شهدت الأيام الماضية تحركات وخطوات متعددة من الدولة المصرية باتجاه وقف العدوان على غزة، وإطلاق هدنة تسمح بمزيد من الوقت ومضاعفة المساعدات للقطاع وأيضا تمهيد الأجواء لسياقات تنهى هذا الواقع الصعب، وحسب ما أعلنه ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، فقد تواصلت الجهود المصرية للتهدئة بقطاع غزة وإيقاف العدوان الإسرائيلى، وأسفرت عن الهدنة الأولى مرورا باجتماع باريس الذى تم خلاله وضع إطار مقترح لاتفاق تهدئة قامت مصر بتسليمه لحركه حماس، والتى ردت على المقترح المصرى مساء أمس الأول الثلاثاء.
مصر تواصل مناقشة تفاصيل الإطار مع الأطراف المعنية حول مقترح لتقريب وجهات النظر، للتوصل فى أقرب وقت للاتفاق بينها على صيغته النهائية، سعيا وراء حقن الدماء الفلسطينية، ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وإعادة السلام والاستقرار للمنطقة، يتم بموجبه تبادل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين على مراحل، وتكثيف الدعم الإنسانى للأشقاء فى القطاع، والحفاظ على حياة الشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة، وسيكون الاتفاق حول الإطار المقترح مقدمة ضرورية إليها، وستعلن مصر تباعا كل جديد فى التفاوض حوله مع الأطراف المعنية.
وخلال الزيارة الخامسة للمنطقة التقى وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، بالرئيس عبدالفتاح السيسى، وتركزت المباحثات على تطورات الجهود المكثفة، الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار فى قطاع غزة، وتبادل المحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإغاثية اللازمة لإنهاء المعاناة الإنسانية بالقطاع.
الجهود المصرية لوقف العدوان على غزة تستمر وتسعى للتوصل إلى تفاهمات تفضى إلى هدنة طويلة الأمد، خاصة مع قرب حلول شهر رمضان المعظم، ويراهن وزير الخارجية الأمريكى على دفع اتفاق الهدنة، وكسب الموقفين الفلسطينى والإسرائيلى بشأن الاتفاق المقترح لوقف إطلاق النار وتحرير المحتجزين «وثيقة باريس»، التى أسفرت عنها اجتماعات الأسبوع الماضى فى العاصمة الفرنسية بمشاركة مسؤولين أمريكيين ومصريين وقطريين وإسرائيليين، وتتضمن صفقة جزئية بها مرحلتين، الأولى صفقة تبادل من تعتبرهم إسرائيل الحالات الإنسانية مقابل أسرى فلسطينيين من ذوى المحكوميات العالية 1 مقابل 100 أسير، وقد ترتفع النسبة إلى 250، مع هدنة مؤقتة لمدة شهر ونصف الشهر، إذا عقدت فى فبراير يمكن أن تمتد الهدنة لتشمل شهر رمضان، مع إعادة انتشار جيش الاحتلال داخل القطاع وانسحابه من بعض المناطق.
بلينكن أكد فى لقائه مع الرئيس السيسى حرص الولايات المتحدة على استمرار التنسيق والجهود المشتركة مع مصر، للتوصل إلى تهدئة وحماية المنطقة من اتساع نطاق الصراع، مشيدا بالجهد المصرى المقدر الداعم للأمن والاستقرار فى المنطقة، وأكد الرئيس ضرورة تنفيذ القرارات الدولية والأممية المعنية بالأزمة، واتخاذ خطوات جادة تجاه التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية، بما يضمن استقرارا مستداما فى المنطقة.
وقال ماثيو ميلر، المتحدث الرسمى باسم الخارجية الأمريكية، تعليقا على اجتماع بلينكن مع الرئيس السيسى، إنهما ناقشا الجهود المستمرة لتأمين إطلاق جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين فى غزة، وقال حسب بيان وزعته السفارة الأمريكية بالقاهرة: «أعرب وزير الخارجية عن تقديره للدور القيادى لمصر فى تسهيل تقديم المساعدة الإنسانية للفلسطينيين فى غزة، وأكد الوزير بلينكن على رفض الولايات المتحدة لأى نزوح قسرى للفلسطينيين من غزة والالتزام بإنشاء دولة فلسطينية توفر السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء».
وقال أنتونى بلينكن، خلال مؤتمر صحفى مشترك مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى: «إننا نركز على الإفراج عن المحتجزين والوصول لهدنة طويلة فى غزة وزيادة المساعدات للفلسطينيين»، موضحا أن هناك كثيرا من العمل يتعين القيام به للوصول إلى الاتفاق الإطارى، وملتزمون باستخدام أى هدنة لمواصلة البناء على المسار الدبلوماسى للمضى قدما نحو سلام عادل ودائم.
وبعد تلقى مصر ردا من حماس حول موقفها من الاتفاق مع وقف العدوان وفك الحصار والانسحاب، يأتى الرهان على موقف الاحتلال ومدى قدرة الولايات المتحدة على التأثير فى الاحتلال، خاصة مع وجود انقسام داخل حكومة الاحتلال مع تصريحات نتنياهو قبل أيام باجتماع الحكومة قال فيها: لن ننهى الحرب قبل أن نكمل جميع أهدافها وهى القضاء على المقاومة وعودة جميع المحتجزين والوعد بأن غزة لن تشكل تهديدا لإسرائيل، وهى أهداف لم تتحقق بعد أكثر من 120 يوما على العمليات، وقال نتنياهو: نتخذ قراراتنا بأنفسنا حتى فى تلك الحالات التى لا يوجد فيها اتفاق مع أصدقائنا الأمريكيين، وهو ما يشير إلى خلافات بين نتنياهو وحكومته والولايات المتحدة.
يمتد الانقسام إلى داخل الحكومة، حيث يميل جيش الاحتلال لقبول الهدنة بينما وزراء العدل والمواصلات والزراعة والتعليم وغيرهم يعارضون الاتفاق، وهو ما يضاعف من جهد بلينكن الذى لا تخلو زيارته من أهداف انتخابية لصالح الديمقراطيين وبايدن فى انتخابات تجرى فى نوفمبر المقبل، بجانب رغبة أمريكية فى عدم توسيع جبهات الصراع إلى الشمال مع جنوب لبنان أو فى البحر الأحمر، أو الصدام مع إيران، حيث اختارت الولايات المتحدة ضرب جماعات تابعة لإيران ولم تدخل فى صدام مباشر مع إيران.
وسوف تكشف الأيام المقبلة عما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على بناء خطوط حقيقية لوقف العدوان، والتعامل بجدية مع تحذيرات مصرية من اتساع نطاق الصراع، ما لم يتوقف العدوان، وتبدأ مسارات سلام.