍ يوميًّا، وربما السماح بعودة العُمّال إلى ما وراء الخطِّ الأخضر؛ لتخفيف الضغط الاجتماعى فى مناطق السلطة.. ولأنَّ المُفاوضة فى طَورها الأول، فإن الحدود المرسومة من كلِّ طرفٍ قابلةٌ للتعديل، أو هكذا يُفترَض، وقد تُعاد صياغةُ بعض البنود بما لا يُغيِّر الفلسفةَ العريضة للمُقاربة، ولا يضغط على أىِّ جانبٍ بشعور الهزيمة والإذلال.
المسارُ الطبيعى أن يُبحَث الملفُّ داخل كابينت الحرب؛ لكنّ نتنياهو تعهَّد بأن يُطرَح داخل الحكومة المُوسَّعة، وغايتُه استغلال تشدُّد التوراتيين فى الضغط على حُلفائه المُؤقّتين من يمين الوسط، أو تعرية تيَّار الصهيونية الدينية أمام الشارع، تمهيدًا لإنجاز الصفقة بغطاءٍ من المعارضة، على ما وعد يائير لابيد بشبكةِ أمانٍ تُغطِّى أيّة صفقة لاستعادة الرهائن. وعلى الأرجح؛ فإنه لن يحتاج للبحث عن الترياق فى كأس السمّ؛ لأنه لا يضمنُ أن يسحبَ خُصومُه أمانَهم فى أيَّة لحظة ليدفعوه إلى انتخاباتٍ مُبكّرة، بينما تُدار فى حديقته الخلفية مُداولات عن الاتجاه لسحب ثقةٍ إيجابى، يُستبدَل فيه بأحد نوَّاب الليكود؛ لتبقى التركيبةُ قائمةً من دونه حتى نهاية الفترة البرلمانية. والظنُّ أنه مُتيقّن من تصحيح موقف الأحزاب الدينية؛ إذ يهدرُ الشارعُ طَلبًا لاستعادة الأسرى؛ ولو بوَقف الحرب وارتضاء مرارة الهزيمة المعنوية، ومُعارضةُ الأُصوليِّين لتلك الرغبة ستُظهرهم فى صورةٍ انتهازيّة غير وطنية إطلاقًا، يتشدَّدون فى إبعاد أبنائهم «الحريديم» عن الجيش، ويتشدَّدون فى رَفض تسويةٍ تُعيد أبناء الجيش من الأَسْر؛ وهكذا سيرى الناخبون أنهم لا يُحاربون ولا يُفاوضون لأجل إسرائيل، وسيُؤثّر ذلك على حُظوظهم فى استطلاعات الرأى وأيّة زيارة قريبة للصناديق، وعندما يجدون أنفسهم فى صدامٍ نهائى مع تلك الحقيقة؛ سيضطرون للعودة خطوة إلى الوراء.
ربّما يكون الخلافُ فى الناحيتين طبيعيًّا أو مُهندَسًا؛ لكنه فى النهاية يلعبُ دورًا تقنيًّا فى المُفاوضة والضغط؛ بإظهار أنها صفقةٌ مُتعسِّرة وقليلها كثير، وعلى كلِّ فريقٍ أن يرتضى بالمتاح لأنه لا أملَ فى إحراز المزيد. نزاعاتُ المُقاتلين والسياسيين فى غزَّة تلعبُ على وتر الفشل التكتيكى والاستراتيجى لجيش الاحتلال، وتضغطُ بأصابع خشنةٍ على أعصاب المجتمع الإسرائيلى الذى يعيشُ أشدَّ فتراته قلقًا وانقسامًا. ومُناوراتُ اليمين الدينى والقومى مع الجنرالات وأحزاب اليسار والوسط، تُحاول استنزاف آخر ما فى خزَّان حماس من أملٍ وقُدرة على الثبات والمُناكفة، وتمرير شروط لا تُعيد القطاع إلى ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر. وسواء كانت الأدوارُ عفويّةً أو محلَّ اتّفاق؛ فإن التوصُّل لصفقةٍ على أيّة صيغة سيكون ضربةً لتيَّار الصقور فى الناحيتين، والغريب أنه فى تلك المرَّة من السياسيين؛ إذ ينحاز «السنوار» بمقاتليه و»جالانت» بضبَّاطه لفكرة التهدئة، ما يعنى أن الهدوء لو تحقَّق سيكون على طريقة المُحاربين، وفى ذلك مأزقٌ مُزدوَج: إمَّا أن تكون الهُدنةُ عُرضةً للنقض فى أيَّة لحظة، أو تكون العودةُ للقتال عصيّةً على رأس السُّلطة هنا وهناك، بالتمرُّد المُباشر أو إحلال القيادات؛ ما يحرمُ السياسيِّين من ولايتهم على قرار الحرب؛ بوصفه واحدًا من أهمّ أوراق السياسة، وإن كان ذلك مُتحقِّقًا بالفعل لدى الفصائل، بغلبة المُكوّن العسكرى على السياسى؛ فإنه قد يُشكِّل مُتغيِّرًا عميقًا فى التركيبة العبرية.
اللحظةُ التى يُقرّون فيها هُدنتَهم الجديدة، وهى أبعدُ من أيّامٍ وأقربُ من أسابيع؛ ستكون عنوانًا لبدء مسار واسعٍ من التغيير. قد لا تصمدُ حكومة نتنياهو بهيكلها الحالى؛ ولو نجح هو مُؤقّتًا فى النجاة بنفسه من مقصلة الحساب، كما لن تعود «حماس» لصورتها السابقة فى هياكل القيادة واتخاذ القرار، والعقبةُ التى تعترض الطرفين أنَّ الأوَّل سيجد نفسَه فى صدامٍ مع جبهةٍ عريضة، يتقدَّم الحلفاءُ فيها على الخصوم، والثانية ستكون أمام استحقاقاتٍ واجبة تجاه القضية وإعادة ترتيب البيت، وربما تُضطَرّ للانخراط فى مُنظّمة التحرير التى تُعاديها لأربعة عقود، وبشروطٍ قاسية كانت ترفضها طوال الوقت، لكن مُقابل الخطر ثمّة حوافز تُشجِّع على المغامرة: عودةُ الأسرى يُمكن تسويقُها نصرًا جزئيًّا وقد عَزَّ الحسمُ الشامل، وإسرائيلُ مُطالَبةٌ بخطوةٍ إيجابية تُضمِّنها فى تقريرها لمحكمة العدل الدولية أواخر فبراير، وبعدها بأسبوعين ستكون أمام «رمضان» بضغوطه القاسية؛ إذ استمرارُ القتل لشعبٍ جائع فى موسمه الروحانى الأهمّ يُرسِّخُ فكرةَ الإبادة والاستهداف على مُرتكزٍ دينى عرقى، ويُثير مشاعرَ المسلمين فى عموم الإقليم، وقد يُهدِّد بتفجير أوضاع الضفّة وصولاً لانتفاضةٍ ثالثة. أمَّا الفصائلُ فما عادت قادرةً على احتمال الكُلفة الإنسانية والعسكرية، ومخزونُها ينضبُ ومُعاناة المدنيين تأكلُ رصيدَها العاطفى، وقد افتُضِحَت هشاشةُ «محور الممانعة» وتفجَّرت دعايات «وحدة الساحات»، وباتت مواقفُ الميليشيات الشيعية تحت سقف الإرادة الأمريكية وسلاحها. ويعلمُ كلُّ طرفٍ حجمَ احتياج الآخر للهُدنة، ويسعى لاستغلال علمِه فى تحصيل المكاسب؛ لكنهما سيتحاشيان استبقاء حالة الانسداد التى تفوق طاقتيهما، وهذا ممَّا قد يُيسِّر مهمَّة الوسطاء فى قيادتهما إلى نقطةٍ وسيطة من كلِّ شىء.
ما فعلته «طوفان الأقصى» أنها شَبَكت ورقة غزّة بالإقليم والعالم، فما عادت التهدئةُ محكومةً بحاجات المُتحاربين وتفضيلاتهم؛ إنما صارت مسألةً جيو-سياسية وجيو-استراتيجية أوسع من خريطة فلسطين بين النهر والبحر، تهديدُ إسرائيل بالتحرُّك فى رفح وعلى محور فيلادلفيا يُنذر بصدامٍ مع مصر، وقد أبدت القاهرةُ خشونةً صارمة فى رَفض هذا المستوى من التصعيد أو انتهاك كامب ديفيد واتفاقيّة المعابر، كما أن تصعيد الاستيطان والعمليات العسكرية يُهدِّد الأردن فى وصايتها على المُقدَّسات ومخاطر التهجير، وصرَّحت من قبل بأن السعى لإزاحة الفلسطينيين بمثابة إعلان حرب. والولايات المُتّحدة حُبِسَت فى قفصٍ حارق مع الميليشيات الشيعية، ومُقاربتها للتهدئة وترسيم الحدود مع لبنان مُهدَّدة، وكانت عاينت فى الهُدنة الأولى انحسار هجمات الحزب والحوثيين والحشد الشعبى، وتُريدُ تكرار التجربة وإفساح المجال للسياسة؛ على أمل تقليص ضَغط الشرق الأوسط على سباق الانتخابات، خصوصًا مع اشتعالٍ داخلى فى مسائل الهجرة والمُوازنة ومساعدات الحلفاء، وقطر تسعى لترسيخ وساطتها، انطلاقًا من احتضانها لقادة حماس، وردًّا على تصريحاتٍ عدائية من ذئاب إسرائيل، ويتردَّد فى هذا السياق أنها وعدت الحركة بحزمة حوافز مُقابل الرجوع عن شرط الانسحاب الكامل من القطاع بالتزامن مع أُولى مراحل الاتفاق.
إعلام إسرائيل أشار لقبول نتنياهو «وقف النار» فى الفترات الانتقالية؛ بواقع أسبوعٍ لكل مرحلة. ومصر ترعى جولةً جديدة للتفاوض، ودعت الجميع لإبداء المرونة، ولو جرت الأمورُ بمقادير مُنضبطةٍ فقد تمتد الهدنة لنحو 20 أسبوعًا، بما يفوق فترةَ الحرب من مطلع أكتوبر لليوم، ويجعل العودة إلى القتال أصعبَ من البقاء فى مُربَّع التهدئة، وإن كان مُتوقَّعًا أن ترفض إسرائيلُ بعضَ البنود؛ فإنها ستتنازل عن تفاصيل أُخرى عَدَّتها من الثوابت، مثل تصفية المُقاومة أو إسقاط حُكمها أو إخراج قادتها من غزَّة، بينما قدَّمت «حماس» ورقةً للحوار، ويُحتمَل أنها تحتفظ ببديلٍ يتضمَّن آخر ما يُمكن قبوله. وأتصوَّر أنه لن ينتهى فبراير أو يحلّ رمضان دون اتفاق، وربما يكون أقرب؛ وبينما سيتفجَّر بركانُ الغضب والمُساءلة فى تل أبيب، يتعيَّن ألا تضيع المُهلة فى ترصيص صفوف الفصائل على قاعدة الانقسام، والذهاب بغزَّة إلى البحر بدلاً من زحزحتها نحو الضفّة. سيكون مطلوبًا من رُعاة الحركة الإسلامية تشجيعها على الدخول فى حوارٍ وطنى عاجل، وتشبيك أوتارها على مفاتيح مُنظّمة التحرير، مقابل أن يدفع محورُ الاعتدال ناحية هيكلة المُنظّمة وتحسين معمارها، وصيانة آلتها الموسيقيّة المُتقادِمة؛ ليعزف الجميعُ نغمةً فلسطينية صافيةً وقادرة على الإقناع بتناغُم المواقف، وتحفيز العالم على السير فى مُقاربة التسوية النهائية على عنوان «حلّ الدولتين»، الهُدنة لم تكن غايةً فى ذاتها، كما الحرب والسياسة؛ إنما كلُّها وسائلُ لإنعاش المسألة الوطنية وإعادتها للمسار الصحيح. ستُخطئ إسرائيل لو ظنَّت أنها فصلت الغزِّيين عن جغرافيا القضية، أو أنها تجنى عوائد استثمارها فى الانقسام، وسيكون خطأً استراتيجيًّا مُركَّبًا لو اعتبر «القسّاميون» أنهم انتصروا بالسلاح والقطاع وحدهما. يُمكن أن تكون الهُدنةُ مخرجًا ذهبيًّا للراغبين من الجانبين فى الحلحلة والسلام بصدقٍ، كما يمكن أن تكون مقبرةً لآمال فلسطين وأمان إسرائيل، وثمَّة خيطٌ رفيع فى أوقات سكوت البنادق، بين أن تكون توقُّفًا لإزالة البارود وتنحية الجنون، أو فاصلاً لتذخير السلاح وتعبئة ساقية الدم، والأُصوليِّون يُحبّون الخيار الثانى، والحياةُ تنتصر للأول دائمًا؛ مهما طال الزمنُ وتسلَّط الأشقياءُ والمُغرضون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة