يوم كذبة أبريل هو يوم ليس وطنيًا أو معترف به قانونيًا، ولكنه تقليدي يحتفل به في عدد من دول العالم في 1 أبريل من كل عام، وعرف بعمل الخدع في الأخرين، ويحتفل فيه البشر لاطلاق النكات وعمل الخدع، وهناك العديد من الروايات والقصص التي تناولت تلك اليوم بشكل مباشر، وخلال تلك السطور نستعرض واحدة من تلك القصص بعنوان "فردة حذاء قديمة"، وهي من كتاب "لغز كذبة أبريل" للكتاب محمود سالم.
غلاف لغز كذبة أبريل
اقتربت نهاية شهر مارس، وبدأ المغامرون الخمسة، وأصدقاؤهم في تدبير «المقالب» الأبريلية — نسبة إلى شهر أبريل — وهي «مقالب» ضاحكة وبريئة، وتُجرى على سبيل المزاح والتفكُّه، وليس على سبيل النَّكد والحزن.
وكان كلُّ واحد منهم يُفكِّر وحده ويعمل وحده؛ فكذبة أبريل أهم ما فيها المفاجأة والابتكار، والحديث عن أي «مقلب» أو كذبة سيذهب بالمفاجأة.
وأخذ كل واحد من المغامرين يُحاول أن يَستنتِج ماذا سيفعل الآخر، وما «المقلب» أو «الكذبة» التي سيتلقَّاها … أهي مُكالمة تليفونية بصوت مختلف تحكي قصة وهمية أم هي برقية بمعلومات زائفة؟! هل هو طرد فارغ مُرسَل بالبريد … أو هي تهنئة بالفوز مثلًا في شهادات الاستثمار، بمبلغ ألف أو عشرة آلاف جنيه؟!
هناك عشرات الأفكار والابتكارات، والمقالب … المُهم أن تكون طريفة ومضحكة، وليست محزنة، ولا تسبب الارتباك والزَّعل كما يحدث لبعض الناس.
وجاء يوم أول أبريل … وكانت أول كذبة فيه أن أحدًا من المغامرين الخمسة لم يُدبِّر أي مقلب … أو يتحدَّث … أو يفعل أي شيء … لقد توقع كلٌّ منهم أن يقوم الآخر بتدبير كذبة مناسبة … وكانت النتيجة أن أول أبريل حتى الساعة العاشرة صباحًا لم يحدث شيء …
وفجأة… على باب «تختخ» وقعت المفاجأة فقد خرجت الشغَّالة لإعطاء الملابس لصبي الكوَّاء فوجدت لفة صغيرة على درجات سلم «الفيلا»… كانت ملفوفة في ورق أصفر سميك… وتناولتها… ووجدت معها خطابًا في مظروف باهت قديم.
تحيَّرت الشغَّالة لحظات، وتساءلت — في نفسها — عمَّن قدَّم هذه اللفة الغريبة، ولكنَّها تذكَّرت أن «توفيق» قال لها إنه يتوقَّع أن تصل إليه أشياء غريبة في أول يوم في أبريل… وهذا هو أول يوم في أبريل.
حملت الشغَّالة اللفة وذهبت إلى «تختخ»، الذي كان يجلس في غرفة نومه متكاسلًا في انتظار مقالب الزملاء… وضحك «تختخ» عندما أمسك باللفة، وتأكد من أول نظرة أنها من مقالب «عاطف»، وزاد تأكُّده عندما فتحها ووجد بداخلها أكبر مقلب تصوَّره … وجد بداخلها فردة حذاء قديمة!
وضحك «تختخ» وهو يضع الورق الذي لُفَّت به فردة الحذاء جانبًا، ثم وضع الفردة نفسها أمامه وأخذ يتأمَّلها… وتأكَّد — رغم المقلب — أن فردة الحذاء من صناعة الخارج، وأنها من نوع غالٍ مرتفع الثمن، وهي صالحة للاستعمال … ودُهشَ من أين حصل عليها «عاطف» ولماذا أرسل فردة واحدة ولم يُرسل الفردتَين… ورجح أنه اشتراها من أحد باعة «الروبابكيا»، ثم لاحظ وجود الخطاب وكان قد نسيه تمامًا… وأمسك بالمظروف يتأمله… كان المظروف من نوع رخيص حقًّا، فقد اختاره «عاطف» بعناية، وكان الخطُّ سيئًا ويدل على جهل شديد من كاتبه… فقد كانت كلمة «المغامرون» ينقصها حرف… وابتسم «تختخ»… لأن «عاطف» أتقن المقلب جيدًا!
وفتح «تختخ» الخطاب كان بداخله ورقة قديمة تشبه فاتورة من أحد المحال التجارية وقد قُصَّ العنوان، ولم تتبقَّ إلَّا الصفحة البيضاء والخطوط الطولية التي عليها.
وهذا نص الخطاب:
"الأستاذ «تختخ» زعيم المغامرين الخمسة وابتسم «تختخ» لكلمة زعيم… فهو لا يعتبر نفسه زعيمًا للمغامرين… إنه فقط واحد منهم، ومضى يقرأ:
لقد سمعت أنكم تحلُّون الألغاز وتُساعدون العدالة… فإذا كان ذلك صحيحًا… فهل يمكنكم حل لغز فردة الحذاء القديمة؟ إنكم إذا استطعتم حل هذا اللغز فسوف تتوصَّلون إلى تفاصيل قصة مثيرة لم يسبق لها مثيل.
إنني أختبركم، وإذا سألتني لماذا لم أذهب إلى رجال الشرطة، فأنتَ تَعرف الشاويش «علي» … إنه لا يحب الألغاز … إنه رجل ينفذ القانون فقط وقلَّما يستخدم عقله … ثم إن فردة الحذاء هذه كانت أمامه فترة من الزمن، ولكنه لم يفكر فيها مطلقًا. ولعلك تسأل… لماذا أُرسل لك فردة حذاء واحدة، ولم أرسل لك فردتين؟ هذا جزء من اللغز أيضًا … سلامي لكم جميعًا وتمنياتي بالتوفيق."
وكان «التوقيع» يشبه ثعبانًا مُلتفًّا لا تمكن معرفة أي حرف فيه.
استلقى «تختخ» على فراشه مفكِّرًا … كيف أرد المقلب ﻟ «عاطف»؟ هل يرسل فردة حذاء قديمة أيضًا؟ ولكن المسألة هكذا لا يكون فيها أي ابتكار، واسترسل في التفكير لحظات ثم دق جرس التليفون، ورفع السماعة وعلى الطرف الآخر كان صوت «عاطف» المَرِح يقول: كل كذبة وأنت طيب!
تختخ: كذبة قديمة جدًّا.
عاطف: كل الأكاذيب قديمة … الحقائق هي الجديدة!
تختخ: ما هذه الفلسفة العميقة؟
عاطف: لا بأس من التفلسُف أحيانًا … ما هي أخبارك؟ هل دبَّرتَ مقلبًا لأحد؟!
ابتسم «تختخ» لخبث «عاطف» وقال: لقد تركت الآخرين يدبرون المقالب لي، وقد أهدى إليَّ أحدُكم مقلبًا قديمًا؟
عاطف: هل المقالب فيها قديم وجديد؟ إنَّ روعة المقلب في أن يكون مبتكرًا!
تختخ: إنه مبتكر فعلًا … ولكن المادة نفسها قديمة!
عاطف: أي مادة؟
تختخ: مادة المقلب … أقصد موضوع المقلب!
عاطف: أنت محظوظ … فهناك من يُفكِّر فيك أما أنا فلم أتلقَّ أي شيء قديم أو جديد.
تختخ: دعنا نرى ماذا فعل بقية المغامرين الخمسة… ثم نناقش ما حدث لي.
عاطف: سأتولى الاتصال، ونتقابل في الكشك الصيفي في حديقتنا بعد ساعة.
وضع «تختخ» سماعة «التليفون» وانطلق ضاحكًا… إن «عاطف» مصِرٌّ على الإنكار ويتصور أنه من الممكن أن يخفي الحقيقة.
وبعد ساعة كان «تختخ» يحمل اللفة معه بعد أن ربطها كما كانت، ثم توجَّه إلى حديقة منزل «عاطف»… ووجد أصدقاءه في انتظاره وقد ارتفعت منهم الضحكات والقفشات.
وصاحت «لوزة» عندما شاهدت «تختخ»: قال لنا «عاطف» إنَّك ضحية مقلب ظريف!
تختخ: ليس ظريفًا جدًّا على كل حال.
نوسة: ومَن الذي دبَّر المقلب!
تختخ: إذا لم تخُنِّي فراستي … فهو …
محب: أحد زملائنا في المدرسة!
تختخ: لا.
نوسة: أحد الجيران؟
تختخ: أبدًا.
عاطف: إذن أنت لم تعرفه بعد!
تختخ: أعرفه.
عاطف: من هو؟
تختخ: أنت!
وضحك الجميع ما عدا «عاطف» الذي قال في لهجة صادقة: لستُ أنا! وسكتت الضحكات، ونظر الجميع إلى «تختخ» … وكان واضحًا أن اتِّهامه غير صحيح، وأن «عاطف» لم يُرسل فردة الحذاء إليه، بوصفها مَقْلَبًا في أول أبريل، وأنَّ عليه أن يُصحِّح معلوماتِه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة