الموقف وقت الأزمات هو المعيار الأساسي في تقييم الإنسان، فكلنا إنسانيون ومحترمون في الأوقات العادية، أما في الأزمات، فإن الشدة هي التي تفرز الناس، فنعرف الحقيقي من المزيف المدعي.
والفنان التشكيلي محمد عبلة، صاحب باع طويلة في الفن، تشهد بذلك أعماله ذائعة الصيت، والتي أهلته بحق للحصول على وسام جوتة من ألمانيا عام 2022.
لكن الفنان محمد عبلة -لأنه فنان حقيقي- قرر رد هذا الوسام إلى الحكومة الألمانية، بعد أكثر من عام على تقلده إياه، وذلك بسبب موقف الحكومة الألمانية المؤيد للعدوان الإسرائيلى على أهالينا العزل في غزة.
وقال عبلة إنه قرر أن يتخذ موقفا حاسما وهو رد وسام جوتة، إلى الحكومة الألمانية، لأن موقف الأخيرة من قتل المدنيين في غزة "مشين"، لم يقتصر على تأييد القتل، وإنما رفعت ألمانيا صادرات السلاح للصهاينة السفاحين إلى 10 أضعاف.
عبلة أوضح موقفه كفنان وكإنسان بقوله: إن أي إنسان لديه ضمير وكرامة عليه أن يتخذ مثل هذا الموقف.
وكلام عبلة يعيد إلى الساحة الفنية المصرية والعربية، مفاهيم غابت عنه، حول الفنان الملتزم بقضايا أهله ووطنه، سواء في فنه أو كافة مواقفه الحياتية، وهي المفاهيم التي غابت كثيرا، إما بعدم ذكرها أصلا، أو ذكرها والتغني بها بشكل مجاني لا يكلف من يتغنى بها سوى كلمات منمقة ينكشف زيفها في المواقف والأزمات.
ولقد قدم الفنان محمد عبلة لجيله والأجيال من بعده درسا علينا جميعا أن نحتفي به، ونرفعه قدوة لنا ولأبنائنا ولكل الفنانين، على أمل أن تستعيد القوى الناعمة في مصر قدراتها وتأثيرها، وهذا لا يحدث إلا إذا التزمت هذه القوى بالقضايا الوطنية والإنسانية، على النحو الذي نتعلمه الآن من الفنان القدير محمد عبلة.