التنوع الدرامى خلال رمضان أو حتى فى المواسم العادية، يشير إلى نتيجة لخطط وتصورات وضعتها عقول محترفة تلبى حاجات ومطالب ظلت مرفوعة على مدى سنوات، بأن تكون هناك قدرة على الإنتاج الدرامى المتنوع الذى يلبى مطالب كل الأذواق والفئات، ولهذا فإن الموسم الحالى والسابق والأسبق تشير إلى تراكم كبير فى الإنتاج الدرامى بشكل يمثل خطوة فى عالم المنصات والمنافسة، خاصة فى وجود المنصات التى غيرت من شكل ومضامين إنتاج الأفلام والمسلسلات، وأصبحت تستوعب محتوى عربيا وبكل اللغات والثقافات، وهو أمر يؤثر بشكل كبير على شكل وأنواع ما يتم تقديمه، وأيضا على المضمون.
والطبيعى أن كل منصة أو جهة إنتاج تسعى لإنتاج محتوى يعبر عنها وعن مستهدفات الجمهور، ومن حقها أن تفرض موضوعات وقضايا وتوجهات قد تتقاطع أو تتشابك مع الثقافات المحلية أو الإقليمية، وتساهم فى تغيير للتفكير وفرض نماذج وأفكار وقع بالفعل من تأثير السوشيال ميديا، وأدوات ومنصات العرض، وهو ما يجعل تأثير الدراما أكثر عمقا.
من هنا تأتى أهمية ما تقدمه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، على مدى سنوات والتى أصبحت علامة مهمة فيما يتم تقديمه من إنتاج واسع وتنوع، بل إن الجدل الآن حول مضامين وموضوعات تتعلق بالتاريخ مثلما يجرى فى «الحشاشين» أو الحديث عن الكم والكيف فى وسط تنوع كبير من الأعمال الدرامية المهمة.
والواقع أن الدراما فى الأساس، وجبة يجب أن تتضمن التشويق والتسلية، من دون أن تقدم خطابات مباشرة أو مواعظ، وهو ما يتحقق فى خلطة الأعمال التى تم تقديمها فى النصف الأول من رمضان، وتنوع بين عمل يتعامل مع وقائع تاريخية، أو عمل مأخوذ من نص أدبى مثل عتبات البهجة، وأيضا إعادة تقديم امبراطورية ميم وهو عمل كلاسيكى سبق تقديمه سينمائيا، ويقدم بشكل مختلف تماما من خلال معالجة الكاتب الموهوب محمد سليمان عبدالمالك، وهو سيناريست له أعمال مهمة تتحدث عن موهبته، وقد نجح هذا العام فى تقديم شكل جديد عما كان فى السينما لنص إحسان عبدالقدوس، ونجا من المقارنة التى تتم عادة بين الأعمال الشهيرة والنسخ الجديدة، وبالفعل قدم نصا جديدا يتناسب مع تطورات العصر.
وحتى الجدل الذى يجرى حول «الحشاشين» من حيث استعمال اللهجة المصرية، أو الاختلاف حول بعض الوقائع والتواريخ، يشير إلى أن النقاش انتقل إلى مرحلة أخرى، وبالفعل فإن ما يتم تقديمه من دراما فى الحشاشين، يمثل خطوة مهمة، يمكن أن تمثل قاعدة لاستعادة ريادة الأعمال التى تتعامل مع أحداث ووقائع تاريخية فاصلة، بما تحمله من تفاصيل مهمة، ولدينا العديد من النصوص الأدبية التى عالجت بعضا من هذه الأحداث السياسية أو التاريخية، تتطلب معالجة شجاعة، وتصحيحا لتفاصيل والأحداث تستدعى ذلك.
وتأخذ الكوميديا مكانها بين الأعمال التى تقدمها المتحدة خلال موسم رمضان، مع الأخذ فى الاعتبار أن الكوميديا تمثل رافدا مهما، وتتطلب مجهودا كبيرا، وتمثل أحد أهم متطلبات الجمهور، ومن هنا يمكن اعتبار استمرار مسلسل مثل «الكبير» أو ظهور أعمال جديدة، مؤشرا على الدفع نحو مزيد من الأعمال الكوميدية التى تعد وجبة مطلوبة، وأيضا ضمن منظومة التنوع، وحتى نص كلاسيكى مثل «ألف ليلة وليلة»، وجد له مكانا ومجالا فى دراما شهر رمضان.
وكل هذه النتيجة تأتى بفضل تنسيق إنتاجى، وفتح الباب للاجتهادات من قبل المؤلفين وشركات الإنتاج، بجانب أن المتحدة خلال سنوات قليلة راهنت على نجوم شباب ونجحت فى الرهان، وقدمت أعمالا طوال العام وليس موسمية، وخلال الفترة الماضية نجحت فى أن تحتل مكانا مهما فى منافسة المنصات، وأصبحت «واتش ات» ضمن معادلات الفرجة الدرامية، وسط واقع تلعب فيه المنصات دورا مهما، بجانب القدرة على استيعاب تنوع فى الموضوعات، ليكون التشويق مع الوعى، من دون مباشرة أو وعظ.