حين تنقطع أنفاسنا من صعوبة الحياة، نهرول إلى أحضان جذورنا، فهم "النجاة"، وبعد أيام شاقة وأعمال مضنية، عندما يُنهك الجسد تعبا، نعود لفتح ذلك الباب القديم، فننظر في وجوه أقاربنا ومحبينا المضيئة بالمحبة، فنخلع تعبنا بجوار أحذيتنا وندخل إليهم وقد نسينا كل شيئ برؤيتهم.
حتى عندما نفقد الأبوين أو أحدهما، نجد راحتنا في الجلوس بجوار قبورهما، "نفضفض" إليهما، ونتحدث إليهما كما كنا نتحدث في حياتهما، هنا الراحة والطمأنينة والسكينة والهدوء.
هنا الركن الذي تجده يخفف من وهج أوجاعك، حينما يضع من حولك الملح على جراحك، فالأبوين هما الأمان الذي تجده لامعًا، فمهما اصطدمت بها المصاعب، فلن تزدها إلا لمعانًا.
تمر الأيام والأشهر والسنوات، ونتقدم في السن، ونغوص في تفاصيل الحياة، بحلوها ومرها، وعندما تشتد علينا قسوتها، نجري نحو الأبوين، هما الأمان الباقي، والدفء المستمر، والحنين الذي لا ينضب، والقوة التي لا تلين، وذخيرة الرحمة في الدنيا.
الأبوان، كنز الدنيا، فحاول الحفاظ عليهما، والاستمتاع بهما في حياتهما، وبرهما بعد وفاتهما، والاستفادة من دعواتهما، كنز لا يفنى، فلا تعرف قيمة الوالدين إلا عندما تفقدهما، فهما صاحبا المشاعر والأحاسيس المتجدّدة الخالية من الكذب والأنانية والمصالح، الوحيدان اللذان يعطيان دون تفكير، أو مقابل.
قسم الله الحقوق وجعلها مراتب، وأعظم تلك الحقوق، الحق العظيم بعد حقّ عبادة الله تعالى وإفراده بالتوحيد، ألا وهو الإحسان للوالدين وبرهما في حياتهما وبعد وفاتهما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة