حازم حسين

فتنة زكاة الفطر.. ذهنية التطرّف وشبكاته وسرّ التطاول على منشورات دار الإفتاء

الإثنين، 01 أبريل 2024 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أخطر ما تاجرت فيه تيَّاراتُ الصحوة الإسلامية أنها جعلت التطرُّف وجهةَ نظر، وحبَّبته للناس من باب الاستعلاء بالدين، بوصفه قيمةً عُليا تعكسُ الجدارةَ وتُرسِّخ الاستحقاق. فصار الإيمانُ رهينَ التشدُّد، والأفضليّةُ ابنةَ المظهرية المُوغلة فى المُغالاة والسفاسف. وحصاد ذلك الآن؛ أن تجد مُراهقًا يتلبَّسُ عباءةَ الفقيه من دون حَرج، والذين غُسِلَت عقولُهم إلى أن تشوَّهت أرواحُهم، لا يستشعرون غضاضةً فى التنطُّع والمُباهاة بالجهل، وأن يستكملوا مسار مُرشديهم الروحيِّين، أو بالأحرى مُضلِّليهم، لناحية إذكاء حالة الفُرقة والانقسام، وإنتاج فكرة «الفرقة الناجية» كمُمارسةٍ يومية، تُغلِّف كلَّ التفاصيل من أعلاها لأدناها، وتُصبح بديلاً مُتغطرسًا عن التدبُّر وإعمال العقل، وعن افتراض الخطأ فيما تستحبُّه النفسُ، والصواب فيما ينحوه الآخرون. ونظرةٌ واحدة على منشورات «دار الإفتاء» بمواقع التواصل، وسَيل التعليقات الوضيعة أو السطحية؛ تكفى لاستخلاص حال الخطاب الدينى فى حيِّزٍ عريض من نطاقه الاجتماعى، والرواسب التى خلَّفتها جماعاتُ الرجعية فى عقود انفلاتها، وصبغت بها وعىَ العامّة وتصوُّراتهم عن أنفسهم وأدوارهم الاعتقادية.


شاعَ فى السنوات الأخيرة أن تتدفَّق قوافلُ المُهاجمين على مُؤسَّسة الفتوى واجتهاداتها، ويبدو المشهد فى كثيرٍ من حالاته كما لو كان مدفوعًا بحركةٍ نظامية، وتقف خلفَه أبنيةٌ ولجانٌ تُساق على حال القطيع.. وأحدثُ الحلقات قبل أيّام؛ عندما نشرت صفحة الدار على «فيس بوك» رأيًا مُوجزًا للغاية، خُلاصته أنه يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا، حدّها الأدنى 35 جنيهًا، ومن زاد عليه فهو خير له. فانفجرت بالوعةٌ من الجهل والنطاعة والانحطاط، تدورُ على مروحةٍ واسعة أوَّلها تخطئةُ الذهاب إلى فكرة القيمة المادية، وعلى حواشيها إهانةٌ للمُؤسَّسة وفُقهائها، وإهانات تتخطَّى النقدَ إلى التسافُل والتعريض بالكيان والشخوص، بينما تمسَّكَ القيِّمون على الصفحة بوقارهم، وحافظوا على مزيجٍ من الرِّفق والتعقُّل وسِعة الصدر، ما بين الإيضاح والتفسير، وإجابة تساؤلاتٍ وُضعِت للسخرية والمُكايدة والتشويه؛ لا للبحث والاستفسار على شَرط الحوار والفهم والاستيعاب. بدا أهلُ الفتوى يُمارسون مهامَّهم الشرعية والمهنية؛ بينما انحصرت أغلب الردود فى مدار الاستهداف والتهجُّم والحَطّ من المكانة.


خريطةُ التفاعل على المنشور تسير فى اتجاهين: ردود الفعل الإشارية تجاوزت اثنى عشر ألفًا، أغلبها بين الإعجاب والاهتمام والاستحباب، ونحو 360 غاضبًا وضاحكًا بنسبة 3 % فقط، مقابل 3500 إعادة نشر، غلب عليها إرفاقُ المنشور بالنقد أو الاستهجان والسباب، مع نماذج قليلة تراوحت من دعم الدار إلى الإشارة لهجمة المُتطرِّفين والتشفِّى فى إغاظتهم، أمَّا التعليقات التى فاقت 3 آلاف فقد تجاوز السلبىّ منها نسبة 90 % بالتقريب. تلك المُؤشِّرات بحسب وقت مُطالعتى بعد يومٍ وبضع ساعات من النشر، وهى نِتاج المُشاهدة لا التحليل الإحصائى الدقيق؛ لكنّ الفروق الواضحة فيها لا تحتاجُ كثيرًا من الفحص لنستشرف الحالةَ العمومية، أو نستخلص أن الرأىّ الفنى للهيئة الافتائية قد تحوَّل إلى ساحة حرب، واتّخذه البعضُ منصّةً للوَصْم والتشهير؛ ربما لتصفية حساباتٍ قديمة تتجاوز رمضان وصيامه وزكاته. وإن كُنّا لا نُنكر أنَّ المسألة محلّ خلافٍ فى الرؤى والأحكام؛ فإنَّ تسعير الجدل بشأنها اليوم يخرج عن نطاق الاشتباك الفقهى؛ لا سيما أنَّ أحد طرفيه لا يتوافر على علمٍ وافٍ وإحاطة بكلّ الآراء، ولا يملك ناصية الاجتهاد على شَرطها فى مراعاة السياقات والأحوال ومنطق المصلحة، كما أن المصريين اعتادوا لعقودٍ أن يُزكّوا عن فِطرهم بالنقود؛ لذا فالفكرةُ ليست جديدة، ولا تستدعى أو تحتمل الفزعة الجبهوية التى أُرِيد لها أن تبدو صدًّا للابتداع، أو ذَودًا عن حِياض الدين أمام عاصفةٍ ناشئة من الحَرْف والتبديل.


أهمّ الملاحظات أن المُؤشِّرات الرقمية تُشير لغلبة المُعتدلين ومُؤيِّدى رأى الدار؛ لكنهم يكتفون بالضغط على زِرّ الإعجاب ثم يمضون لحال سبيلهم؛ بينما المُتطرفون والذين يخوضون حربًا مُمنهجة مع المُؤسَّسة الروحية لديهم فائضٌ فى الوقت والطاقة؛ حتى أنهم يُجنِّدون أنفسهم للطعن والتسفُّل والجدالات الصفرية. ويُشير ذلك لأزمةٍ هيكلية طالما أضعفت خطابَ التنوير، ويسَّرت مهمَّة الجماعات الأُصوليّة فى تسويق أجنداتها، وتحويل المجتمع إلى خزّانٍ مفتوح يحتضن أفكارَها، ويضخُّ العناصرَ المُضلَّلَة فى شرايينها الحركية.. فالعِلّة أنَّ الساعين لمُصالحة الدين على العصر، يجتهدون لإنجاز غايتهم عمليًّا ولا ينشغلون بتمرير رُؤاهم للعالم المُحيط، والسعى لتعميمها بالدعوة أو الدعاية، والمحبوسون فى الماضى على النقيض تمامًا؛ إذ يتصلَّبون على قديمهم، وتُحرِّكهم نزعةٌ رِساليّة لجَرّ الحياة بكاملها إلى الوراء. وإذا كانت بعضُ المواقف نتاجَ الحماسة الشخصية؛ فلا يُمكن استبعاد أنَّ العقل الذى يُغذِّى تلك العاطفة قد تعرَّض لضرباتٍ قاسية، وأهلكته موجاتُ التجهيل والتضليل والاستقطاب؛ لكنَّ الأخطر والأهمّ أنّ كثيرًا من الردود الانفعالية، والافتعالية، لا تبزغُ من تُربةٍ معزولة عن المُؤثِّرات، أو بأثر الشحن الوجدانى فحسب؛ بل تحملُ فى ثناياها ما يُشير لهجمةٍ مقصودة وعملٍ مُنظَّم.


فقهيًّا؛ لم تنطلق دارُ الإفتاء من فراغ. ربما الأصل أن زكاة الفطر تكون من المأكولات، لا سيما الحبوب والزبيب؛ لكنّ الأثر والاجتهادات يحملان دلائل قديمة على أنه ليس خيارًا حصريًّا، وأن النقود غير مُستبعَدة من الوفاء بالالتزام المُكمِّل لطقس الصوم، دون أن يشوبه عوارٌ أو ينتقل من الزكوات لصفة الصدقات، وعمومًا كلاهما من بابٍ واحد. والدارُ فى رُدودها استدعت نصوصًا تُجوِّز التزكِّى بالمال، كما أنَّ «أبا حنيفة» ووفقهاء مذهبه نَحَوا مسلكَ التوسعة. وبينما اشتملت الانتقاداتُ على رفضٍ لضآلة القيمة الُمحدَّدة بخمسةٍ وثلاثين جنيهًا؛ شرحت صفحةُ الإفتاء آليّةَ القياس والاستدلال، وكيف توصَّلت لتقديرها، وكان حديثها واضحًا منطقيًّا؛ إذ اعتمدت القمحَ قاعدةً للحساب، باعتباره الغالب على طعام المصريين، وزادت على سعر الصاع السوقى نحو الثلث تقريبًا، ثم شدَّدت أنها الحدّ الأدنى الذى لا نزول عنه، والباب مفتوح لمن أعطاه الله السِّعةَ وكان قادرًا على ترجمة اقتداره فى زكاته. والمقصود ممَّا سلف؛ أن الخلاصةَ المنشورةَ لم تكن عشوائية، وما غابت عنها الحصافةُ والدليل المُقنع؛ لكنَّ الردود العنيفة لم تتوقَّف أمام أىٍّ من ذلك، كأنها مقصودةٌ لِذَاتها بغضّ النظر عن الكلام وفحواه؛ أى أنها تستهدفُ المُؤسَّسة خارج الموضوع أصلاً، وهنا يصح افتراض أنه لو كان الحديثُ فى فقه العبادات ومعلومات الدين بالضرورة؛ لما نكصوا عن هجومهم وبذاءاتهم الموصوفة.


ثمّة شواهد تُرجِّح مسألةَ العمل المُنظَّم واللجان الإلكترونية. تعليقاتٌ عدّة تتكرَّر بالنص، وكثيرٌ من الحسابات لها هيئةٌ مُجهَّلة بأسماء استعارية وصورٍ زائفة. وعبر جولةٍ سريعة على بعض المُعلِّقين تتكشَّف مُشتركاتٌ أوطد؛ إذ تسيطر على أغلب الصفحات نكهةٌ مُحافظة، إخوانية أو سلفية، تتداخل فيها نصوصُ القرآن والسيرة مع صور ومقاطع فيديو لدُعاة من رموز الرجعيّة والعنف، منهم الحوينى وابنه ومحمد عبد المقصود والقرضاوى ووجدى غنيم وأيمن عبد الرحيم وحازم شومان وأنس السلطان وغيرهم، ولا تخلو المنشورات من اشتباكاتٍ سياسية على قاعدة خصومة الجماعة الإرهابية وحُلفائها مع الدولة ومُؤسَّساتها بعد ثورة 30 يونيو. وأكثر المعلومات المُتكرِّرة فيما بينهم، تُشير لدراستهم عبر فعاليات أُصولية معروفة، مثل أكاديميتى زاد والبناء المنهجى ومدرسة شيخ العمود، وكلّها لا تنفصل عن مرافق الإخوان وأذرعهم الدعوية والاستقطابية، كما أنّ تقنياتهم فى المُزايدة والتشهير والابتزاز العقائدى لا تختلف عن مُمارسات اللجان المُعتادة بخبرة السنوات الماضية.


لنَكُن أكثر صراحة. دارُ الإفتاء ليست مقصودةً فى ذاتها؛ إنما يقعُ الاستهداف على الدولة، وما التصويب على العضو إلَّا لإدماء كامل الجسد.. لا يختلف ذلك عن أعوام الحرب الشعواء على الأزهر؛ لسابق استجابته للإرادة الشعبية فى الثورة على الإخوان، ودَعمه خارطة الطريق بعد إطاحة التنظيم، كما لا يختلف عن التعريض بالمفتى السابق على جمعة، وصولاً لملاحقته بعد ثلاث سنوات من مُغادرة المنصب بمحاولة اغتياله فى 2016، ولم تنقطع الخصومةُ معه يومًا؛ حتى أُعيد تسعيرُها أخيرًا بأعلى حِدّة وتشدُّد ضد برنامجه الرمضانى «نور الدين». لقد مزج المُتطرِّفون بين موقفهم من السلطة والشارع الذى ثار عليهم، والمُوقف من المُؤسَّسة الروحية التى وقفت فى صفّ رافضيهم، وتولَّت بعدها تفكيكَ خطابهم، وتقديم نُسخةٍ فقهية أكثر سماحةً وتعقُّلاً، بما يُحرِّر الناس من سَطوة الرجعية، ويُهدِّد مُكتسبات الجماعات لناحية الجماهيرية والرواج والمنافع، بالتبرُّعات والزكوات والهدايا والاشتراكات، وغيرها من أبواب التربُّح والتمويل.


عودةٌ لمنشور الإفتاء. وإن كنتُ أُحبّ ألَّا أنساقَ للردِّ على جحافل المُغيِّبين وسيِّئى النوايا؛ فالحقيقة أنّ تراثنا الفقهى مُتخَم بالتعارُضات فى مسألة زكاة الفطر، بين مَن يتشدَّد فى فرضيَّتها، ومَن يراها سُنّةً مُؤكَّدةً، والقائلين بوجوبها فى الشائع من طعام البلد، ومَن يرون جوازَ أن تكون نقدًا، وفريق يرى إلزاميّتها للجميع مُقابل آخر يستثنى منها مُستحقّيها وغير القادرين على إخراجها. وبعيدًا من نقاط الاختلاف؛ فمنطق أن تكون واجبًا عُموميًّا يقتضى تأطيرَها بحدٍّ أدنى لا يُرهِق الفقراء، على أن يتوسَّع المُوسِرون فيها قدرَ طاقتهم، كما أن فلسفتها تدور فى نطاق جَبر الخواطر واقتسام بهجة الموسم، وألَّا يمضيها البعضُ فى وفرةٍ ويختنق غيرهم بالفَاقة والعَوَز؛ والمعنى أن يتحقَّق فيه التوازنُ بين معيار الاقتدار لدى المُنفِق، وغاية سَدّ الاحتياج عند المُستحق، والأغلبية اليوم ليسوا من المُزارعين ولا يختزنون الحبوب ونواشف القوت، وحاجات البُسطاء صارت تتجاوز القمحَ والتمر إلى صُنوفٍ عِدّة من المأكل والملبس؛ وعليه فالمال أيسرُ وأنفع لكلِّ الأطراف. لقد أخرجها الرسولُ حِنطةً وزَبيبًا بالفعل؛ لكنه كان يلبسُ القميص والعمامة ويتنقَّل بالناقة والفرس، وما دام العصرُ قد ساقنا لمعاشٍ مُغاير فى يوميّاتنا العادية، فلا مانعَ من أن نستجيبَ لبقيّة المُتطلِّبات بروحِ الزمن ومادّته. والقول بخلاف ذلك ليس أُصوليّةً مُتحجّرة فقط؛ إنما هو مُصادرة على حركيّة الاجتماع، وحَبس للدين فى قُمقم التقليد والاتّباع على أشدِّ صُورهما سطحيّةً وانعدامًا للمُبرّرات.


فى الخلاف الذى يبدو بسيطًا ما يُلخّص عُقدةَ الداعشية ويفضحُ عوارَها. فالعِلّة ليست فى العُنف والافتتان بالدم فحسب؛ إنما فى نزعةِ احتكار الحقيقة ومُصادرة المجال العام من المُختلفين. والذى يستسهلُ إهانةَ المُجتهدين وتكفيرهم، قد لا يتورّع عن قَتلهم لو استطاع. وقد يصحُّ أن نختزل الحال فى كونها مُكايدةً عابرة، وطموحًا لسحب البساط من المُؤسَّسة الرسمية، وإبقاء الولاية على الفَهم الدينى فى عُهدة الأُصوليين؛ لكنّ السوابق العملية تُشير إلى أن الكَيد بعد يناير 2011 تحوّل إلى اختطافٍ للإسلام فى استفتاء مارس على تعديلات الدستور، وفى انتخابات البرلمان والرئاسة، وطوال سَنة الإخوان السوداء فى الحُكم. وتمادى الانحراف لتبرير حملة الرعب والإرهاب تحت لافتةٍ عقائدية، وما يبدأ اليوم خلافًا على رأىٍ عابر فى زكاة الفطر، لا ضمانةَ لئِلّا يتطوّر مُستقبلاً لمُمارساتٍ عدائية صريحة فيما هو أكبر وأكثر إزعاجًا وتهديدًا. إنها معركةٌ مُخطَّطة من مرجعيّات التشدُّد، يُدفَع فيها الجهلاء والمُغرَّر بهم إلى نار الاحتراب، استغلالاً لضحالة معارفهم، وتوظيفًا لثقافة القطيع وسُخونة العاطفة الدينية العارية من العقل والحجّة. والحلّ ليس فى الصمت المُتواطئ، ولا فى تخلِّى المُؤسَّسة الدينية عن مهامها، ومُغازلة الموتورين بما يُحبّون سماعه؛ بل فى صرامة الموقف وجدّية المواجهة، وخوض الامتحان على شرط الحرب الوجودية؛ إذ التساهل مُغامرة خَطِرة، وتأخُّر الحسم لعنةٌ حارقة، وكُرة ثلجٍ لا تتوقَّف عن الدحرجة والتضخُّم.


غالبيةُ الناس يثقون فى دار الإفتاء ويتّبعون منهاجها، ويتوجَّب البناء على هذا لناحية تعزيز مركزها، وتقويض خصومها. يتطلَّب ذلك تنشيط مرافق الدعوة؛ ليكون الاعتدال مُعادلاً مُكافئًا لعصابات التطرُّف، وأن يتسارع إيقاع تغيير الخطاب الدينى وتنقيته من الشوائب، واتخاذ مواقف جادة مع الساعين لإشاعة أجواء الانغلاق والفرز الطائفى والمذهبى، وقد يتطلَّب ذلك جهدًا فى التصدِّى للجرائم الإلكترونية ودُعاة الكراهية. الجماعات الرجعية لن ترتدع من دون صلابة مُؤسَّسية، والأفراد سيظلّون على توحُّشهم طالما أنهم ينجون بأفكارهم المريضة وأفعالهم الشائنة. على العمائم الوسطية أن تكون أشدَّ بأسًا، وعلى قافلة التنوير أن تتجرّأ للدفاع عن وجودها ومُعتقداتها، ثمّ يستكمل القانون المهمَّة بلَجم المُمارسات الحارقة، وصدّ التجاوز على حياة الناس ودينهم. إنها مُنازلةٌ فى الحاضر لأجل المستقبل؛ ولعلَّها تبدو غير مُتكافئةٍ فى النظرة البسيطة؛ لكن المنطق وصيرورة الزمن يقطعان بأنه لا أُفقَ للرجعية والتطرُّف، ولا مفرَّ من التطوُّر والانفتاح. إنها مسألة وقتٍ لا أكثر، وجولات من التسامح المُتدبّر تتراكم فوق تلٍّ من نفايات الاستلاب والتغييب، والذين خسروا معركة تديين أطماعهم الدنيوية قبل سنوات، سيخسرون لا محالةَ فى كلِّ صدامٍ مع الدنيا وقانونها الديناميكى الفعَّال؛ المُهمّ ألّا يخدعنا نباحُهم، وألا تنطلى اللعبة على الجمهور العريض. قليلٌ من الضوء الكاشف والمُستدام يكفى لتبديد ظُلمة الليالى مهما كانت حالكة، وقليلٌ من المُحاسبة الصارمة ستكبح الانفلات وتُلزم الضباعَ أقفاصَها، وقد تُنسيها غريزةَ الافتراس ونهش الآمنين.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة