خلال شهر واحد تم الإعلان عن خطوات من قبل الحكومة ضمن حزم إصلاح اقتصادى ومالى، يشير إلى تجاوز تداعيات الأزمة العالمية، وتراكماتها على مدى 4 سنوات، وبالطبع قبلها، حيث كان على الدولة أن تنهى إقامة بنية أساسية ضرورية، وتعالج أزمات صحية واجتماعية متراكمة.
وتستعد وزارة المالية لإنهاء الموازنة العامة للدولة 24/25، وبهذه المناسبة جمعنا لقاء مطول مع وزير المالية الدكتور محمد معيط، وعدد من رؤساء مجالس وتحرير الصحف، ضمن حوار حول مشروع الموازنة العامة، وأولوياته، الموازنة تنتهى فى مارس وتسلم أول إبريل، والهدف من هذه اللقاءات إدارة حوار والاستماع إلى أسئلة مطروحة فى الشارع وبين المواطنين، حول المستقبل القريب للاستثمارات الحكومية وتأثير الإجراءات والتدفقات الأخيرة على التضخم واستقرار الأسعار، وشكل توجهات الموازنة مع ما أعلنه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى عن مضاعفة الإنفاق على الصحة والتعليم، والسعى لخفض العجز الكلى للموازنة، وأعباء الديون.
وزير المالية الدكتور محمد معيط قال إن الدولة واجهت تحديات كبيرة على مدى سنوات وفى جميع الاتجاهات، ومع هذا حافظت على استقرارها فى محيط شديد التوتر والاشتعال، ومع السنوات الأربع مع ظهور كورونا ثم الحروب وصولا إلى غزة والبحر الأحمر، كلها أثرت منذ كورونا على أسعار السلع والنقل والخدمات، وهو ما ضاعفته الحرب، الآن مع التطورات والإجراءات الأخيرة هنا الاستهداف للتضخم وتحسين الخدمات ومستوى المعيشة، خاصة أن الدولة لم تتوقف عن مضاعفة الدعم، والحزم الاجتماعية للأجور والمعاشات، والدعم لدرجة أنه عندما كانت تكلفة الرغيف 20 قرشا كان المواطن يدفع 5 قروش، الآن تكلفة الرغيف 120 قرشا والمواطن يدفع فقط 5 قروش، وأن دعم 100 مليار رغيف يتكلف 120 مليار جنيه، وأن دعم الوقود 147 مليار جنيه.. وخلال العام الأخير وحده بتوجيهات الرئيس السيسى تم رفع الأجور 3 مرات والإعفاء الضريبى بما يقارب 80 %، وكل هذا تم تقديمه لتحسين حياة ومستوى معيشة المواطنين.
وخلال السنوات السابقة تعرضت اقتصادات العالم لهزات أدت إلى تأثيرات صعبة، فقد مرت أزمة كورونا من دون أن يشعر المواطن بأى انعكاسات أو تأثيرات للأزمة، ثم جاءت الحرب فى أوكرانيا ثم غزة والبحر الأحمر.. ولفت وزير المالية النظر إلى أن الدولة حرصت على العمل فى مشروعات وبنية أساسية كانت ضرورية، وأيضا الاستمرار فى سياسات الإسكان الاجتماعى لمنع تكرار ظاهرة العشوائيات، بل إن الرئيس السيسى أعلن إنهاء ظاهرة العشوائيات ونقل سكانها إلى مناطق حضارية، بعد أن بقيت هذه الظاهرة مستمرة لعقود ومحل انتقاد فقط، لكنها انتهت بتكلفة لا يمكن اعتبارها ضائعة.
وزير المالية الدكتور معيط قال إن منحنيات الأداء كانت تسير بشكل مناسب، لكنها تعرضت «لضربات» بعد أزمة كورونا، ومع هذا فإن المواطن لم يشعر طوال سنتى كورونا، لأن السلع كانت متوفرة وأسعارها لم تتغير، وقد سبقها استعداد من الدولة، وقبلها وجه الرئيس السيسى بألا يقل المخزون الاستراتيجى من السلع عن 6 أشهر، ولهذا مرت الأزمة من دون أى تأثيرات على الأسعار، لكن أثر الأزمة ظهر بعد عامين فى منحنيات التحرك، ووقوع الحروب والصراعات التى أدت إلى هذه النتائج، ومع هذا فإن الاقتصاد صمد، بالرغم من حالة عدم اليقين.
وزير المالية يقول إن الهدف هو الاستدامة وتحسين مستوى معيشة المواطنين، السيطرة على التضخم وانضباط المالية العام، والحكومة أعلنت تريليون جنيه سقفا للاستثمارات الحكومية، وهو ما يعنى فتح استمرار سياسات تقشفية، وتوسيع مجالات عمل القطاع الخاص، والتركيز أكثر على التعلم والصحة، والسيطرة على الأسعار، واستمرار برنامج إصلاح هدفه توحيد سعر الصرف، والسيطرة على التضخم وإعادة الاستقرار الاقتصادى، وفى الموازنة هناك استهداف تحقيق فائض أولى 35 %، بما يساوى 591 مليار جنيه، وأيضا استهداف خفض خدمة الديون إلى أقل من 90 % من الناتج المحلى، مع الأخذ فى الاعتبار أن خدمة الدين لم تقل خلال 44 عاما عن 87 %.
وبعد الإجراءات الأخيرة من البنك المركزى والحكومة، إجراءات مالية واقتصادية تتعلق بسعر الفائدة والتدفقات المالية وتعديل سعر الصرف فقد أصبحت قادرة على معالجة تراكمات الأزمات.
ويقول وزير المالية إن الموازنة الحالية تسعى إلى التعامل مع التضخم والسعى إلى خفضه بحيث ينعكس هذا على الأسعار بشكل كبير، مشيرا إلى أنه مع التحسن فى التدفقات الدولارية والسيطرة على سعر الصرف، وأن التوجه نحو مضاعفة موازنات التعليم والصحة، تتضمن بجانب رفع أوضاع العاملين فى هذه المجالات، أيضا تحسين الأجهزة ورفع الكفاءة، والاستمرار فى مشروع التأمين الصحى الشامل فى محافظات جديدة بعد رفع كفاءة المنشآت الصحية والطبية، بالشكل الذى يدعم التوسع فى التأمين وهيكلة الدعم الموجه للصحة وزيادة الاستفادة منه.. وكل هذه الأسئلة وغيرها ونواصل الكتابة عن الموازنة والإصلاح والأسعار.