تشهد الدولة المصرية الآن العديد من التطورات في كافة المجالات وما بين ليلة وضحاها نجد بناءا جديدا في مصر وحركة التعمير والتنمية تنطلق في كل مكان علي أرض مصر، هذا بجانب العديد من المبادرات التنموية الفاعلة التي تخصص لفئات مختلفة في الوطن وفي مقدمتها الشباب والمرأة ومحدودي الدخل وغيرهم …كل ذلك يتمازج في انسيابية تاريخية تلقائية مع مصر الحضارة والتاريخ والهوية الشعبية التي تنطق بها كل بقعة علي أرض الوطن.
هذا الموزاييك الفريد من نوعه يحتاج الآن الي إعادة رسم صورته وتصديره للخارج بطريقة تليق بطموحات الولاية الرئاسية الجديدة من جهة وأمال المواطن المصري المهموم بوطنه والغيور عليه من جهة أخرى.
فأى مصر تلك التي نريد أن نصدرها للعالم .. هل هي مصر اللامعة التي نراها في العاصة الإدارية ناجحة ومتحققة وغنية …أم مصر القاتمة التي نراها في بعض الخطابات الاعلامية في صور انتقائية ..فقيرة وحزينة وعنيفة …؟!
الحقيقة …إننا في حاجة الي إعادة النظر لما يسمي مفهوم الدبلوماسية الإعلامية في وضع استراتيجية لتصدير الصورة الحقيقة المصرية الان بما يخدم اهداف الدولة المصرية حاليا ويقدم انجازاتها للعالم .
مخطئ من يعتقد أن الحديث عن صورة مصر فى الخارج هو نوعً من الرفاهية وأنها تقل أهمية فى سلم ترتيب الأولويات الوطنية بجانب مكافحة الفقر والبطالة والعشوائيات، حيث تشير الدراسات والمتغيرات المحيطة الى أهمية الاتصال والإعلام فى رسم ملامح الصورة الذهنية للشعوب والدول فى الوقت الذى بات فيه الإعلام والسياسة وجهان لعملة واحدة وأن هذه الصورة المقدمة للأخر عن الدول والشعوب تؤثر تأثيرا كبيرا فى معطيات الأمن القومى الإقليمى والدولى بل وكثيرا ما تتخذ كذريعة للتدخل الجائر فى شئون الدول الداخلية.
وكلنا ننزعج من الصورة المغلوطة التى تقدم عن مصر فى الخارج مما يستوجب ضرورة العمل على تقديم الصورة الصحيحة لمصر فى الخارج، و أهمية إنتاج خطاب إتصالي وإعلامى مصرى وطنى يستطيع مخاطبة الأخر وتقديم الصورة الصحيحة للإنجاز والنموذج المصري. ومؤخرا تم إطلاق نموذج لإستراتيجية اتصالية وإعلامية اطلقتها احدي منظمات المجتمع المدني الثقافية وهي المنظمة العربية للحوار بالتعاون مع عدد من الجهات الرسمية في الدولة وتهتم بتقديم صورة مصر الصحيحة خارجيا بالطريقة الصحيحة بالإضافة إلى الارتقاء بثقافة الحوار لمحاولة جعل هذا الاداء يؤدى إلى تقليل نسبة الارتباك الاعلامي وتصدير صورة صحيحة عن الانجاز والواقع المصري، ويساعد فى ترتيب أولويات المواطن المصرى بطريقة تسمح بالاصطفاف حول مشروع بناء الدولة, بالإضافة إلى نقل صورة مصرية ايجابية فى الخارج، بدلا من الانجراف فى تقديم قضايا سطحية وهامشية بعيدا عن إبراز عناصر النموذج المصرى المتكامل فى دوائره المتعددة عربيا وافريقيا ودوليا.
فكان من المفيد لهذه الاستراتيجية انها لها توجه متكامل فى تناوله لقضايا ومكونات الهوية الوطنية المصرية أو دعم مشروع الدولة المصرية. والمنطلق الوطني هنا هو أهمية تصحيح صورة مصر الخارجية والرد على كل الادعاءات الباطلة التى تلحق بمصر فى الخارج وتعزيز دور الاتصال المجتمعى والإعلام من أجل إحياء التأثير المصرى فى الخارج فى أفضل صورة من خلال استخدام أدوات القوة الناعمة لمصر: الإعلام- الثقافة-التعليم – المصريين بالخارج -الشباب – الاقتصاد.. وغيرها من بقية أدوات القوة الناعمة المصرية وتسويق الصورة الذهنية السياسية المصرية الأفضل أمام العالم.
وأهمية صناعة الصورة الذهنية المثلى لمصر فى الخارج في الجمهورية الجديدة تعتمد على نقاط قوة تتمثل فى توافر اهتمام سياسى مصرى الآن لتدارك القصور فى مجال الإعلام الدولى واستقرار الوضع السياسى المصرى ووجود نجاحات محققة على الساحتين الداخلية والخارجية مع توافر بنيات إعلامية وثقافية وهيئات مصرية يمكن تفعيلها لخدمة مقاصد إستراتيجية ولكن تواجهها نقاط ضعف الاهتمام الإعلامى بصورة مصر بالخارج وغياب التنسيق بين مكونات المجتمع ووسائل الإعلام فى مجال صورة مصر وضعف التأهيل الإعلامى فى مجال الصورة الذهنية، وأمام تحديات كبيرة أهمها أوضاع السياسة الدولية وسيطرتها على صناعة الإعلام الدولى.
وتتولد فرص حقيقية فى إنجاح تقديم صورة إعلامية افضل لمصر بالخارج من خلال تحركات فى مجال تصحيح صورة مصر وتنامى الدعوات فى الدوائر المؤسسية إلى الاهتمام بالإعلام االدولى والتنمية المجتمعية، وظهور جيل جديد من الإعلاميين يتقن استعمال التكنولوجيا الحديثة وظهور منظمات مدنية قوية تعمل كجبهة مدنية مستقلة لها مصداقيتها العربية والدولية وتنطلق من مظلة وأرضية وطنية.
وهي مسئولية مشتركة ليست مسئولية الجماعة الإعلامية أو النخب المدنية بمفردها وإنما مسئولية مشتركة للجميع يتقدمهم صانع القرار السياسى فى الدولة من أجل رسم ملامح هذه الهوية الفسيفسائية المصرية البديعة وتصديرها للخارج إعلاميا بشكل علمى ومدروس ومعلن للجميع قابل للتطبيق كل فى مجال تخصصه. إننا فى حاجة ماسة إلى إبراز المشروع المصرى الحالى فى وسائل الإعلام المصرية والعربية والدولية بطريقة مهنية وموضوعية تظهر نموذج الجمهورية الجديدة الناجح المصرى وهو ما قد يتطلب معه توظيف جميع آليات زيادة الانتماء للوطن والعمل على النهوض به وإبراز القواسم المشتركة التى من شأنها إحداث حراك مجتمعى متجانس مكمل لدعم ترسيخ صورة ذهنية ايجابية فى تقديم صورة مصر إعلاميا أمام العالم …مصر الجديدة الواعية والتي تدرك تحدياتها ولكنها تبني إنجازاتها بثقة واقتدار .. تستمد من عبق تاريخها رسوخها ومن حيوية شبابها إنطلاقها نحو المستقبل وبناء الإنسان .