صدى واسع أحدثه فطار المطرية المجمع هذا العام، ليس في مصر فقط ولكن في كل أنحاء العالم، حيث نجح شباب المطرية وأهلها للمرة التاسعة في عشرة أعوام في إقامة إفطارهم السنوي في موعده المرتقب في منتصف شهر رمضان، فيما يعد أكبر حدث من نوعه شارك فيه أكثر من عشرة آلاف شخص من كل أنحاء مصر والشخصيات العامة بل يزيد عليهم هذا العام عدد من الأجانب منهم سفراء لبعض الدول الأجنبية.
لكن العدد الكبير ليس هو السبب الوحيد لهذا الصدى الكبير، بل إن هناك مجموعة من الرسائل واضحة المعنى التي يمكن استنباطها من ذلك الحدث، حيث التنظيم الممنهج الذي يعمل حساب كل تفصيلة صغيرة بدءا من وجود الخرائط الإرشادية للزوار، وعمل سيدات الحي في بيوتهم لإكمال الوجبات، وحتى أشكال الزينة التي يتم تزيين الشوارع بها استكمالا لطقس مبهج، بالإضافة إلى تقسيم العمل ومشاركة كل البيوت فيه، ليبدو أن كل فرد في المطرية صغيرا كان أو كبيرا له دوره المعد بعناية ليتمكن كل هذا الفريق، الذي لا يمكن حصر عدده، من إخراج يوم دخل بإرادة شعبية ضمن الأعياد المصرية المبهجة، وكل ذلك بإمكانيات أهل المطرية الذاتية التي يصرون على أن تخرج خالصة من بيوتهم، سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين.
كل تلك التفاصيل التي تتميز بمصريتها شديدة الخصوصية التي تصبغ الطقس الديني من صيام وإفطار بالروح المصرية الخالصة التي تركز على قيم التعاون والتكافل والتواد والتراحم والإعلاء من قيمة الجوار وإكرام الضيوف والمحبة الخالصة التي يتم التعبير عنها في بساطة وتلقائية، يشارك فيها أطفال الحي بتحملهم مسئوليات تتناسب مع أعمارهم وتكبر مع السنوات، لتصير تدريبا بالغ الأهمية على تحملهم المسئولية فيما بعد ليس فقط في هذا الحدث ولكن في عموم حياتهم.
غير أن الرسالة التي تبدو على رأس كل ذلك هي التأكيد على أهمية الفكرة المصرية عن (العيش والملح) تلك الفكرة التي تعتبر أن مشاركة الطعام مرة هي بمثابة التآخي الدائم، وهي إحدى ركائز هوية المجتمع المصري التي تجعل من أبسط مظاهر الطعام – لا سيما في رمضان – جزءا مهما من هوية المجتمع التي تشتد أواصره بأفكار بسيطة لكنها تعبر بالتأكيد عن عمق جذور هذا الشعب الضاربة في عمق أرضه وتاريخه في الوقت نفسه.
وهي كلها أمور تجعلني أضم صوتي لصوت د علاء فريد أحد مؤسسي هذا الحدث بحلمه أن يكون لكل محافظة مصرية يوم إفطار جماعي لتتكرر التجربة، وهو ما أظن أنه سهل جدا تكراره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة