19 مارس 1989 ذلك اليوم الذى عاد فيه آخر شبر لجمهورية مصر العربية، وعادت فيها السيادة الوطنية الكاملة على آخر متر في مصر، وهو اليوم الذى رفع فيه العلم المصرى على مدينة طابا بعد إعلان حق مصر فيها، وهو أمر يعكس كثيرا من الرسائل أهمها قيمة حفظ الوثائق وأرشفتها في الوطن، فمن خلال تلك الوثائق أثبتت مصر أحقيتها في طابا، كما أن تلك الوثائق لم يكن لها أن تأخذ طريقها للعلن والترتيب إلا بفريق قانونى ودبلوماسى يعرف أدوات العالم ويتعامل معها بحرفية، وه ما قامت به الخارجية المصرية وأجهزة المعلومات والأجهزة المعنية بالسيادة الوطنية، كما أن عودة وتحرير طابا يقترن بنقطة جوهرية أخرى في غاية الأهمية، وهو التعامل السياسى بحرفية مع العدو والصديق، فقد تعامل نظام السبعينات مع العدو الإسرائيلي عبر عدة مراحل كان قمتها حرب العاشر من رمضان، وصولا لمعاهدة السلام وكامب ديفيد، ورغم ذلك ماطل العدو الإسرائيلي، فلجأت مصر إلى التحكيم الدولى، ولذلك كان هناك أرضية للدولة المصرية في كونها قدمت السلام قبل اللجوء للتحكيم، لكن ذلك لم يدركه الإسرائيليون بغبائهم المعتاد والمستمر.
19 مارس 1989 أيضا عنوان عظيم على طول النفس في المواجهات، فما بين 1973 وحتى عام 1989 أكثر من 16 عاما، لم تتراجع فيها مصر عن حقها ولو كان مترا واحدا، وظلت في كافة المسارات وأنواعها حتى تستعيد حقها، وفى ذلك أيضا صورة للمصريين في كل وقت، أنهم شعب لا يترك حقه، ويرفض الضغط عليه لتنفيذ أي مخططات، وحتى يكون الأمر أكثر إدراكا ومباشرا، فالشعب الذى حافظ على سيناء بالدم وبالمفاوضات يرفض كل مخططات التهجير، والمخططات الخبيثة للاحتلال الإسرائيلي ومن يدعمه في كل نطاق، لأن الشعب المصرى استعاد طابا بالمفاوضات، وأعاد سيناء بالحرب، ولذلك فالطريقين معروفين لدى الشعب المصرى، ويتواجدان في جيناته، ويعرفان تلك اللحظة التي يخرج فيها كل مسار.
19 مارس 1989 عيد تحرير طابا أيضا ليس تاريخا يرتبط بفكرة السيادة الوطنية وحدها وبالسياسة وبالجيش، بل هو عيد يتعلق بكرامة المصريين وقدرتهم الجبارة على التعامل بكل الأدوات المتاحة، وهو تعبير حقيقى عن قدرة المصريين الباطنية، والقادرة على ابهار الجميع، لعلهم يعقلون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة