منذ أن طالعتنا أخبار التحضير لمسلسل «لحظة غضب» أترقب مشاهدته، لأنى للوهلة الأولى أدركت أنه مسلسل يحمل نفس البصمة الدرامية المميزة لمسلسل أحببناه من قبل «حالة خاصة»، فالقاسم المشترك فى العملين صناعه، فهما من الأعمال الأصلية لمنصة Watch It المميزة بمشاركة المنتج الناجح طارق الجناينى وتأليف مهاب طارق وإخراج عبدالعزيز النجار، وكما قدموا من قبل فى مسلسل «حالة خاصة» طه دسوقى وغادة عادل وبقية الأبطال بشكل مميز وخاص فهنا أيضا يقدمون صبا مبارك ومحمد شاهين وبقية الأبطال بشكل مختلف.
حقيقة بعد نجاح أى دراما يسعى صُناعها بشكل مُلح لتقديم عمل بنفس الفريق على نفس الشاكلة، لكن اللافت اختلاف نوعية الدراما، فبينما كان «حالة خاصة» دراما إنسانية بالأساس، فهنا «لحظة غضب» دراما نفسية تشويقية مثيرة للأعصاب، فأنت تحبس أنفاسك طوال وقت المشاهدة وبخاصة فى الحلقة الثانية التى لم تخرج فيها الأحداث والمشاهد عن الريسبشن المفتوح على المطبخ إلا فى انسرتات قليلة ما بين غرفة البطلة وحمامها.
يمنى «صبا مبارك» تعمل شيف فى أحد المطاعم ومتزوجة من شريف «محمد فراج» الذى يبدو شخصا أنانيا غير مكترث لزوجته، حتى إنها لما استيقظت من نومها مفزوعة إثر كابوس رأته لا يبدو مباليا، الكابوس الذى ترى فيه يمنى، شريف يسىء لها فيه، لم يكن رحيما بها لا فى الحلم ولا فى الحقيقة فقبل أن تلتقط أنفاسها من نوبة الهلع التى أصابتها يطلب منها إعداد الإفطار سريعا، وأثناء ذلك تذكره بعيد ميلادها الذى يبدو ناسيه تماما، يشعر بالامتعاض، فيقرر أن يدعو جميع أفراد عائلته، وكأنه يهرب من ليلة استثنائية بحشر نفسه «وسط الزيطة».
ندرك على الفور أن شريف لا يكن أى مشاعر لزوجته، بل يكبتها ويظهر ذلك حين يجبرها على فتح مكبر صوت الهاتف لكى يهين زميل عمل ناداها بعفوية باسم التدليل يويو، ليضع شريف زوجته يمنى تحت ضغط نفسى رهيب، وتظهر شخصيتها الخاضعة المهتزة أمام زوج جبار.
فى الحقيقة برعت صبا مبارك فى تقديم الشخصية لدرجة إنها عصبتنى بسبب خضوعها المطلق، وكذلك محمد فراج الذى قدم شخصية الزوج المستفز بسلاسة تمثيلية، خاصة فى اللحظة التى ارتدت فيها يمنى زوجته الفستان الأحمر الذى نصحتها به زوجة الأخ، فيضحك شريف ضحكة متحشرجة بالكحة تعكس سخريته القاسية، يواصل شريف الاتصال بأفراد عائلته لحضور عيد ميلاد زوجته، فنرى أخاه الأكبر مصطفى «محمد شاهين» الشخص الذى يسعى للمثالية فى كل شىء فى حياته الزوجية وفى عمله.
وحقيقة محمد شاهين من أبرز ممثلى جيله الذى يقدم أداء ممتازا ثابتا، وبه تنوع هائل، فمصطفى شخصية لا تعرف هل يثير إعجابك أم حنقك أم تعاطفك؟ خاصة حين تعلم أن زوجته الأصغر منه بسنوات كثيرة والتى يكن لها الحب ليست الزوجة المثالية.
ثم نتعرف على شخصية الأخت فاطمة «سارة عبدالرحمن» والذى تلعب دور فتاة غير عابئة بالتقاليد ومغرمة بالتاروت وقراءة الفنجان حيث يبدو أن لها عالمها الخاص، ويبدو أنها على علاقة حب بشخص اسمه يوسف لكنه يعمل بمهنة قد يرفضها الأخ إذا ما تقدم لخطبتها. هناك أيضا الخالة لا لا (صفوة) التى تقدم شخصية امرأة لا تفوت التفاصيل فهى تعرف من رد عليها فى جروب العيلة على واتساب ومن عبرها بريأكشن ومن أهمل ذلك، وهناك آسر «على قاسم» التى اصطدمت به يمنى عند باب الشقة فيعتذر لها ويقدم نفسه كجار جديد.
إذن هى دراما شخصيات، وقوة هذه النوعية من الدراما تظهر فى براعة رسم سمات الشخصية، وفى ظنى أن المسلسل نجح فى رسم شخصياته، وساهم فى ذلك أداء الممثلين، والموسيقى التصويرية المميزة جدا من الوايلى، كل ذلك ساهم فى تقديم دراما نفسية تشويقية تجعلك مع النهاية المثيرة لكل حلقة تنتظر التى تليها، تعد المشاهد أن يجد فى دراما «لحظة غضب» حالة خاصة جدا.