كيف يمكن قراءة "القرارات التاريخية" للرئيس عبد الفتاح السيسى بتنفيذ أكبر حزمة من القرارات العاجلة للحماية الاجتماعية بقيمة 180 مليار جنيه..؟
أولا.. القرارات جاءت -كما قال الرئيس على حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك- انطلاقا من واجب الدولة لدعم المواطن فى ظل الظروف الراهنة.
وبالتأكيد لا يخفى على أحد وفى مقدمته القيادة السياسية المصرية الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الاستثنائية، التى يعانى منها المواطنون، نتيجة أوضاع دولية وإقليمية غير مسبوقة يمر بها العالم ودول المنطقة ومنها مصر أثرت -ومازالت- تؤثر وبصورة مباشرة على واقع الحياة اليومية لمعيشة الغالبية العظمى من المصريين.
ثانيا.. تأتى هذه القرارات الرئاسية فى توقيت مناسب للغاية تقديرا من الرئيس لصبر وتحمل وتضحيات الشعب المصرى للتكاليف الصعبة لهذه الأوضاع، ومحاولة جادة لتخفيف الأعباء عن المواطنين إحساسا بما يواجهونه من تحديات رغم ما تواجه الدولة المصرية من تحديات خارجية وداخلية غير مسبوقة فى تاريخها الحديث والمعاصر.
ثالثا.. وهو التأكيد على أن هذه الحزمة الكبيرة من القرارات الاجتماعية لا علاقة لها بشائعات تحرير سعر صرف العملة الوطنية، بعد التراجع اللافت والانهيار الذى أصاب السوق السوداء المتعاملة فى العملة الأجنبية، كما جاء على لسان مسئول حكومي، وهنا كان من المطلوب أن يأتى هذا النفى أو التصريح على لسان رئاسة الوزراء أو وزير المالية.
رابعا.. قرارات الرئيس الأصل فيها -إلى جانب تخفيف الأعباء- تأتى فى إطار خطة إصلاح هيكل الأجور والمعاشات برفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% وزيادة المعاشات بنسبة 15% لنحو 20 مليون مواطن تقريبا، علاوة على الزيادات الأخرى، وسد الفجوة بين الأجور والأسعار وحماية الاقتصاد المصرى من الركود ومواجه معدلات التضخم الناتجة عن الأزمات الاقتصادية العالمية وبالتالى حماية الاقتصاد الوطنى والعمل على استقراره وإنعاشه.
خامسا.. أن القيادة السياسية حريصة على تحقيق حياة كريمة للجميع وأن الرئيس منحاز للشارع، وبما يصب فى مصلحة الأسرة المصرية، فالقرارات يستفيد منها كل فئات المجتمع من العاملين فى الدولة والجهات الاقتصادية والقطاع الخاص وأصحاب المعاشات والمستفيدين من تكافل وكرامة، وتلبى مطالب مزمنة لفئات اجتماعية خاصة المعلمين والأطباء وهيئات التمريض.
سادسا.. أن قرارات الحزمة الاجتماعية للرئيس ليست الأخيرة، فالزيادة فى الأجور تأتى للمرة السادسة على التوالي، حيث سجل الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه فقط حتى عام مارس 2019، ثم وجه الرئيس بزيادة الأجور لتسجل مستويات 2000 جنيه بزيادة نحو 66% تحملتها الموازنة العامة للدولة، ثم وجه بزيادة أخرى فى الأجور لمستويات 2400 جنيه خلال مارس 2021، وزيادة جديدة لتبلغ الأجور 2700 جنيه لأول مرة فى تاريخ مصر فى يناير ،2022 ثم زيادة أخرى فى مارس 2023 إلى مستويات 3500 جنيه، وصدور قرارا بزيادة إلى مستويات 4 آلاف جنيه فى سبتمبر 2023، ثم زيادة فى فبراير2024 بنسبة 50%.
سابعا.. وبالنظرة الأكثر شمولية فإن هذه القرارات استمرار لأضخم برنامج حماية اجتماعية فى العالم تنفذه مصر، وأنفقت عليه منذ 2014 حتى عام 2022 ما إجماليه 2 ترليون جنيه، وهوما أشارت إليه الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أمام جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عنوان "القيادة للحد من الفقر متعدد الأبعاد لضمان الرفاهية للجميع" فى سبتمبر 2022 وهو البرنامج الذى يشمل كل مناحى الحياة فى مصر لحماية فئات المواطنين من متوسطى الدخل والأكثر احتياجا لمواجهة التداعيات الاقتصادية، سواء لبرنامج الإصلاح الاقتصادى أو للمتغيرات العالمية.
ثامنا.. والأهم أن هذه القرارات التاريخية للرئيس تصب فيما يسمى بالعدالة الاجتماعية ودعم جهود الدولة فى هذا الاتجاه لحماية الجبهة الداخلية وتجسير الهوة الاجتماعية بين كل الشرائح.
لكن وما المطلوب من الحكومة بعد هذه القرارات الاجتماعية للرئيس؟
الحكومة مطالبة على الفور بمواكبة هذه القرارات بإجراءات عاجلة وإجراءات فى المدى القريب، فالمطلوب على الفور رفع درجة الرقابة على الأسواق لمعرفة مسببات ارتفاع الأسعار، والضرب بيد قوية على محتكرى السلع، والذين يقومون بحجبها عن الناس، وتشديد العقوبات لردع كل من يحاول استغلال الظروف الراهنة والضغط على المواطنين، ومراجعة السلع المستوردة غير الضرورية والتى تكلف مليارات الدولارات ووقف استيرادها ولو بصورة مؤقتة، حتى ضبط سوق النقد المحلى، وتشجيع الصناعة الوطنية على إيجاد البدائل المناسبة، ثم -وهو الأكثر أهمية- توجيه الزراعة وخاصة فى المشروعات الجديدة لإنتاج المحاصيل الزراعية الاستراتيجية مثل القمح والذرة والفول الصويا والنباتات الزيتية التى تتصدر قائمة السلع المستوردة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة