خلال السنوات الأخيرة شهد الاقتصاد العالمى، تحولات وتحديات فرضت على الدول أن تسعى لمسارات تحقق الاكتفاء الذاتى من الغذاء، مع دعم التصنيع والإنتاج المحلى، بما يقلل الاعتماد على الخارج، وهذه التحديات مثل فيروس كورونا أو الحرب فى أوكرانيا وتأثر سلاسل النقل وكان على الدول أن تتحرك فى مسارات مستقلة لمضاعفة الإنتاج الزراعى، والاتجاه للتصنيع، لخلق بديل اقتصادى، يضمن نسبة أكبر من الاكتفاء الذاتى.
من جهتها، تتحرك الدولة على مدار سنوات تجاه إقامة بنية أساسية للزراعة، والإنتاج الزراعى والحيوانى، وهو ما تم فى الدلتا الجديدة ومشروعات مثل مستقبل مصر وتوشكى والصوبات ومشروعات فى المنيا وبنى سويف والفيوم، وهى مشروعات يتابعها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وعقد أمس السبت، اجتماعات مع مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمرانى، والمدير التنفيذى لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة لمتابعة خطة الدولة للتوسع الزراعى، والذى يعد عصبا للاقتصاد.
خلال الاجتماع تابع الرئيس نسب تنفيذ مشروع مستقبل مصر بالدلتا الجديدة، ومستجدات العمل فى مشروعات الصوب الزراعية بمنطقة اللاهون بالفيوم، ومشروعى المنيا وبنى سويف لاستصلاح الأراضى، ومشروع سنابل سونو بأسوان، ومشروع منطقه الداخلة، والمنطقة الصناعية واللوجستية بمحور الضبعة بالدلتا الجديدة. بجانب جهود توفير المياه للرى، وإنشاء الصوامع لتخزين الغلال والحبوب، وزيادة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة فى استصلاح الأراضى، وتطوير أنظمة الرى والميكنة الزراعية.
هذه الخطوات تأتى مع خطوات تمت على مدار أسابيع أعلنتها الحكومة تعلق بالاقتصاد وضبط الأسعار بجانب التدفقات المالية التى تمثل إضافة مهمة إلى حجم وشكل الاستثمار فى البلد بشكل كبير، ومنها بالطبع مشروع تنمية راس الحكمة أو الاتفاقات المالية مع المؤسسات التمويل الدولية وهى خطوات تمثل أسسا لانطلاق فى حالة توظيفها واستخدامها بما يضاعف من عوائد التنمية وفرص العمل وينعكس على نسبة النمو بالارتفاع وعلى التضخم بالانخفاض، كما أعلنت الحكومة ورئيس الوزراء اتفاقات مع التجار والمصنعين على خفض الأسعار بما يتناسب مع ما تم اتخاذه من إجراءات للإفراج عن البضائع والسلع.
وحسب توصيات وآراء الخبراء والمشاركين فى الحوار الوطنى كانت الآراء كلها تشير إلى أن انعكاسات الأزمة العالمية تتطلب بالفعل التركيز على الأنشطة الإنتاجية خاصة التى تساهم فى زيادة التصدير وتوفير المنتج المحلى بما يخفف من الاستيراد وبالتالى يوفر عملات صعبة.
رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، خلال الفترة الأخيرة، نفذ أكثر من جولة فى المناطق الصناعية وتفقد عددا من المشروعات الصناعية التى تقيمها شركات عالمية فى مصر، وآخرها العاشر من رمضان، وأعلن بالفعل أنه زار 5 مصانع بالعاشر من رمضان، منها مصنعان لشركات عالمية، وهو ما يمثل رسالة ثقة فى الاقتصاد.
وعن خطط التحرك فى المرحلة المقبلة، قال مدبولى، إن ضمان نمو الاقتصاد لا بد أن يعتمد على القطاعات الإنتاجية، والتى تتصدرها 4 قطاعات يتم التركيز عليها فى المرحل المقبلة وهى الزراعة والسياحة والصناعة والاتصالات.
وهذه القطاعات تترابط وتتصل ببعضها، وتمثل أسسا لأى نمو اقتصادى خاصة الصناعة والزراعة والتصنيع الزراعى، كما أن قطاع «الاتصالات والتكنولوجيا» هو القادر بالفعل على التطوير وأيضا تحقيق نتائج فى فترات قريبة، والسياحة تمثل قاطرة مهمة فضلا عن ارتباطها ببقية الأنشطة، فإنها القطاع الأكثر قدرة على تحقيق نمو وارباح وفرص عمل عاجلة.
رئيس الوزراء، وعد بأن الأمور ستتحسن للأفضل وأن الدفعة الأولى من قيمة قرض صندوق النقد ستصل الأسبوع القادم، بجانب الدفعة الثانية من صفقة تطوير رأس الحكمة ستصل مع بداية مايو المقبل، وأن الفجوة الدولارية تقل مع تعميق التصنيع المحلى وزيادة الإنتاج.
رئيس الوزراء قال إن الحكومة تستهدف أن تصل الصادرات لأكثر من 145 مليار دولار خلال الست سنوات المقبلة، وأن ضخ أية استثمارات أو توسعات جديدة من القطاع الخاص يعتبر إضافة للاقتصاد، باعتبار أن هذه الاستثمارات توفر فرص عمل، و منتجات عديدة بجودة عالية تغطى بها احتياجات السوق المحلى، وهو ما تدعمه الحكومة بقوة، وتشجع المستثمرين على ضخ المزيد من الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة.
كل هذه الخطوات والبيانات التى تعلنها الحكومة تمثل برنامج عمل أكثر وضوحا للمرحلة المقبلة يعتمد على تعظيم الاستثمارات العامة والخاصة وتوفير فرص عمل وعوائد ومضاعفة الصناعة والتصدير وهى برامج فى حال تنفيذها بالتزام تحقق مطالب وطموحات كبيرة فى رفع النمو وخفض التضخم.
مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع