مؤكد أن غرق سفينة روبيمار البريطانية في البحر الأحمر تطور كبير لطبيعة الصراع وتداعياته وتأثيراته، فما حدث يُنذر بكارثة بيئية خطيرة سواء على اليمنيين أو الأحياء البحرية في المياه الإقليمية بالبحر الأحمر، لاسيما مناطق الصيد البحري الذى يعتمد عليها كثير من اليمنيين الذين يعانون من تفاقم الأوضاع المعيشية في ظل الأزمة اليمينة الممتدة منذ عشرة أعوام، إضافة إلى أن المواد التي كانت تحملها السفينة روبيمار من فوسفات الأمونيا ستذوب في مياه البحر وتلوثه ما يؤدى إلى موت الكائنات البحرية، غير أن الرخويات والأسماك ستحمل هذه السموم وستنتقل عبر الصيد إلى السلسلة الغذائية ما تؤثر في المجتمعات الساحلية وعلى صحة اليمنييين.
فمن المسؤول؟.. صحيح أن تبادل الاتهامات بين الولايات المتحدة وحلفائها والحوثيين مستمرة، فكل طرف يحاول أن يحمل الآخر مسئولية الإغراق، لكن أعتقد أن أول المسئولين هو من رفض وما زال يرفض وقف إطلاق النار في غزة، وهنا أتحدث عن الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا، لأن من المؤكد أن ما يحدث في البحر الأحمر مرتبط ارتباطا وثيقا بحرب غزة، فمن سمح بإطالة أمد الحرب واشتعال البحر الأحمر وعسكرته مسؤول مسئولية مباشرة عن غرق السفينة روبيمار.
ثم ألم تتوقع الولايات المتحدة وتدرك أنه بعد استهداف الحوثيين السفينة وإصابتها يوم 18 فبراير الماضى وتركها طافية على سطح البحر بعد تسرب المياه إلى داخلها دون تدخل جاد لإنقاذها أو قطرها حتى غرقت رغم علمهم أن حملوتها تبلغ 41 ألف طن، وأعلن أنها تحمل 20 ألف طن من الأسمدة الكيميائية الخطرة التى تتكون من فوسفات الأمونيا السائبة غير المغلفة، ونصفها الآخر زيوت ومواد كيمائية أخرى؟.
وأيا كان الأمر.. فإن مخاطر غرق السفينة روبيمار كبيرة وخطيرة، تحدثنا بيئيا، لكنها غرق السفينة له أيضا تأثيرات اقتصادية وذلك على صعيد تدفق ومرور السفن التجارية من باب المندب وقناة السويس، حيث سيزداد توجه السفن إلى التحرك عبر رأس الرجاء الصالح والالتفاف حول القارة الأفريقية، مما يزيد من التكلفة الاقتصادية وارتفاع تكلفة الشحن والنقل والـتأمين ما يؤثر على أسعار سلاسل الإمداد العالمية، خاصة الأمن الغذائي، وتضرر اقتصاديات الدول المتشاطئة والدول الأوروبية، إضافة إلى تزايد المخاطر الأمنية والاضطرابات في البحر الأحمر جراء تصعيد الولايات المتحدة وبريطاينا ودول الغرب من استهداف الحوثيين ما يزيد من هجمات الحوثيين واشتعال الصراع وتفاقمه ما ينذر بنشوب حرب إقليمية لا يعلم مداها إلا الله..
لذا، ليس أمام العالم إذا كان يريد حقا تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط وعودة الأمن للملاحة في البحر الأحمر إلا الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة، فإنهاء الحرب تعنى تجنب المنطقة اشتعال الجبهات وتفاقم الأوضاع، وبالتالي فإن غرق سفينة روبيمار ناقوس خطر وجرس إنذار يجب أن ننتبه إليه..